محور الحصار يحرّك اللوبي السعودي ببريطانيا للتحريض ضد قطر

01 سبتمبر 2017
تظاهرة دعم لقطر في لندن ــ يونيو 2017(إيزابيل أنفانتيس/الأناضول)
+ الخط -

شرعت وسائل الإعلام الممولة من السعودية والإمارات، أمس الخميس، بالترويج لما وصفته "أول مؤتمر عالمي" يُعقد في لندن منتصف سبتمبر/ أيلول الحالي، لبحث "الأزمة القطرية، ويستشرف الأوضاع وتأثيراتها على الدوحة، وتداعياتها السياسية والاقتصادية الواسعة على الخليج والمنطقة والعالم". لكن التدقيق في التفاصيل الغامضة حول المؤتمر، يظهر أن النائب عن حزب المحافظين في مجلس العموم البريطاني، دانيال كوينشيسكي، المعروف بمواقفه الداعمة للسياسات السعودية، هو من يقف وراء تنظيم هذا المؤتمر.

ويُعرف كوينشيسكي بكونه رأس الحربة في تمثيل المصالح السعودية داخل حزب المحافظين والبرلمان. ولا يخفي كوينشيسكي، البولندي المولد، موقفه المؤيد بقوة للحكومة السعودية. وذكرت صحيفة "الإندبندنت" أن كوينشيسكي، وخلال إحدى رحلاته إلى السعودية، عبر للملك سلمان، عندما كان ولياً للعهد، عن فخره بالتعاون العسكري بين بريطانيا والسعودية. وأشار كوينشيسكي مراراً إلى انشغاله في تأليف كتاب، يصفه بـ"أكثر كتاب مؤيد للسعودية كتبه سياسي بريطاني". ولطالما ردد أنه "يقاتل لمحاربة الجهل والتحيز غير العاديين ضد المملكة العربية السعودية". ويدافع كوينشيسكي بشدة عن مقاربة النظام السعودي للحرب في اليمن. ورفض قرار وزير العدل السابق، مايكل غوف، بإلغاء عقد مع إدارة السجون السعودية، وعبر عن غضبه من القرار بطريقة مثيرة، إلى درجة أنه صفع جبهته وصاح "لا" خلال مناقشة برلمانية حول هذه القضية.

ولا يخرج تنظيم مؤتمر لندن، وغيره من فعاليات العلاقات العامة، عن سياق الحملات المعادية لدولة قطر، والتي لا تتوقف عند حدود الفبركات الإعلامية على الهواء وصفحات الصحف ومنصات الإعلام الإلكتروني، بل تجري، بموازاة ذلك، في ردهات المؤسسات السياسية ومراكز الأبحاث والدراسات. فبينما تسعى وسائل الإعلام التقليدي والجديد للتأثير على شرائح الرأي العام، تنشط أدوات العلاقات العامة للضغط على صناع القرار في عواصم العالم. ويظهر هذا الدور لبعض شركات العلاقات العامة في الحملات التي اندلعت خلال السنوات الأخيرة في العواصم الغربية النافذة، ضد دولة قطر. ولم يعد سراً أن تلك الحملات كانت ممولة وموجهة من دول عربية خليجية، ترى في الدور القطري منافساً لها. وقد أفادت تقارير، نشرت في وسائل إعلام بريطانية، بأن سفارة الإمارات في لندن تستعين منذ العام 2010 على الأقل بخدمات شركة العلاقات العامة والاتصال السياسي "كويلر"، التي تضم في فريق عملها مستشارين سابقين لرؤساء الوزراء في بريطانيا، وقيادات حزبية، وصحافيين وإعلاميين سابقين، وخبراء في الدبلوماسية العامة والعلاقات الدولية، كما تضم المتحدث السابق باسم الحكومة البريطانية (أول متحدث رسمي باللغة العربية) جيرالد راسل. وتسند السفارة إلى "كويلر" مهمة العلاقات مع الأوساط الإعلامية البريطانية، بالإضافة إلى مهمة العلاقات العامة مع أعضاء مجلس العموم البريطاني، عبر مجموعة أصدقاء الإمارات في البرلمان، والتي ساهمت "كويلر" في تأسيسها.

ولطالما أثار التدخل المباشر لشركات العلاقات العامة في السياسات العامة، والسياسات الخارجية، الكثير من المخاوف بشأن التأثير الأجنبي على صناعة السياسات الخارجية للدول الكبرى. وقد تنبه الرئيس الأميركي الراحل، جورج واشنطن، لخطورة لجوء الدول والأنظمة السياسية إلى القنوات الخلفية للتأثير على صناع القرار في واشنطن، لذلك عمد إلى تحذير الشعب الأميركي من "التأثير الخبيث للقوى الخارجية على عمل الحكومات المُنتخبة شعبياً". ويتعرض نشاط وكالات العلاقات العامة، العاملة لصالح حكومات أجنبية، للكثير من الانتقاد في بريطانيا، مع دعوات صريحة للتدقيق في نشاط كبرى الشركات، مثل "بيل بوتينجر"، و"براون لويد جيمس"، و"بورتلاند"، و"غرايلينغ"، بسبب عملهم لصالح حكومات أجنبية أو أنظمة ذات سمعة سيئة. ورغم الدور الذي تلعبه جماعات الضغط، وشركات العلاقات العامة، إلا أن هذا لا يعني أن جهودها تُكلل دائماً بالنجاح. إذ إن الكثير من الحملات قد تُمنى بالفشل، بصرف النظر عن الإمكانيات المادية التي تُرصد، وبغض النظر عن مكانة الشركات التي تقوم بها. فبينما نجحت شركات العلاقات العامة المُستخدمة من قبل دولة الكويت، في حشد الرأي العام الأميركي، وصناع القرار التشريعي والتنفيذي في واشنطن، لدعم قرار التدخل العسكري الأميركي لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي في العام 1991، لا يبدو أن الحملات التي توظفها السعودية، منذ هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، لتحسين صورتها في العالم، قد نجحت في تحقيق هدفها، إذ يُظهر مؤشر "السمعة" العالمي للعام 2016، أن السعودية لا تزال تحتل المرتبة 67 في قائمة تضم 70 دولة.

المساهمون