الاستفتاء الكتالوني في موعده... ومدريد تزيد الخناق

26 سبتمبر 2017
من تظاهرة مؤيدة للانفصال في برشلونة (جوسيب لاغو/فرانس برس)
+ الخط -
أيام قليلة على "الأحد المنتظر" في كتالونيا ـ إسبانيا، الذي يُفترض أن يقترع فيه الكتالونيون لمصلحة الانفصال عن إسبانيا، وفقاً لآخر استطلاعات الرأي، لا تزال السلطات المركزية في مدريد، تحاول منع حصول الاستفتاء. وشكّلت خطواتها الأمنية الأخيرة خطوة إضافية في تعزيز غموض سؤال "هل يجري استفتاء كتالونيا في 1 أكتوبر/تشرين الأول المقبل أم لا؟".

بدأ كل شيء مع تحرّك مدريد بصورة ميدانية، وقيام قوات الحرس المدني (شرطة شبه عسكرية)، باعتقال 14 شخصاً من أعضاء حكومة الحكم الذاتي، المسؤولين عن الجانب التنظيمي واللوجيستي للاستفتاء، يوم الأربعاء الماضي، قبل الإفراج عنهم مؤقتاً يوم الجمعة. وجاء تحرّك قوات الحرس المدني، إثر تلكؤ شرطة كتالونيا، وعناصرها الـ17 ألفاً عن تنفيذ مذكرة قضائية متعلقة بالاعتقال، في صورة مؤكدة لرفض الغالبية الساحقة من سكان الإقليم سلطات الحكومة المركزية. كان من المتوقع أن تؤدي خطوة الاعتقال إلى وقف، أو تجميد، أو تأجيل الاستفتاء، إلا أن الكتالونيين اعتبروا أن "الدولة الإسبانية أعلنت حالة الاستثناء في كتالونيا، وتعرّضت حكومة الإقليم لاعتداء يرمي إلى منع شعب كتالونيا من التصويت" كما قال رئيس حكومة إقليم كتالونيا، كارليس بيغديمونت، الذي جزم بأن الاستفتاء سيجري. كما تمّ توزيع حوالي مليون بطاقة انتخابية في الإقليم، حسبما أعلن رئيس الرابطة الثقافية لسباق النقاط "أومنيم" للثقافة واللغة الكتالونية، خوردي كويزارت، الذي أضاف أنه "تمّ تسليم أوراق الانتخاب إلى الناخبين الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في برشلونة ومدن أخرى ومجتمعات في كتالونيا". وسبق للشرطة الإسبانية أن صادرت نحو 10 ملايين ورقة اقتراع في الأيام القليلة الماضية.

الشرطة الإسبانية، باتت "قوة احتلال"، برأي الغالبية الساحقة من الكتالونيين. وفي هذا السياق، قالت إحدى المواطنات، نوريا خيمينيز: "نشعر أننا محتلون بقوات الشرطة الإسبانية. نتظاهر منذ عشر سنوات ولن نتوقف الآن عندما لم يتبقَّ سوى أسبوع واحد. علينا المضي قدماً حتى النهاية". وكان قد وصل ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف شرطي من مختلف أرجاء إسبانيا إلى كتالونيا، لمنع تنظيم الاستفتاء. وكان وزير الداخلية الإسباني خوان إغناثيو ثويدو أبلغ مستشار الشؤون الأمنية في الحكومة الكتالونية خواكيم فوم، بقرار مدريد إرسال وحدات من قوات الأمن إلى الإقليم لحفظ الأمن، وأنها "ستتحرك في حال إجراء الاستفتاء".


الخطوات "العسكرية" من مدريد تبدو "مفهومة" قياساً على رعبها من إمكانية استقلال كتالونيا، خصوصاً أن رئيس إقليم الباسك، إينيو أوركولو، دعا الأحد، الحكومة الإسبانية إلى "الاعتراف بسكان كاتالونيا والباسك والسماح لهم بإجراء استفتاء تقرير المصير وفق نموذجي اسكتلندا وكيبيك". وقال "في نظر العالم كله، الحكومة الإسبانية هي جزء من المشكلة وليس من الحل".
مع ذلك لا يبدو أن الإقليم سيوقف عملية التصويت، مع تزايد أعداد التجمّعات المطالبة بإجراء الاستفتاء، في مختلف أنحاء كتالونيا، وإعلان رئيس برلمان الإقليم، كارمي فوركاديل، في برشلونة، نهاية الأسبوع الماضي، أن الانفصاليين "يجب أن يقاوموا استفزازات الحكومة المركزية". وأضاف "إنهم يرون عنفاً في كتالونيا. ولم يكن هناك عنف ولن يكون. نحن شعب مسالم وكل ما نريده هو ممارسة حقنا".

وما رسّخ إمكانية إجراء الاستفتاء في موعده، حتى الآن، هو إعلان نادي برشلونة، الرمز الرياضي لاستقلال كتالونيا، الأسبوع الماضي، أن "النادي يبقى وفياً لالتزامه التاريخي بالدفاع عن الأمة، والديمقراطية، وحرية التعبير وحق تقرير المصير". وكرّس ذلك، خلال المباراة الأخيرة له في دوري الدرجة الأولى الإسباني، والتي شاءت الصدف، أن تجمعه بفريق كتالوني آخر، وهو نادي جيرونا. ومع بداية اللقاء بدأ جمهورا الفريقين الغناء دعماً للانفصال، وحتى أنه في الدقيقة 17 والثانية 14 من اللقاء، كان مقرراً أن ينشد الجمهوران نشيد الاستقلال، إلا أن إحراز هدف في هذه الدقيقة بالذات، جعلهما يحجمان عن ذلك. تعني تلك (الدقيقة 17 والثانية 14)، تاريخاً قاسياً لكتالونيا، ففي عام 1714 خسر الإقليم استقلاله. حتى الآن، إصرار الكتالونيين، على الرغم من معارضة جزء منهم، على إجراء الاستفتاء والانفصال عن إسبانيا، هو الرابح، ما لم تتحرّك مدريد بصورة أكبر قبل 1 أكتوبر.