ماتيس وجاووش أوغلو في بغداد: انفصال الأكراد و"الحشد" والمليشيات

23 اغسطس 2017
حققت القوات العراقية تقدماً في معركة تلعفر(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

تخرج الزيارة الثانية لوزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، إلى بغداد، خلال أقل من ستة أشهر من طابعها العسكري لتكتسب بعداً سياسياً بالدرجة الأولى. وكشف مسؤولون عراقيون في بغداد عن بحث ماتيس جملة من الملفات الأمنية والعسكرية والسياسية، أبرزها وضع القوات العراقية وتقويتها، وتثبيت الاستقرار في المدن المحررة حديثاً وإعادة جميع سكانها إليها بلا قيد أو شرط، ومعارضة واشنطن انفصال كردستان عن العراق، وتطور العلاقة بين بغداد والرياض. وتزامن وصول ماتيس مع إعلان وزارة الخارجية التركية عن زيارة لوزير الخارجية، مولود جاووش أوغلو، إلى بغداد، اليوم الأربعاء.

وعقد ماتيس، فور وصوله إلى بغداد على متن طائرة عسكرية أميركية، اجتماعات قصيرة مع جنرالات الجيش الأميركي في العراق وقيادات عسكرية ومسؤولين في السفارة الأميركية ببغداد. وقال مسؤول حكومي بارز، لـ"العربي الجديد"، إن "اجتماعاً مطولاً جرى بين رئيس الوزراء، حيدر العبادي، ووزير الدفاع الأميركي، والذي حمل مجموعة من الملفات معه، من أبرزها وضع القوات العراقية في معركة تلعفر، وإمكانية حسم المعركة بأسرع وقت ممكن، ورفع دعم التحالف الدولي للقوات المشاركة، وتعزيز استقرار المدن المحررة من داعش، عبر إعادة جميع أهلها إليها من دون قيد أو شرط، وسحب المليشيات منها". وأكد المسؤول أن "الجانبين بحثا قضية وجود حزب العمال الكردستاني قرب تلعفر، وانتفاء الحجة لوجوده بعد زوال داعش من المدينة"، مبيناً أن "العبادي وعد بحسم هذا الملف في أسرع وقت ممكن". وتابع أنّ "الجانبين بحثا أيضاً ملف ضبط الحدود العراقية السورية بعد نهاية وجود داعش"، مشيراً إلى أنّ "ماتيس طالب العبادي بضرورة انسحاب مليشيات الحشد من الموصل وتسليم الملف الأمني إلى القوات النظامية". وأوضح أنّ "ماتيس اتفق مع العبادي على حسم هذه الملفات بأسرع وقت ممكن وعدم المماطلة فيها"، مبيناً أنّ "ماتيس وعد العبادي بتدريب واشنطن 7 آلاف مقاتل عراقي ليكونوا نواة حرس حدود مع سورية من جهة الموصل، أسوة بحرس حدود الأنبار مع سورية". وكشف أن "الاجتماع بحث ملف تطور العلاقات العراقية السعودية، والتي وصفها الوزير بالخطوة الممتازة، فضلاً عن تجديد واشنطن رفضها مشروع الاستفتاء الكردي لانفصال كردستان عن العراق ودعمها وحدة البلاد".

وكان ماتيس قد قال، قبل الزيارة، إن "تركيزنا حالياً هو على إلحاق الهزيمة بداعش داخل العراق، وإعادة فرض سيادة العراق ووحدة أراضيه". واعتبر أن "أيام داعش معدودة بالتأكيد، لكن الأمر لم ينته بعد ولن ينته قريباً"، موضحاً أن معركة الموصل "كلفت القوات العراقية أكثر من ستة آلاف جريح وأكثر من 1200 قتيل". وشدد على أن استعادة الموصل ما كانت لتحدث "من دون ثبات رئيس الوزراء العبادي في إعادة تشكيل هذا الجيش الذي كان مشتتاً في عام 2014، الجيش الذي ورثه". وأعلن مبعوث الرئيس الأميركي لدى التحالف الدولي، بريت ماكغورك، من جهته، أن "الاستفتاء (في كردستان) في هذا الوقت سيكون كارثياً للحملة ضد داعش". وأضاف "ليست الولايات المتحدة وحدها، كل عضو في التحالف يعتقد أنه ليس الوقت المناسب لإجراء هذا الاستفتاء".

من جانبه، قال رئيس لجنة الأمن والدفاع العراقية، حاكم الزاملي، إن الزيارات الأميركية للعراق صارت مسألة روتينية. وأشار، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "لا توجد إملاءات أميركية على العراق بالمعنى الحرفي، لكن هناك ضغوطاً بشكل أو آخر في جوانب معينة، وواشنطن ترغب بعقود تسليح جديدة مع العراق، خصوصاً الدبابات وطائرات أف 16". وقال "بخصوص معركة تلعفر، إنه يمكن الإعلان مبكراً أن المعركة ستحسم بسرعة لصالح القوات العراقية، واليوم هناك عمليات فرار جماعية لداعش من تلعفر عبر الأنفاق باتجاه الأراضي السورية" وفقاً لقوله. وجاءت زيارة ماتيس بالتزامن مع زيارة مرتقبة لجاووش أوغلو إلى بغداد، الأمر الذي يؤشر إلى وجود ملفات مشتركة بين العراق وتركيا على طاولة البحث. وأعلنت وزارة الخارجية التركية، في بيان، أنّ "جاووش أوغلو سيلتقي خلال زيارته لبغداد بالرئيس العراقي، فؤاد معصوم، ورئيس الحكومة، حيدر العبادي، ورئيس البرلمان، سليم الجبوري، ووزير الخارجية، إبراهيم الجعفري، ومن ثم سيتوجه إلى أربيل للقاء رئيس الإقليم، مسعود البرزاني، كما سيلتقي مسؤولين تركمان أيضاً". ومن المرجح أن تركز زيارة جاووش أوغلو اليوم الأربعاء على ملف "حزب العمال الكردستاني" الذي بات شرط طرده من شمال العراق المفتاح الوحيد لانسحاب القوات التركية من العراق.



واعتبر نائب رئيس الجبهة التركمانية العراقية، حسن توران، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الزيارتين، الأميركية والتركية، إلى العراق، هدفهما التأكيد على رفض استفتاء كردستان وإعادة الاستقرار إلى المدن المحررة. وقال توران إن "معالجة آثار داعش، وتثبيت الاستقرار، وتقديم الدعم، ملفات مشتركة تضاف إلى رفض انفصال كردستان عن العراق. كما أننا قد نشهد زيارات لمسؤولين من دول أخرى في المستقبل القريب إلى العراق، فهناك سعي دولي وإقليمي لثني كردستان عن خطوته ودفعه للتخلي عن الاستفتاء، لأن الكل مقتنع بأن المسألة خطيرة وستربك المشهد السياسي والأمني أيضاً". ولفت إلى أن "الحلول المستدامة في العراق عامل مشترك آخر، وهو إعادة جميع النازحين إلى مدنهم من دون شروط، وترك القضاء العراقي يقوم بدوره في ملاحقة الإرهابيين والمتورطين بالجرائم من دون تدخل سياسي، والتخلي عن العقلية الاقصائية".

وتؤكد مصادر برلمانية عراقية أن أنقرة ستطرح انسحاب قواتها من شمال العراق، في حال طرد بغداد لمقاتلي "حزب العمال الكردستاني"، كونهم يتخذون من مناطق عراقية منطلقاً لشن عمليات داخل الأراضي التركية. ووفقا للمصادر فإن من بين الملفات المهمة التي تسعى تركيا إلى بحثها مع العراق ملف تلعفر ومستقبل البلدة ومصير التركمان فيها، موضحة أنّ "تركيا تحاول الحصول على ضمانات من قبل العبادي بعدم السماح لمليشيات الحشد البقاء في تلعفر ومسك الأرض فيها بعد تحريرها، إذ لا تريد تركيا أن يخرج داعش وتفرض المليشيات سيطرتها وتقمع أهالي البلدة، بمن فيهم التركمان، لذا فإنّ هذا الملف من ضمن الملفات التي تتم تهيئتها للبحث". وقال الخبير السياسي، جاسم الخفاجي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "واشنطن تسعى لحسم الملفات العالقة في العراق، بغية تمهيد الأرض لإجراء الانتخابات العام المقبل"، مشيراً إلى أنّ "دعم واشنطن للعبادي واضح للجميع، وهي تحاول أن تحسم عدداً من الملفات لتكون إنجازاً يحسب للعبادي". وأضاف "هذه الزيارة ستكون تمهيداً لمرحلة ما بعد داعش في العراق، والذي قارب ملفه على الحسم، بعد التقدّم الكبير الذي أحرز في أغلب الجبهات". وتأتي زيارتا ماتيس وجاووش أوغلو إلى بغداد، في وقت تخوض فيه القوات العراقية، المدعومة من قبل التحالف الدولي، معارك في بلدة تلعفر غرب الموصل، حققت فيها تقدماً واضحاً، إذ استطاعت القوات العراقية تحرير حي الكفاح الواقع على الحافة الجنوبية الغربية للمدينة وحي النور شرقي تلعفر.

المساهمون