الحوثيون يحيون أسبوع الصرخة: رسائل للأعداء والحلفاء

20 يوليو 2017
تظهر الجماعة تمسكها بشعارات البدايات الأولى(محمد حمود/ الأناضول)
+ الخط -

أحيت جماعة أنصار الله (الحوثيين)، في اليمن، ما يُسمى "أسبوع الصرخة"، والذي يعد من أهم المناسبات التنظيمية لدى الجماعة منذ تصاعد نشاطها قبل 15 عاماً، في حين أشار زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، في خطابٍ وجهه بالمناسبة، إلى تصعيد جديد لعمليات التحالف في اليمن.

الاحتفال بـ"أسبوع الصرخة" يحمل هذا العام رسائل ودلالات مرتبطة بالحرب التي تخوضها الجماعة وحلفاؤها، مع قوات الشرعية والتحالف بقيادة السعودية، بالإضافة إلى الخلافات الصامتة للجماعة مع حليفها حزب المؤتمر، الذي يترأسه المخلوع علي عبدالله صالح، والتي تصاعدت منذ ما يقرب من عام.

ووجّه، اليوم الخميس، زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، خطاباً متلفزاً نقله تلفزيون "المسيرة" التابع للجماعة، بمناسبة "الصرخة"، أعلن خلاله عن "جاهزية جماعته لإرسال مقاتلين لمواجهة العدو الإسرائيلي، في فلسطين أو لبنان"، وتحدث عن أن التحالف بقيادة السعودية، على أعتاب تصعيد جديد لعملياته العسكرية في اليمن. 

وقال "إننا حاضرون للمشاركة العسكرية في أي مواجهة مع العدو الإسرائيلي، بثقافتنا وبتوجهنا، ونحن حاضرون لهذا بكل جد".  

وأضاف أنه "ينبغي على العدو الإسرائيلي أن يحسب حسابه للشعب اليمني في أي مواجهة قادمة له مع "حزب الله" أو مع الشعب الفلسطيني". وتابع "حاضرون حتى ونحن في ظروف العدوان علينا، والذي تشارك فيه أميركا وإسرائيل والسعودية والإمارات وبريطانيا ودول أخرى، وبكل مقدرات أدواتهم". 

وتوجه إلى الأمين العام لـ حزب الله اللبناني، بالتأكيد على الاستعداد لدعمه، وقال "نؤكد لسماحة السيد نصر الله أن رهانك على الشعب اليمني في محله، وسيكون موقف الشعب اليمني مشرفا في أي مواجهة لكم مع العدو الإسرائيلي ومستعدون لإرسال المقاتلين".

من جانب آخر، توقع الحوثي تصعيداً مرتقباً من قبل التحالف، وقال إن ما سمّاه "العدوان على أعتاب مرحلة تصعيد عسكري جديد ضد الشعب اليمني، وأن ذلك يأتي بإيعاز من وزير الدفاع الأميركي، عندما قدم إلى المنطقة الأسبوع الماضي، حيث شدد على ضرورة التصعيد حتى نهاية العام الميلادي". 

ومن المقرر أن تشهد صنعاء غداً الجمعة، مهرجاناً جماهيرياً، دعت إليه "اللجنة التحضيرية للذكرى السنوية للصرخة 1438"، وقالت إن "هذه المناسبة فرصة لتعزيز الصمود" بوجه ما وصفته بـ"العدوان على اليمن"، إشارة إلى التدخل العسكري بقيادة السعودية، بالإضافة إلى "الوعي بالمخاطر التي تتعرض لها الأمة الإسلامية، ومعرفة ما حمله شعار الصرخة من قيم وتوجهات عظيمة"، وفقاً للجنة. 

 فعاليات في صنعاء والمحافظات
وشهدت العاصمة اليمنية، خلال الأيام الماضية، جملة فعاليات نظمها الحوثيون احتفاء بـ"ذكرى الصرخة"، وكان أبرزها، وفقاً لمصادر محلية لـ"العربي الجديد"، تنظيم الجماعة عرضاً عسكرياً رمزياً، لقواتها بأزياء الجيش ووحدات الأمن الحكومية الرسمية، حيث رفع المسلحون شعار الجماعة الذي يُطلق عليه "الصرخة"، ورددوه أثناء العرض، وهو "الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام".

كما نظمت فعاليات فرعية على مستوى المحافظات والمديريات، وأقامت ندوات ومهرجانات خطابية، ومنها ندوة مثيرة نظمتها "الوحدة الأكاديمية" للجماعة في جامعة صنعاء، تحت شعار"الصرخة وتأثيرها علی واقع ومستقبل الأمة"، ولاقت الندوة انتقادات واسعة في الأوساط المعارضة للحوثيين، والتي تتخذ موقفاً من شعار الجماعة، وترى أن تنظيم الندوات يأتي في إطار استعراض الحوثيين لسيطرتهم على التعليم والمؤسسات الحكومية في صنعاء. 

 

وتشير عبارة "الصرخة"، إلى ترديد شعار الجماعة (الموت لأميركا...)، الذي هو في الأصل من شعارات الثورة الإسلامية في إيران، ويعود إحياؤه إلى عام 2002، حين ألقى مؤسس الجماعة، حسين بدر الدين الحوثي، محاضرة شهيرة بعنوان "الصرخة في وجه المستكبرين"، وخلالها حث أتباع الجماعة على الانطلاق بترديد "الصرخة" أو (الشعار)، في تطور، كان أحد أهم الأسباب، التي قادت مع أسباب أخرى إلى تفجر المواجهات عسكرياً بين أتباع الحوثيين والقوات الحكومية، في الحرب الأولى عام 2004. 

 

ومن أبرز الرسائل والدلالات التي يكتسبها احتفاء الجماعة بـ"الصرخة"، بعد 15 عاماً، أنها تأتي بعد أكثر من عامين، على انطلاق عمليات التحالف العربي العسكرية ضد الجماعة وحلفائها، بعد الانقلاب، على الحكومة الشرعية، واجتياح المدن وغيرها من الاتهامات، إلا أن الجماعة ومن خلال الفعالية توصل رسالة بأنها صمدت في وجه ما تصفه بـ"العدوان"، وأنها لا تزال تستعرض قواتها في صنعاء، بعد عشرات الآلاف من الغارات الجوية. 

 

إلى ذلك، تظهر الجماعة ومن خلال التمسك بفعالية "أسبوع الصرخة"، تمسكها بشعارات البدايات الأولى، والتي تثير لغطاً واسعاً وانتقادات حتى من بعض من يؤيدون الجماعة، يرون أن الشعار (الموت لأميركا، الموت لإسرائيل...)، لا يعكس نهجاً سياسياً من الجماعة يتناسب مع تحولها إلى سلطة أو جزء من السلطة، خصوصاً أن الشعار بدأ من إيران، ويعزز الاتهامات الموجهة للجماعة بالارتباط بطهران، فضلاً عن أن بعضهم ينظر إليها بأنها دعوة "عنصرية"، وغير ذلك من الانتقادات. 

وخلال الأعوام الماضية، كان "الشعار/الصرخة"، مثار جدل، بسبب المقترحات التي يميل إليها بعض قادة الجماعة، بالتخلي عن "الشعار"، غير أن الاحتفاء به هذا العام، يعكس تمسك الجماعة بجناحها التنظيمي بـ"الشعار"، واعتباره جزءاً من تاريخها وأسسها الفكرية والتنظيمية، على الرغم من أن ممثلين عن الحوثيين، عقدوا العام الماضي، لقاءات مع مسؤولين أميركيين في العاصمة العُمانية مسقط، وأبرزها لقاء جمع رئيس وفد الجماعة المفاوض، محمد عبدالسلام، مع وزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري. 

 

من زاوية أخرى، كان واضحاً أن الجماعة استقبلت مناسبة "ذكرى الصرخة" هذا العام، لتحيي نشاطها التنظيمي الذي تستعرض فيه فعالياتها وثقافتها، كنوع من المنافسة أو إبراز الحضور، الذي يجاري فعاليات تنظيمية أقامها حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يترأسه صالح، في مناطق سيطرة الشريكين، خلال الشهرين الماضيين، وكانت فعاليات الحزب بما فيها الأمسيات الرمضانية تجد امتعاضاً من بعض الحوثيين الذين يسعون للحفاظ على نفوذهم وسيطرتهم في صنعاء ومحيطها، ويخشون من أي نشاط معارض. 

ويعد "شعار الصرخة" أحد أسباب المواجهات بين الحوثيين وحكومة حزب صالح في عام 2004، لكن الطرفين دخلا بـ"تحالف ضرورة"، للانقلاب على الحكومة عام 2014، وبعد أن تدخل التحالف بعمليات عسكرية ضد الطرفين في مارس/آذار 2015، ومنذ ما يقرب من عام، تصاعدت خلافات الشريكين بعد دخولهما في شراكة حكومية غير معترف بها دولياً، مع بروز الصراع حول النفوذ في المؤسسات الحكومية الواقعة تحت سيطرتهما، في ظل حالة من اهتزاز الثقة بين الطرفين. 

 

 

 

المساهمون