أكبر موجة انشقاقات في صفوف "داعش" ــ العراق

22 اغسطس 2017
سجلت حالات تمرد على قرارات البغدادي (الأناضول)
+ الخط -
يعاني الجناح العراقي في تنظيم "داعش" من أكبر حالة انقسام داخلي تعصف به منذ تأسيسه بعدما تحولت المعلومات عن الخلافات السابقة داخل التنظيم، والتي كانت ترد من خلال معطيات استخبارية، إلى انشقاقات كبيرة على مستوى القيادات. التقارير العسكرية العراقية التي صدرت، يوم الجمعة الماضي، من بغداد، وتمت مطابقتها مع مصادر محلية داخل مناطق نفوذ "داعش" غرب العراق، تؤكد وجود خلافات حادة نتج عنها، حتى الآن، مقتل عدد من قيادات وعناصر التنظيم عبر عمليات اغتيال أو من خلال أحكام أصدرتها محاكم التنظيم الشرعية.

ويفتقر تنظيم "داعش" حالياً إلى عاصمة محددة في العراق كما كان خلال السنوات الثلاث الماضية بعد خسارته الموصل ومن قبلها الفلوجة والرمادي والرطبة وهيت. وقد جعل هذا الأمر القرارات منقسمة بين قيادة بلدتي الحويجة في كركوك والقائم في الأنبار، وهما أبرز بلدتين لا تزالان تحت سيطرة التنظيم. كما أن مقتل أغلب قيادات الصف الأول في التنظيم على المستوى الشرعي والعسكري أدى إلى تعدد مصادر اتخاذ القرار داخله في العراق وانتهاء مرحلة المركزية في خطوات التنظيم.  ويضاف إلى ذلك الغموض الذي يلف مصير زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي بالنسبة لمقاتلي التنظيم.

ووفقاً لتقارير صادرة عن وكالة الاستخبارات العراقية فإن عدد عناصر التنظيم انخفض إلى أقل من 4 الآف عنصر قتالي في عموم مدن العراق خلال شهر أغسطس/آب الحالي نتيجة فرار أو مقتل عناصر التنظيم. وقال مسؤول عراقي رفيع المستوى في وكالة الاستخبارات، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "تقريراً عراقياً أميركياً مشتركاً في العراق أكد بداية نهاية تنظيم داعش في العراق ككيان قائم معلوم وبدء تحوله إلى عصابات وخلايا مبعثرة". 

ووفقاً للمسؤول نفسه فإن "التصدع الحالي داخل التنظيم يعود لأسباب عدة، من بينها تحميل عدد من القيادات في التنظيم مسؤولية خسارة الموصل لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي وتجاهل توصيات القيادات الميدانية بعدم التحصن داخل المدينة بل التوجه لفتح جبهات جديدة في مناطق مهمة للحكومة تشغلها عن مهاجمة الموصل، فضلاً عن منع قيادة التنظيم خروج الأهالي من الموصل ما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات الآلاف منهم بشكل سبب بخسارة التنظيم ما تبقى من مؤيدين له في الشارع السني العراقي"، على حد قول المصدر.

ولفت المسؤول إلى أن انقطاع التواصل بين قيادات التنظيم بعد قطع العراقيين أغلب الطرق والسيطرة عليها واعتماد الطيران الأميركي أجهزة التشويش التي قطعت الاتصالات الهاتفية والإنترنت عن مدن التنظيم أيضاً "ساهم في توسيع الشق داخل نسيج داعش".

وقتل تنظيم "داعش" قياديين عراقيين هما الشيخ سعيد الجبوري بتهمة نقض بيعة أمير المؤمنين والتمرد على قراراته، والشيخ محمد طيب الملقب بأبي جابر العراقي بتهمة "التولي من الزحف" بمعنى الفرار من القتال، وهي تهمة تستوجب القتل في أبجديات تنظيم داعش. إلا أن مصادر محلية عراقية أكدت لـ"العربي الجديد" أن مقتل الشيخين جاء بسبب تمردهما على قرارات البغدادي الذي حملوه مسؤولية انتكاسة التنظيم عبر قراراته الفردية وعدم العودة لأي من قيادات التنظيم في المشورة. وتتصارع حالياً القائم والحويجة على السلطة في إدارة الجناح العراقي بالتنظيم وسط خلافات حادة بين القيادات والخلايا الموجودة خارج البلدتين.

وقال العقيد فلاح فاضل العبادي من قيادة الشرطة الاتحادية العراقية، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "وثائق ومعلومات مهمة جرى الحصول عليها من مقرات التنظيم بالموصل تؤكد انخفاض عدد المتطوعين في صفوف داعش إلى أقل مستوى له منذ تأسيسه". وبحسب ما يرد في الوثائق توجد شكوى من إقبال المجاهدين العرب على تنفيذ عمليات انتحارية. كما تؤكد أن قسماً منهم غادر العراق ويبحث عن طريقة للعودة إلى بلده، لا سيما العناصر المتحدرين من دول المغرب العربي وأوروبا.

من جهته، قال مقرر لجنة الأمن والدفاع العراقية، شاخوان عبدالله، في حديث مع "العربي الجديد"، إن المعلومات المتوفرة لدينا حول وضع التنظيم حالياً مبشرة للغاية. وأضاف "هناك خلافات واقتتال وتنازع، وزيادة الضغط عليه عسكرياً ستوضح ذلك أكثر". ويضيف "كان تحرير الموصل القشة التي قصمت ظهر البعير. الخلاف الحالي بينهم سببه وجود قيادات ميدانية يتمردون على زعيم التنظيم البغدادي ويتهمونه بالتسبب بخسارتهم ولا يعتبرونه قائداً كفؤاً".

كما لفت عبدالله إلى أن "قطع إمدادات داعش وطرق التواصل بين عناصر التنظيم كان له تأثير كبير. وحسب المعلومات التي لدينا فإن عناصر داعش طلبوا من البغدادي إرسال مقاتلين لهم من مدينة الرقة لمساندتهم بالقتال في الموصل، لكنه لم ينفذ ذلك، ما جعل القيادات العسكرية يحملونه مسؤولية كبيرة في خسارتهم الموصل ويتهمونه بأنه فضّل الرقة على الموصل".

وأكد مقرر لجنة الأمن والدفاع العراقية أن الخطة الحالية لمطاردة التنظيم "محكمة، ومن المفترض أن تنتهي سيطرة داعش على المدن العراقية خلال أشهر قليلة من الآن، لذا يمكن القول إن ملامح نهاية داعش في العراق كتنظيم باتت مسألة وقت لا أكثر. لكن يبقى تشرذم عناصره وتحولهم إلى خلايا مبعثرة هو تحدٍ قائم ولدينا ثقة أنها مرحلة قصيرة أيضاً". وأشار إلى أن "خطة الاتفاق الأمني الثلاثية بين بغداد وأربيل والتحالف الدولي لها الفضل في الوصول إلى هذه الأيام التي شهدنا فيها كسر شوكة داعش".

إلى ذلك، كشف مسؤول عراقي حكومي ببغداد عن تعاون كبير من قبل السلطات التركية في اعتقال ستة أعضاء في تنظيم داعش فروا من الموصل ودخلوا تركيا بشكل غير شرعي، ومن المؤمل أن يتم تسليمهم للعراق.

المساهمون