بعد حملات الاعتقالات السعودية... رجال الأعمال في بيوتهم ومعتقلو الرأي في السجون

30 يناير 2018
الإفراج عن غالبية رجال الأعمال المعتقلين بالفندق(فايز نورالدين/فرانس برس)
+ الخط -

بعد قيام السلطات السعودية بإغلاق (فندق – معتقل) الريتز كارلتون وسط الرياض والإفراج عن غالبية رجال الأعمال والأمراء الموجودين فيه والبالغ عددهم 325 شخصاً بعد إجبارهم على التوصل إلى تسوية مالية مع السلطات السعودية والتنازل عن جزء كبير من ثروتهم، وتحويل البقية إلى سجن الحائر في الرياض، لا يزال معتقلو الرأي في البلاد من الكتاب والصحافيين ورجال الدين ونشطاء حقوق الإنسان والشعراء في السجون المتفرقة من دون تواصل مع ذويهم.

وكان جهاز أمن الدولة السعودي، الذي يتبع بشكل مباشر ولي عهد البلاد الأمير محمد بن سلمان، قد قام بحملة اعتقالات واسعة مطلع شهر سبتمبر/ أيلول الماضي طاولت عشرات رجال الدين والشعراء والمفكرين والكتاب والاقتصاديين، بسبب معارضتهم قرارات الحكومة السعودية

الاقتصادية والسياسية ورفض بعضهم الانضمام إلى الحملة الإعلامية ضد قطر بعد حصارها، واستهدفت في غالبها أفراد "تيار الصحوة" الديني الذي ذاع صيته وانتشر في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي وكان حليفاً للحكومات السعودية السابقة.


وعاد جهاز أمن الدولة مرة أخرى بعد انتهاء حملة "اعتقالات الرأي" إلى حملة جديدة استهدفت كبار رجال الأعمال والأمراء، بحجة القضاء على الفساد، إذ اعتقلت السلطات الأمير متعب بن عبدالله وشقيقه الأمير تركي بن عبدالله أمير الرياض الأسبق ومستشار والدهما خالد التويجري ومهندس صفقة اليمامة الأمير تركي بن ناصر والأمير الوليد بن طلال والشيخ وليد الإبراهيم مالك مجموعة الـmbc الإعلامية وابن شقيقته الأمير عبدالعزيز بن فهد ورجال الأعمال بكر بن لادن وصالح كامل وإبراهيم العساف وزير المالية الأسبق وعشرات من رجال الأعمال والتجار الآخرين.

وبلغ عدد معتقلي الرأي التقريبي في الحملة الأخيرة، بحسب إحصاءات "العربي الجديد"، أكثر من 250 معتقلاً، من أبرزهم رجل الدين والداعية سلمان العودة، والأكاديمي الإسلامي عوض القرني، والكاتب والمحلل الاقتصادي عصام الزامل، والإعلامي والكاتب الصحافي صالح الشيحي، والأكاديمي مالك الأحمد، والأكاديمي والمفكر علي العمري، والباحث الإسلامي والسياسي عبدالله المالكي، والمؤرخ الإسلامي محمد موسى الشريف، والأكاديمي والكاتب مصطفى الحسن، والأكاديمي رزين الرزين.

وبحسب تصريح معارضين وناشطين حقوقيين سعوديين لـ"العربي الجديد" فإن قائمة المعتقلين يتم تحديثها باستمرار دائم، وذلك نتيجة لاكتشاف اعتقال بعض الأشخاص الذين لم يرغب أهلهم في الإعلان عن اعتقالهم، راجين أن تفرج السلطات عنهم، لكن استمرار اعتقالهم من دون التواصل معهم أدى إلى نشر الخبر ومطالبة السلطات بالإفراج عنهم، ومن أبرز هؤلاء المعتقلين الدكتور وليد فتيحي، الطبيب والإعلامي السعودي الذي تم توقيفه في سجن الريتز كارلتون قبل أن تقرر السلطات نقله إلى سجن الحائر، بحسب تصريح رئيس مركز القسط لحقوق الإنسان يحيى عسيري لـ"العربي الجديد".

وينحدر وليد فتيحي، مقدم برنامج "ومحياي"، من أسرة غنية من مدينة جدة غرب المملكة العربية السعودية وتتاجر في الذهب والألماس، ما يزيد التوقعات بأن احتجاز السلطات السعودية له كان بهدف الضغط عليه وعلى عائلته للتنازل عن جزء من ثروتها لمصلحة السلطات، كما فعلت مع العائلات الثرية الأخرى، ولم تفرج السلطات عن أحد من معتقلي الرأي سوى عن رمز الصحوة سعيد بن مسفر الذي أفرج عنه بسبب كبر سنه وظروفه الصحية وتدخل عدد من شيوخ القبائل كشفعاء له، كذلك أفرجت السلطات عن الشاعر زياد بن حجاب بن نحيت، بعد وساطة إماراتية قادتها زوجة ولي عهد أبوظبي سلامة بن حمدان، بحسب مصادر "العربي الجديد"، وبشروط منها أن يلقي قصائد هجائية في قطر ومديحية لمصلحة محمد بن سلمان.


وقال الناشط والمعارض السعودي يحيى عسيري لـ "العربي الجديد": "إن هناك ظلماً يقع على معتقلي الرأي الذين لم يُحاكم أحداً منهم ومُنع التواصل بينهم وبين أهاليهم، واقتادتهم السلطات إلى أماكن مجهولة وسجون لا تتوفر فيها أبسط سبل العيش وتهمتهم الوحيدة هي مطالبتهم بحقوق الإنسان وبهامش أكبر من الحريات، بينما قامت السلطات بوضع رجال الأعمال والأمراء الذين قالت إنهم فاسدون في فندق فخم، ووفرت لهم كل سبل الراحة، كما ظهر جلياً في لقاء الوليد بن طلال، وأفرجت عن كثير منهم بعد ذلك بصفقات لم ير الشعب طبيعتها ولم يعرف قيمتها ولم تستند إلى أي قانون أو وثيقة دستورية".