قوات النظام السوري تتقدم بالبادية... وأميركا تغضّ الطرف

15 يوليو 2017
نقل النظام السوري مقاتليه إلى البادية (جروج أورفليان/فرانس برس)
+ الخط -

تتصدر التطورات في البادية السورية واجهة الأحداث في البلاد، إذ تدور معارك بين فصائل مسلحة معارضة، مدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية من جهة، وقوات النظام والمليشيات من جهة أخرى، والتي تتقدم في مناطق استعادتها المعارضة من تنظيم "داعش"، في ظل غض نظر أميركي.

وأفادت مصادر مطلعة من البادية السورية، "العربي الجديد"، بأن "قوات النظام والمليشيات الإيرانية، التي تقدمت على محور ريف السويداء الشرقي عبر قرى أم السناسل شعاب، استطاعت الوصول إلى سد الزلف والمخفر الروماني، وهو في منطقة مرتفعة يطل على منطقة الرحبة. والمحور الآخر الذي تقدمت إليه هو من بير قصب إلى تل مكحول وتل سيس وصولاً إلى تلول الصفا وتلول سلمان، بحيث أصبح الوعر الغربي كاملاً، من سد الزلف إلى بير مكحول، مع النظام".

من جانبه، قال المتحدث باسم "جيش أسود الشرقية"، سعد الحاج، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "النظام بدأ بالتقدم بعد يوم واحد من بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الأميركي الروسي الخاص بالمنطقة الجنوبية. وهذا التقدم بدأ من محور ريف السويداء الشرقي، الذي كان من المفترض أن يكون مشمولاً باتفاق وقف إطلاق النار، ومن محور ريف دمشق الشرقي، من جنوب السين باتجاه عمق البادية". واعتبر أن "تقدم النظام والمليشيات لم يكن سهلاً، رغم الآلة العسكرية الكبيرة التي تشارك في العملية، بحكم أنهم سحبوا معظم مقاتليهم وعتادهم من غالبية الجبهات في سورية إلى البادية، وذلك على مرأى جميع الفصائل والمجتمع الدولي". وأضاف أن "المعركة على الأرض غير متكافئة والجميع يعلم ذلك، وصمود الجيش الحر حتى اليوم هو صمود أسطوري، بحكم أنه يواجه أربع دول، هي إيران والعراق وروسيا والنظام، بالإضافة إلى أكثر من 30 مليشيا، يقدر عدد مقاتليها بنحو 3 آلاف مقاتل، مدعومين بعدد كبير من المدرعات الثقيلة، وتمهيد مكثف من المدفعية الثقيلة والطيران الحربي. كل ذلك سمح لهم بالتقدم في ريف السويداء الشرقي وريف دمشق الشرقي، لكن المعارك ما تزال مستمرة". ولفت إلى أنه "خلال الأيام الماضية تم استنزاف قوات النظام، عبر استهداف عدة أرتال له، واسقاط طائرة حربية نوع سوخوي، وإعطاب مروحية حربية، وقتل أكثر من 60 عنصراً من المليشيات، وتدمير العديد من الآليات".


وأعلن الحاج أنه "ليس لأسود الشرقية أي تنسيق أو تعاون مع التحالف الدولي وطيرانه، وذلك في كل المعارك التي خاضها ضد تنظيم داعش أو النظام، إذ يدعم التحالف في البادية جيش مغاوير الثورة فقط، ولقتال داعش حصراً"، معتبراً أن "التقدم الذي حدث تم بمباركة دولية خفية، أو بمعنى آخر بغض النظر عن تقدم إيران والنظام من محور ريف السويداء الشرقي". وأعرب عن "اعتقاده باحتمال أن يكون ما يجري في البادية يهدف للضغط على الفصائل للانتقال إلى الشدادي، ومحاربة داعش في دير الزور، إضافة إلى أنه قد يكون هناك اتفاقات غير معلنة خاصة بمناطق تحرك التحالف وروسيا، عبر إطلاق يد الروس في البادية مقابل إطلاق يد التحالف في دير الزور. هذه ليست معلومات مؤكدة، لكن قراءة لما يحدث على الأرض". وتفيد المعلومات الواردة من البادية أن النظام يحاول أن يطبق الحصار على الفصائل المعارضة المنتشرة في مناطق تل سلطان، وتل شهاب، وتلول ليلى، وخربة الأمباشي، وتل الصفا وما بينها، وهذه تشكل شبه دائرة لا تزال مفتوحة من جهة الجنوب الغربي باتجاه الحدود العراقية الأردنية السورية، عبر محور الرحبة من شرق السويداء وبئر المحروثة-قصر سيس في ريف دمشق.

من جانبه، حذر المسؤول الإعلامي في "قوات الشهيد أحمد عبدو" سعيد سيف، في حديث مع "العربي الجديد"، من أن "استمرار تقدم قوات النظام والمليشيات، والسيطرة على المنطقة المهددة بالحصار، سيؤدي إلى اقترابها من محاصرة منطقة التنف، والسيطرة على نقاط جديدة إلى جانب نقطة ظاظا". وأضاف أن "الحصار سيكون عبر أوتوستراد دمشق بغداد في المحور الشمالي الغربي، والبادية كمحور جنوب غربي، والحدود العراقية، التي نعتبرها منطقة عدوة، تشكل المحور الشرقي، والحدود الأردنية، بطول 18 كيلومتراً من الجهة الجنوبية، هي الوحيدة التي تعتبر صديقة". وكانت البادية تعتبر، خلال الفترة الماضية، منطقة نفوذ أميركية. وأفادت تسريبات بأن واشنطن مهتمة بإبعاد الإيرانيين عن الحدود العراقية بهدف إفشال مشروعهم الرامي للسيطرة على طريق بري يمتد من طهران مروراً بالموصل إلى البادية السورية فدمشق وبيروت، عبر سيطرة فصائل مدعومة منها على مناطق في جنوب سورية امتداداً إلى البادية وصولاً إلى مدينة البوكمال في ريف دير الزور الشرقي، في حين تسيطر "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) على ما تبقى من الحدود العراقية السورية. لكن الوضع تغير، إذ وصلت المليشيات التابعة إلى إيران إلى الحدود العراقية السورية، من دون أن يتحرك الأميركيون.

من جانبه، قال عضو تنسيقية تدمر وريفها، خالد الحمصي، لـ"العربي الجديد"، إن "قوات النظام سيطرت الجمعة على حقل الهيل النفطي، أهم حقول النفط في البادية، والذي يبعد نحو 40 كيلومتراً عن مدينة السخنة، مبيناً أن "خطوط الاشتباكات مع داعش أصبحت تتمركز في محيط حقل الهيل ومحيط منطقة حميمة وسلسلة الجبال شمال غرب تدمر". وحول تواجد قوات النظام على الحدود السورية العراقية في منطقة الوعر، قال الحمصي إن "المنطقة حالياً تعتبر شبه خالية، في حين تقوم دوريات من المليشيات الأجنبية بتمشيط الطريق، بطول 45 كيلومتراً، بين الحدود وسرية الوعر التي يتمركزون بها".