التقارب التركي الإيراني يقلق إسرائيل

21 اغسطس 2017
زيارة باقري لأنقرة أزعجت إسرائيل (كيهان أوزير/الأناضول)
+ الخط -

تنظر إسرائيل بقلق شديد إلى مظاهر التقارب التركي الإيراني غير المسبوقة، التي عكسها توافق الطرفين على صياغة آليات مشتركة للتنسيق في سورية. وتخشى تل أبيب أن يفاقم التقارب التركي الإيراني بيئتها الاستراتيجية سوءاً، لا سيما أن هذا التطور جاء في أعقاب الحملة الدعائية التي تشنّها إسرائيل ضد التواجد الإيراني و"الشيعي" في سورية، والتي يُتوقع أن تكون حاضرة في زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأربعاء المقبل إلى روسيا للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وتوقفت تل أبيب تحديداً أمام الزيارة التي قام بها رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري إلى تركيا أخيراً، وهي الزيارة الأولى التي يقوم بها مسؤول عسكري إيراني بهذا المستوى إلى أنقرة منذ الثورة الإسلامية في إيران في العام 1979. ومما زاد من الحساسية الإسرائيلية تجاه زيارة باقري، حقيقة أنه تم الإعلان عن أن الطرفين اتفقا على التعاون في ما بينهما في سورية، بعد أن ظلت أنقرة وطهران على خلاف شديد تجاه الوضع السوري، إذ دعمت تركيا فصائل من المعارضة السورية ضد نظام بشار الأسد، في حين قامت طهران بدعم الأخير.

ورأى وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلية السابق، المدير العام لـ"مركز يروشليم لدراسة الجمهور والدولة"، دوري غولد، أن التحوّل في الموقف التركي وموافقة أنقرة على التعاون مع طهران وموسكو في سورية "تطور سلبي ويجب أن يثير القلق لأنه يعزز من قدرة طهران على تعزيز تأثيرها في البيئة الإقليمية". ونقل موقع صحيفة "ميكور ريشون" عن غولد قوله إن موافقة تركيا على التعاون مع إيران تحسّن من قدرة الأخيرة على تدشين "ممر بري يربط إيران بكل من العراق وسورية ولبنان"، بشكل يفضي إلى إحداث تحوّل سلبي على بيئة إسرائيل الإقليمية. وحذر غولد من تداعيات التعاون، لا سيما العسكري، بين إيران وقوة إقليمية كبيرة مثل تركيا، محذراً من أن مثل هذا التحوّل لا يمثّل "أخباراً سارة لإسرائيل".
وحث غولد إسرائيل على مراقبة مظاهر وتداعيات التعاون التركي الإيراني في المنطقة، مشيراً إلى أن هذا التحوّل يدل مجدداً على أن "الخصومة والخلاف الكبيرين بين القوى الإقليمية لا يمنع من التعاون، ولو بشكل مؤقت من أجل تحقيق أهداف مشتركة"، على حد تعبيره.


ولفتت صحيفة "ميكور ريشون" إلى أن ما يدل على "خطورة التقارب بين أنقرة وطهران، حقيقة أنه تم تعزيزه بشراكات اقتصادية ضخمة، ستغري الأتراك والروس بالمضي قدماً نحو الاندفاع صوب إيران". وأشارت الصحيفة إلى أن شركة تركية وأخرى روسية وقّعتا أخيراً مع صندوق حكومي إيراني على عقدين للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في إيران بقيمة سبعة مليارات دولار. وحسب الصحيفة فإن "خطورة" التقارب الإيراني التركي لا تنبع فقط من حقيقة النوايا الإيرانية وموقف طهران تجاه تل أبيب، بل تعود أيضاً إلى "كراهية" الرئيس التركي طيب رجب أردوغان لإسرائيل.

ومما زاد من حدة القلق الإسرائيلي، أن الأنباء الواردة من واشنطن تؤكد أن الوفد الأمني الإسرائيلي الذي يزور واشنطن حالياً بهدف اقناع إدارة دونالد ترامب بتغيير موقفها من التواجد الإيراني في سورية، لم يحقق حتى الآن نجاحات تُذكر في هذه المهمة. ونقل موقع "والاه" الإسرائيلي عن مصدر في الوفد الذي يرأسه رئيس جهاز "الموساد" يوسي كوهين، قوله إنه لم يحدث أي تغيير في موقف الولايات المتحدة وروسيا من التواجد الإيراني في سورية، على الرغم من المباحثات التي أجراها الوفد مع مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي الجنرال اتش ار ماكمستر ونائبته دينا باول والمبعوث الخاص لمنطقة الشرق الأوسط جيسون غرينبلات.

وأضاف المصدر أن الجهود والمحاولات الإسرائيلية لإحداث تغيير على الاتفاق الروسي الأميركي بشأن "المناطق الآمنة" في جنوب سورية "ستتواصل حتى يتم إقناع الروس والأميركيين بضرورة إخراج الإيرانيين وقوات حزب الله والمليشيات الشيعية" من المناطق القريبة من حدود فلسطين المحتلة. واعتبر المصدر أن هذه القضية "تُعد من أخطر القضايا الطارئة التي تؤثر على أمن إسرائيل"، مشدداً على أن تحرك تل أبيب سيتواصل على كل الصعد من أجل ضمان تحقيق المصالح الإسرائيلية. يُذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مارس أخيراً ضغوطاً على إدارة ترامب بهدف اقناعها بالتحرك ضد التواجد الإيراني و"الشيعي" في سورية من خلال التلويح بتوجيه ضربة عسكرية لهذا التواجد.

المساهمون