دعوات إسرائيلية لإعادة تقييم الرهان على بن سلمان

21 أكتوبر 2018
وصف سياسات بن سلمان بـ"المتهورة" (ويلكتور سزيمانوفيتش/Getty)
+ الخط -
في الوقت الذي تعاظمت الدعوات في تل أبيب لإعادة النظر في التحالف مع نظام الحكم السعودي، أكدت إسرائيل أنها ستواصل دعم نظام الحكم في الرياض على الرغم من تفجر قضية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في 2 أكتوبر/ تشرين الأول.

وفي أول تعقيب إسرائيلي، قال وزير إسرائيلي "بارز" إن حرص تل أبيب على دعم السعودية والحفاظ على التحالف معها، على الرغم من تفجر قضية خاشقجي، "ينبع من اعتبارات الأمن القومي التي تحكم توجهات حكومة بنيامين نتنياهو".

ونقل المعلق الإسرائيلي البارز بن كاسبيت، في تقرير نشرته النسخة العبرية لموقع "المونتور"، اليوم الأحد عن الوزير، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، قوله: "التهديد الإيراني، الذي نتعاون مع السعوديين على مواجهته، يقع على رأس أولوياتنا، في حين أن قضايا السعودية الداخلية أقل أهمية بالنسبة لنا".

وأبدى الوزير ارتياحه لأن تفجر قضية خاشقجي تزامن مع وجود الرئيس دونالد ترامب في سدة الحكم بواشنطن، وليس سلفه باراك أوباما، قائلا: "لو كان أوباما في السلطة لوجدنا الولايات المتحدة توجه الصفعات بكل قوة لنظام الحكم السعودي".

وامتدح الوزير تعامل ترامب مع قضية خاشقجي، مشيرا إلى أن "هذا السلوك ينبع من تشخيص صحيح للواقع في الشرق الأوسط"، معيدا للأذهان "الخطأ الكبير" الذي وقع فيه أوباما عندما عمل على إجبار الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك على التنحي بعد تفجر ثورة 25 يناير.

وأشار إلى أن "ترامب يتخذ الموقف الصحيح، لأنه يرى أن ضمان استنفار الأنظمة العربية لمواجهة إيران أهم من تحولها للديمقراطية".



وشدد كاسبيت على أن "جميع المستويات السياسية التي تحدث إليها نفت بشكل مطلق أن تؤثر قضية خاشقجي على التحالف والشراكات السرية مع نظام الحكم السعودي".

واستدرك كاسبيت أن مسؤولا سياسيا إسرائيليا أوضح له أنه "يتوجب على نظام الحكم السعودي أن يعدل من سلوكه في المستقبل من أجل توفير بيئة تسمح بتواصل التحالف بين النظام وتل أبيب".

وأضاف المسؤول: "بوسع السعوديين أن يقرروا في النهاية، فلم يعد بوسعهم أن يواصلوا التمتع بكل العوالم، عليهم أن يختاروا إن كانوا معنيين بالتقارب مع إسرائيل وتعزيز تحالفهم مع الولايات المتحدة، أو أن نظام الحكم في الرياض معني بمواصلة البروز كديكتاتورية تتبنى عمليات التصفية التي تحرج حتى فلادمير بوتين"، على حد تعبيره.

وأوضح كاسبيت أن قضية خاشقجي قلصت هامش المناورة أمام إسرائيل، "ونسفت الرواية التي وضعتها لتبرير تحالفها مع السعودية وعدائها لتركيا". وأضاف أن إسرائيل، الحليف للسعودية والخصم اللدود لتركيا، تصور ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، على أنه إصلاحي ليبرالي، في حين تقدم الرئيس التركي طيب رجب أردوغان "كمستبد يعتقل الصحافيين"، مشيرا إلى أن اغتيال خاشقجي "نسف الرواية، حيث ظهرت حقيقة بن سلمان، في حين برز أردوغان كزعيم متزن مسؤول ومتنور ومدافع عن الديمقراطية".

وأضاف: "لقد بدا السعوديون متعطشين للدماء لدرجة أنهم لم يترددوا في قتل صحافي داخل ممثلية دبلوماسية، إلى جانب أنهم برزوا كهواة وضعاف الخبرة، مما جعلهم يتركون الكثير من الآثار التي تدلل على مسؤوليتهم عن الجريمة".

وذكر أن ما فاقم الأوضاع سوءا بالنسبة لإسرائيل حقيقة أن قضية خاشقجي "مسّت بمكانة الرئيس ترامب وأحرجته داخليا".

من ناحيته، دعا المعلق الإسرائيلي يوسي ميلمان إلى "إعادة النظر في التحالف مع نظام بن سلمان".

وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف" اليوم، قال ميلمان إن "استلاب ولي العهد السعودي للنزوات والغطرسة كان يجب أن يشعل الأضواء الحمراء لدى كل الدول التي على علاقة تحالف مع الرياض"، مشيرا إلى أن "مظاهر خضوع بن سلمان للنزوات والغطرسة برزت في الماضي دون أن يقف عندها أحد".

وحذر ميلمان من أن "إسرائيل والولايات المتحدة والدول الغربية وجميع الأطراف التي تقيم علاقات تحالف وتعاون وشراكات علنية وسرية مع نظام الحكم السعودي يجب أن تشعر بالخطر في حال تولى محمد بن سلمان الملك في الرياض".

وأوضح أن إسرائيل تحديدا مطالبة بإعادة النظر في علاقتها مع الرياض بعد أن تعاظم مستوى التعاون والتنسيق الأمني والسياسي السري بين الجانبين، مشيرا إلى أن "رئيس الموساد الحالي يوسي كوهين، وأسلافه إفرايم هليفي ومئير دغان ومئير باردو، التقوا بنظرائهم في الرياض؛ في حين أن رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت التقى بقادة سعوديين".

وشدد على أن "تهور بن سلمان وافتقاده هو والفريق الذي يعمل معه الحد الأدنى من التعقل جعلهم يعتقدون أنه بالإمكان قتل خاشقجي، الشخصية المعروفة، في القنصلية دون أن يوجه العالم أسئلة". وأشار إلى أن "تهور بن سلمان وغطرسته ونزواته تجسدت أيضا في احتجاز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وإجباره على الاستقالة، واعتقال 200 من الأمراء وغيرها من الخطوات التي تعكس تحرر سلوكه من الضوابط".

وتساءل: "هل بن سلمان الزعيم الذي يمكن للولايات المتحدة وإسرائيل أن تعتمدا على التحالف معه في أداء المهام الأساسية ومواجهة التحديات التي يزخر بها الشرق الأوسط؟ هل هذا هو الزعيم الذي بالإمكان الركون إلى معاييره وتقديره للأمور"؟


وأضاف: "بعد أسبوعين من الأكاذيب، نجحت السعودية في فبركة كذبة جديدة بشأن ظروف مقتل خاشقجي"، مشيرا إلى أن "أحدا في العالم لم تنطل عليه النسخة الأخيرة من الرواية السعودية".

وسخر ميلمان قائلا: "لا يوجد في الرواية السعودية ما يمكن تبرير أن يتم إرسال أخصائي تشريح ومعه منشار لتمزيق الجثة بوحشية".

وذكر أن الرئيس الأميركي، وبخلاف التقارير التي تقدمها له الأجهزة الاستخبارية، يحاول تبرئة بن سلمان ويحرص على التذكير بأن السعودية دولة حليفة لأميركا، وأنه لن يتنازل عن عقود بيع السلاح.

واستدرك ميلمان قائلا إن "أولئك الذين يدعون الإدارة الأميركية إلى فرض عقوبات على نظام الحكم في الرياض في أعقاب تصفية خاشقجي يعون تماما أن هذه العقوبات يمكن أن تتسبب في مشاكل".

وأبرز أن الأميركيين يواجهون مشكلة حقيقية، على اعتبار أن فرض عقوبات على نظام الحكم السعودي الحالي ستمس بمصالح استراتيجية واقتصادية للولايات المتحدة، على اعتبار أن السعودية سوق للمنتجات الحربية الأميركية، علاوة على أن السعودية تسهم بشكل كبير في ضبط أسعار النفط، بما يتناسب مع مصالح الغرب، إلى جانب أن واشنطن تراهن على دورها في التصدي لإيران. 

وأشار إلى أن "إضعاف نظام الحكم السعودي سيفضي إلى تعزيز مكانة إيران، مما يفاقم حجم الأعباء على الولايات المتحدة وإسرائيل".

وأشار ميلمان إلى أن "العلاقات الأمنية والاستخبارية بين تل أبيب والرياض تعززت بشكل كبير في عهد محمد بن سلمان"، مشددا على أنه "من غير المستبعد أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد التقى ببن سلمان".

وأضاف أن "إسرائيل تقوم بتزويد السعودية سريا بتقنيات سايبر لتمكين نظام الحكم في الرياض من تعقب معارضيه".