هامون يغادر الاشتراكي الفرنسي ويؤسس حركة "الأول من يوليو"

02 يوليو 2017
هامون: أغادر "الاشتراكي" ولا أغادر اليسار (مارتين بورو/فرانس برس)
+ الخط -




لا تزال الهزات الارتدادية تعصف بالبيت الاشتراكي الفرنسي، بعد ولاية رئاسية اشتراكية كارثية، وانتخابات رئاسية وتشريعية حصد فيها الحزب واحدة من أسوأ النتائج في تاريخه، وعلا فيها نجم حركتين سياسيتين جديدتين، هما "الجمهورية إلى الأمام" و"فرنسا غير الخاضعة".

وبعد أن غادر كثير من قادة الحزب والتحقوا بحركة الرئيس الفرنسي الجديد، "الجمهورية إلى الأمام"، وبعد أن غادر رئيس الحكومة السابق، مانويل فالس، أيضاً، الحزب، جاء الدور على المرشح الرسمي للحزب في الانتخابات الرئاسية، بونوا هامون، ليغادر، بدوره، المركب الاشتراكي، ويتركه في أسوأ حالاته، خاصة مع بوادر انقسام في مجموعته البرلمانية، التي لا تتجاوز ثلاثين نائبا، إلى ثلاث فرق، إحداها تدعم، بشكل مفتوح، الرئيس ماكرون وأغلبيته الرئاسية، وستصوت على التصريح الحكومي، والثانية تصرّ على أنها من المعارضة، وبالتالي فهي ستصوّت ضد التصريح الحكومي، والثالثة تلتزم الحياد، فتمتنع عن التصويت. 

ولكن الفرق بين بونوا هامون والآخرين كبير. فإذا كان جميع من غادر الحزب، باستثناء المرشح الرئاسي السابق، قد فعل ذلك بحثا عن حزب أكثر ليبرالية، وعن يقين بأنه يجب تجاوز ثنائية اليسار واليمين المزمنة، انسجاماً مع فلسفة الرئيس إيمانويل ماكرون، القائلة بأنه "تقدّمي، وليس من اليمين ولا من اليسار"، فإن هامون غادر الحزب وهو يصرّ على أنه من اليسار. "أنا أغادر الحزب الاشتراكي ولا أغادر اليسار، ولا الاشتراكيين. ولن أتخلى عن المثال الاشتراكي. لأني سأكون أكثر نفعا وأنا خارجه".

ولم يكن أحد يتوقع أن يقدِم هامون على هذا القرار، خصوصا أن أنصاره كانوا يرون له دورا كبيرا في إعادة بث الحياة في الحزب الاشتراكي، في انتظار أيام أفضل، لكنه فاجأ أكثر من 11 ألف شخص من أنصاره المحتشدين، والذين قدِموا من كل أرجاء فرنسا، أمس السبت، في باريس، بأنه قرر مغادرة الحزب، بعد ثلاثين سنة من النضال الحزبي فيه، معلنا، بعدها، عن إنشاء حركة سياسية جديدة (حركة الأول من يوليو).

وأضاف أمام ذهول وخيبة كثيرين من أنصاره أن "الاشتراكيين لن يعودوا للسلطة بقدرة قادر"، وأن الحل هو "استبدال الإطار" (السياسي). وطمأن الجمهور بأنه سيظل اشتراكيا، وأنه مؤمنٌ بـ"ضرورة الصراع الاشتراكي". وناشد الشباب العمل معه على "بناء اليسار".   

ولم يقطع هامون شعرة معاوية مع المناضلين الذين سيظلون في الحزب الاشتراكي، ووعدهم باللقاء في النضالات القادمة التي سيتم خوضها، لأن الجميع، كما يقول بونوا، سيجدون أنفسَهُم في "عائلة اليسار الكبيرة"، والتي من دونها لن "يكون ثمة نصرٌ ممكن".

ووعد هامون، ابتداء من شهر سبتمبر/أيلول، بتشكيل لجان محلية لهذه الحركة السياسية الجديدة.

وفي إشارة إلى صعوبة المرحلة القادمة، وفي ظل تشتت اليسار، رغم أن قياديين من الإيكولوجي كانوا إلى جواره وأيدوا انسحابه من الحزب الاشتراكي، ومنهم سيسيل دوفلو، انتقد بشكل جانبي جان لوك ميلانشون، الذي لا يفوت أي فرصة للإجهاز على الحزب الاشتراكي، فقال هامون، وهو في غمرة انتقاده لرئيس الجمهورية، الذي وصفه بـ"ساركوزي، لكن أكثر مرحا، وبهولاند، لكن أقل تعقيدا"، والذي قال إنه سيُطبّق سياسات أكثر قسوة من سياسات فالس، (قال) إن "جان لوك ميلانشون لا يجد سوى التخلص من ربطة العنق وسيلةً للتعبير عن معارضته (للحكومة) في البرلمان".

ويستطيع هامون أن يعتمد في مشروعه السياسي الجديد على بعض رفاقه، ومنهم يانيك جادو، رئيس الحزب الإيكولوجي، الذي انتقد بقوة "أوروبا "الرسمية" التي تبعث على الكراهية"، وأيضا على رفيقه السياسي والأكاديمي اليوناني، يانيس فاروفاكيس، الذي دعا إلى تأسيس حركة أوروبية عبر- وطنية، تكون ملاذا للاشتراكيين والشيوعيين والاشتراكيين الديمقراطيين والليبراليين، وإن كان يعرف جيداً أن اليسار، في هذه الفترة التاريخية، ليس في فرنسا وحدها، ولكن في كل أوروبا، خاصة ألمانيا، غير قادر على تحريك الحشود والجماهير، وبالتالي الوصول إلى السلطة أو الاستمرار فيها.