الانتخابات الرئاسية المصرية في 2018: البحث عن منافس

07 اغسطس 2017
خالد علي حسم أمر ترشحه للرئاسة (فايد الجزيري/Getty)
+ الخط -

تجري تحضيرات لاختيار المرشح الرئيسي الذي سيخوض الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، في مصر، على نار هادئة، أكان من قبل الشخصيات والأطراف المعارضة، أو من قبل أجهزة النظام التي تدرس "اختيار" شخصية منافسة مواصفاتها تناسب ما هو مطلوب من معركة انتخابية تريدها السلطة صورية.

وعلى ضوء قرار المعارض حمدين صباحي عدم الترشح لاستحقاق 2018، بعد تجربتي 2012 و2014، تشهد هذه الأيام طرح أسماء لمرشحين، لم يؤكد أي منهم مسألة ترشحه سوى المحامي خالد علي. إلا أن "العربي الجديد" علمت أن المستشار هشام جنينة قرر بالفعل الترشح، رغم احتمال وجود عائق قانوني بسبب جنسية زوجته الأجنبية. وتنتهي مدة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الرئاسية في 7 يونيو/حزيران 2018. وبحسب نص الدستور المصري يجب أن تبدأ إجراءات الانتخابات قبل أكثر من 120 يوماً من تاريخ انتهاء فترة الرئاسة الحالية، أي أنه من المفترض أن تبدأ هذه الإجراءات في فبراير/شباط المقبل. ورغم ضيق الفترة التي تفصل عن بدء إجراءات انتخاب رئيس مصر المقبل، إلا أنه لم يتأكد حتى الآن من هم المنافسون المحتملون للسيسي-رغم أن السيسي نفسه لم يؤكد حتى الآن خوضه الانتخابات- وكل ما ظهر في الأفق هو مجرد تلميحات أو إشارات تصدر من هذا الشخص المقرب أو ذاك.

عبد الفتاح السيسي

حاولت "العربي الجديد" التعرف إلى خطط المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية في مصر، بمن فيها السيسي، الذي أكدت مصادر مقربة منه أنه لن يعلن ترشحه للانتخابات في الوقت الحالي، وأنه سينتظر للحظات الأخيرة متجاوزاً ما يعرف بمراحل "حرق المرشحين"، ومنتظراً إنجاز المهام التي تقوم بها أجهزة الإعلام والبرلمان والقوى السياسية الداعمة له، من الترويج لعدم وجود بديل عنه وحشد الرأي العام من أجل أن يطالب الرئيس بالترشح مرة أخرى، على غرار ما حدث في المرة السابقة عندما دشنت حملة "كمّل جميلك" لمطالبة المشير عبد الفتاح السيسي وقتها للترشح للرئاسة إنقاذاً لمصر من "الانهيار". ورجّحت المصادر أن يعيد السيسي الكرة، وأن يستخدم هذه الخطة مرة أخرى، وينتظر الأصوات التي تطالبه وترجوه أن يترشح. لكن ما يقلق السيسي فعلياً بحسب المصادر هو ضعف مشاركة الناخبين، كما حدث في المرة السابقة، وهو ما جعله يطالب الشعب المصري بالنزول بكثافة في الانتخابات المقبلة. وحصل ذلك في رده على أحد الحاضرين في مؤتمر الشباب الأخير الذي عُقد في الإسكندرية، عندما سأله عن نيته الترشح في انتخابات 2018، إذ قال السيسي إنه ليس مهماً من سيخوض الانتخابات، المهم هو أن يشارك الناس ويقترعون. وأضاف "أنا مش هجاوب على السؤال كده بصراحة. أنا هقول للمصريين أي كان مين اللي هتجيبوه ده بتاعكم أنتم. بعد ما تجيبوه ما ترجعش تقول أصل ما رحناش كلنا. رحنا الساحل (يقصد رحلات المصيف إلى الساحل الشمالي) مش عارف إيه. فبعد ما جاء فلان قلتوا".


هشام جنينة

على الرغم من وجود شبهة عائق دستوري في طريق ترشّح الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، المستشار هشام جنينة، إذ تنص المادة 141 من الدستور المصري على أنه "يشترط في من يترشح رئيساً للجمهورية أن يكون مصرياً من أبوين مصريين، وألا يكون قد حمل، أو أي من والديه أو زوجه جنسية دولة أخرى"، بينما زوجة جنينة فلسطينية، إلا أن هشام جنينة أكد، لـ"العربي الجديد"، نيته الترشح للرئاسة، مشيراً إلى أن ذلك الأمر لا يمثل عائقاً قانونياً نظراً لأن زوجته لا تحمل جنسية أي دولة أخرى، لأن "الفلسطينية" ليست جنسية معترف بها رسمياً من الأساس، إذ لا يحمل المواطن الفلسطيني جواز سفر رسميا دوليا معترفا به، مثله مثل سائر مواطني دول العالم.

وعلمت "العربي الجديد" من مصادر حكومية بارزة، رفضت الكشف عن أسمائها، أن الدولة قد تسمح لجنينة بالترشح ولن تقف ضد ذلك، على الرغم من إمكانية خوض معركة قانونية حول جنسية زوجته يمكن أن تنتهي بحكم قضائي يمنعه من الترشح، لكن ذلك لن يحدث، بحسب المصادر، إذ إن هناك اتجاهاً داخل أجهزة الدولة يرى في جنينة شخصاً يمكنه لعب دور "المنافس" للسيسي، وهو الأمر الذي تحتاجه الدولة لإظهار أنها أجرت انتخابات نزيهة شهدت تعددية ومنافسة. وعلمت "العربي الجديد" أن اجتماعاً عُقد منذ أيام في منزل جنينة، حضره نواب وشخصيات سياسية وحزبية، توافقوا على الدفع بجنينة كمرشح مدني في مواجهة السيسي. وبحسب المادة 142 من الدستور المصري فإنه "يشترط لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية أن يزكّي المترشح 20 عضواً على الأقل من أعضاء مجلس النواب، أو يؤيده ما لا يقل عن 25 ألف مواطن يملكون حق الانتخاب في 15 محافظة على الأقل، وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة منها". وبالنسبة إلى جنينة فإنه سيسعى إلى تحقيق الجزء الأول من المادة، والذي يشترط الحصول على تأييد 20 عضواً في مجلس النواب.



خالد علي

الوحيد تقريباً الذي حسم أمر ترشحه بشكل نهائي هو المحامي خالد علي، "بطل" معركة مصرية تيران وصنافير. وعلى الرغم من ذلك علمت "العربي الجديد" أنه من الممكن أن يتنازل علي عن الترشح لصالح المستشار هشام جنينة إذا اتفقت القوى المدنية على ذلك، لكن لم يتم حسم الأمر حتى الآن، إذ لا تزال هناك اجتماعات تُعقد على مستوى القوى السياسية والحزبية المدنية لم تصل بعد إلى قرار نهائي لدعم مرشح بعينه. يذكر أن خالد علي، إضافة إلى أنه الوحيد الذي أعلن خوضه الانتخابات، فهو الوحيد أيضاً تقريباً الذي ليست لديه عوائق قانونية أو دستورية للترشح، إلا قضية "الفعل الفاضح في الطريق العام"، والتي يحاكم فيها أمام محكمة الجنح، ويمكن أن يصدر فيها حكم ضده، لكنها في النهاية لا تمثل جريمة مخلة بالشرف، إلا إذا أدرج في قانون الانتخابات الذي لم يصدر بعد مادة تنص على شرط "حسن السير والسلوك للمرشح"، وهي المادة التي رفضتها العديد من القوى السياسية بحجة أنها مطاطة وقد تستخدم لحرمان مرشحين بعينهم من حق الترشح، كما قال النائب والعضو السابق في الحزب الوطني المنحل، حسام بدراوي، في تصريحات صحافية. وتعود قصة "الفعل الفاضح" إلى ردة فعل أقدم عليها علي بإصبعه على قرار القضاء الإداري الذي ثبت مصرية جزيرتي تيران وصنافير.

محمد أنور السادات

يعتبر النائب الذي أسقطت عضويته من مجلس النواب المصري، محمد أنور السادات، بسبب اتهامه بـ"تسريب أخبار المجلس إلى جهات أجنبية" وهي التهمة التي نفاها السادات ولم يقدم المجلس أدلة واضحة عليها، مرشحاً محتملاً لمنافسة السيسي. وترى أجهزة السلطة في السادات فرصة لإظهار الانتخابات المصرية بالشكل الذي يرغب فيه العالم من المنافسة والتعددية، ولا سيما أن السادات شخصية لها حيثية دولية نظراً لعمله في مجال حقوق الإنسان، وبالتالي يمكن الاعتماد عليه لأداء دور "المنافس" أمام السيسي من دون الخشية من حصوله على أصوات تهدد حظوظ السيسي، لأن الرجل نفسه قال في تصريحات سابقة إنه لا يتوقع الفوز على السيسي. وقال ابن شقيق الرئيس المصري الراحل، أنور السادات، إن القيادة الحالية للبلاد خنقت حرية التعبير، بدرجة لا يمكن معها انتقاد الحكومة والتحدث عن المشكلات التي تعاني منها أكبر الدول العربية سكاناً إلا بالترشح للرئاسة. وأضاف أنه يدرس -وهو مؤيد سابق للسيسي- الترشح في انتخابات العام المقبل التي من المتوقع أن يترشح فيها ويفوز بها الرئيس الحالي. وقال السادات، في تصريحات، إن "كل وسائل الإعلام أصبحت مغلقة في وجه الرأي الحر، ولكن لك الحق كمرشح أن تأخذ فرصتك". ويقول السادات إنه لا يعتقد أنه سيفوز بالانتخابات لأنها لن تكون نزيهة، على حد وصفه. ويضيف "أنا عارف إني هاخسر لكن (أريد أن) أخسر بشرف". وأشار إلى أنه لا يسعى لإيجاد أعداء، أو حتى بالضرورة للفوز بالانتخابات، ولكن لفتح قناة للحوار بشأن التحديات التي تحدق بمصر. وأعلن أنه ينتظر ليرى إن كان هناك مناخ سياسي أكثر عدلاً قبل أن يقرر الترشح. وقال السادات "السيسي أصبح لا يستمع لأحد". وأضاف "أطلق يد الأجهزة الأمنية بحيث إنها أصبحت بتظلم ناس كثيرة وبتسجن وبتعذب تحت شعار مكافحة الإرهاب. هو بيعمل ده علشان (من أجل أن) يحقق مجده".
وتجرى انتخابات الرئاسة المصرية باستخدام نظام الدورتين. وينص الدستور المصري على ألا تبدأ إجراءات الانتخاب قبل أكثر من 120 يوماً من تاريخ انتهاء فترة الرئاسة الحالية التي تنتهي في 7 يونيو 2018.

أحمد شفيق

رغم خروج تسريبات من دوائر مقربة من رئيس الوزراء السابق، الفريق أحمد شفيق، تؤكد نيته الترشح لانتخابات 2018، إلا أنه من الصعب تنفيذ ذلك، نظراً لعدة اعتبارات، أولها التقارب الحالي "الشديد" بين السيسي والنظام الحاكم في الإمارات التي تحتضن شفيق المقيم على أرضها منذ فترة طويلة، وسبق أن استخدمته أبو ظبي ضد السيسي، في فترات التوتر بين حكام الإمارات من جهة والسيسي من جهة أخرى. إلا أن طبيعة العلاقات بين النظامين الآن لن تسمح بالدفع بشفيق كمنافس للسيسي، كما أكد مراقبون. الاعتبار الثاني هو الحملة الممنهجة التي يتبنّاها إعلام السيسي في مصر ضد الفريق أحمد شفيق، والتلويح المستمر بإمكانية محاكمته إذا عاد إلى مصر. فعلى الرغم من أن شفيق ليس مطلوباً على ذمة قضايا، إلا أن "العربي الجديد" علمت من مصادر أمنية أنه لم يتم رفع اسمه من قوائم ترقب الوصول بعد، وأنه في انتظار أن يتم ذلك بناء على اتصالات بين القيادة السياسية في الإمارات ونظيرتها في مصر، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن.