ألمانيا: انتخابات بافاريا تؤجج الصراع على زعامة الحزب الاجتماعي المسيحي

09 أكتوبر 2018
الصراع يتركز بين هورست زيهوفر وماركوس سودر (سيان غالوب/Getty)
+ الخط -
قبل أيام من موعد الانتخابات البرلمانية في ولاية بافاريا المقررة يوم الأحد المقبل (14 أكتوبر/تشرين الأول)، بدأ الصراع الداخلي على قيادة الحزب الاجتماعي المسيحي البافاري يظهر في وسائل الإعلام، بعد آن آثر القياديان البارزان زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي، وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر، ورئيس حكومة الولاية ماركوس سودر، خلال الفترات السابقة تفادي الإفصاح عنه.

زيهوفر، الذي يلعب آخر أوراقه قبل موعد الانتخابات، يرفض أن يكون كبش فداء. من جهته يحاول سودر التصويب، ولو تلميحاً، على إخفاقات الحزب، متهماً زيهوفر بأن له اليد الطولى لتراجع شعبيته المستمر لصالح الأحزاب الأخرى بينها البديل من أجل المانيا والخضر.
ومع رضوخ قادة ومؤيدي الاجتماعي في بافاريا لواقع النتائج الكارثية لاستطلاعات الرأي، والتي لم تعد تمنح الحزب أكثر من 33 في المائة من الأصوات بعدما كانت 47,7 في المائة في العام 2013، بدأ النزاع المفتوح حول المسؤولية عن التقييمات السلبية لشعبية الحزب يظهر، وسط الاصطفافات بين قياديي الحزب بخصوص الصراع على السلطة. وتجلى هذا الأمر في تصريحات صحافية لزيهوفر، إذ دافع عن نفسه ضد التهم الموجهة إليه بخصوص الأرقام السيئة التي يحققها حزبه وسط الناخبين.



وأكد زعيم الاجتماعي، في حديث لصحيفة زود دويتشه تسايتونغ، أخيراً، أنه لم يتدخل في سياسة الحزب منذ قرابة 6 أشهر. ولفت إلى أن رئيس حكومة ولاية بافاريا هو المسؤول عن الاعتبارات الاستراتيجية للحملة الانتخابية. ولمّح إلى أن محسوبين على الأخير يقفون وراء التسريبات المنتقدة لسياسته تجاه قضية الإعادة القسرية للاجئين والنزاع مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والتي كانت وراء تراجع شعبية الحزب. وشدد على أن كل النقاشات والتوجهات حول الهجرة ومسألة رفض اللاجئين على الحدود تمت بالتوافق مع قيادة الحزب وكتلته البرلمانية وأنه لم يعمل ضد توجهاتها.
في المقابل، قال سودر لصحيفة بيلد، وفي انتقاد غير مباشر لزيهوفر، إن أرقام استطلاعات الرأي تأثرت بشكل لا يصدق بسياسة برلين إضافة الى مسؤولية الائتلاف الكبير من خلال طريقة عمله جزئياً عن تلك النتائج، في إشارة إلى سياسة الائتلاف الحاكم والأغلبية التي يمثلها الاتحاد المسيحي (حزب ميركل المسيحي الديمقراطي وحزب زيهوفر الاجتماعي المسيحي)، وضعف ميركل أمام زيهوفر بعدما استطاع فرض شروطه في ملف مدير الاستخبارات انس جيورج ماسن وبعض النقاط في ملف أزمة الهجرة.

وحذر سودر، من استخدام معايير برلين في البرلمان البافاري، على اعتبار أن معايبر التعاطي مع الملفات على المستوى الاتحادي تختلف عنها في الولايات، فضلاً عن أن الاهتمامات مغايرة لدى الناخب البافاري عن باقي الناخبين في الولايات الألمانية الأخرى. ولفت سودر إلى أن المشاجرات الداخلية تضر دائماً بغض النظر عن من يأتي بها. واعتبر أنه عندما تأتي الأنا أولاً تغيب القدرة على الحكم. وساند سكرتير الدولة في وزارة الداخلية الاتحادية شتيفان ماير، الذي يعمل ضمن فريق زيهوفر، سودر في هذا الموقف. وقال ماير لصحيفة فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ إن حضور الحكومة الاتحادية كان يجب أن يكون أفضل. ولفت إلى أنه يتعين "علينا في المستقبل أن نعتزم القيام بتحسين الظروف المعيشية للناس في ألمانيا". ونبّه من أن تفتيت البرلمان في بافاريا إلى 6 او 7 كتل حزبية سيكون سيئاً للعمل مستقبلاً وللحكم في بافاريا، بعد أن كانت ولعقود تنعم بحكومة مستقرة تعمل بشكل ديناميكي وحققت الكثير من التطوير والازدهار.

في موازاة ذلك، لاقت تصريحات زيهوفر في الآونة الأخيرة انتقادات من قبل محللين على اعتبار أن سياسة "الأنا" لدى زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي البافاري تطغى في سلوكه. كما أن تصريحاته بعدم تحمله المسؤولية عن الحالة التي وصل إليها حزبه قد تدفع به إلى الهاوية، وهذا تكتيك في التوقيت الخطأ ولا يخدم حزبه، وفيه إشارة واضحة إلى أن الأخير يريد أن يبقى في المقدمة ولن يتراجع امام اللوم الذي يلقى عليه من الحزبيين. كما تناقض مواقفه التوقعات التي تتحدث عن إمكانية استقالته من زعامة الحزب بعد الانتخابات، إلا إذا رضخ للضغوط التي يبدو أنها تأخذ منحىً تصاعدياً ضده. 
وأكد زيهوفر لصحيفة " فيلت ام زونتاغ" أنه باقٍ في منصبه كوزير للداخلية في الحكومة الاتحادية وأن انتخابه كزعيم للحزب حصل من قبل المندوبين خلال المؤتمر الحزبي وولايته تنتهي الخريف المقبل.
ووفق ما ذكرت "دير شبيغل" أخيراً يوجد نوع من التعبئة في صفوف الاجتماعي ونية لدى الاعضاء لاستبعاده من مفاوضات تشكيل الائتلاف الجديد لحكومة بافاريا بعد الانتخابات.

وتبقى الخشية من حصول أزمة حادة في صفوف الاجتماعي على ضوء النتائج المتوقعة والتي ستشكل سابقة في تاريخه.
أمام هذا الواقع، حذر الأمين العام للحزب البافاري ماركوس بلوم من "عدم القابلية للحكم" في بافاريا في ظل هذه الفسيفساء من الأحزاب المرشحة لدخول برلمان الولاية. وأوضح في مقابلة مع مجموعة بافاريا الإعلامية أن المهمة الآن هي الوصول إلى حوالى نصف الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم بعد. كما أشار إلى أن المطلوب "تركيز كل طاقاتنا على الحملة الانتخابية وليس على أي قضايا أخرى أو النقاشات الداخلية". ويلقى هذا التوجه تأييداً في أوساط الحزب لكون القاعدة مهتمة هذه الأيام فقط بالحد من الضرر ورفع نسبة التفاؤل، بأن تخالف النتيجة يوم 14 اكتوبر كافة التوقعات.
في هذه الأثناء، طالبت المستشارة أنجيلا ميركل، خلال المؤتمر العام لشباب حزبها المسيحي الديمقراطي، نهاية الأسبوع الماضي في مدينة كيل، الاتحاد المسيحي (الذي يضم الشقيق الأصغر الاجتماعي المسيحي)، بإنهاء الخلاف حول ملف الهجرة وعدم التعامل أو إدارة النقاشات كما لو أن الأمر في العام 2015، لأن الوضع تبدل تماماً. ولفتت إلى أنه يتعين على التحالف المسيحي أن يتفاعل مع الوضع القائم بخطة مشتركة للحد من مخاطر تراجع شعبية الاتحاد (27 في المائة)، بالقول "لقد ساهمنا من خلال نزاعنا أن تكون استطلاعات الرأي كما هي الآن".

وتمنح استطلاعات الرأي الأخيرة الحزب الاجتماعي المسيحي 33 في المائة، والخضر 18 في المائة، والاشتراكي 12 في المائة، والبديل من أجل ألمانيا 10 في المائة، والليبرالي الحر 5,5 في المائة، واليسار 4,5 في المائة والناخبين الأحرار 10 في المائة. ووفق هذه الأرقام فإن المقاعد الـ 181 المخصصة لنواب برلمان بافاريا ستتوزع على الشكل التالي: 69 نائباً للاجتماعي المسيحي و36 للخضر و24 للاشتراكي و20 للناخبين الأحرار و20 للبديل و11 لليبرالي الحر. ومثل هذه النتيجة قد تسمح باستبعاد الاجتماعي المسيحي عن الحكم إذا ما التم شمل الخضر مع الاشتراكي والناخبين الأحرار والليبرالي الحر وتتشكل عندها أغلبية ضئيلة داخل البرلمان. إلا أن الباب يبقى مفتوحاً على كل الاحتمالات انطلاقاً من الخصوصية التي تتمتع بها عملية الاقتراع في الولاية، ويمكن أن تؤدي إلى أغلبية معينة تنتج ائتلافاً متجانساً.

دلالات
المساهمون