أبوظبي ودعم التنظيمات المتشددة في اليمن: أبعد من المصالح

10 يونيو 2017
تسيطر القوات الموالية للإمارات على عدن (صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من أن القائمة الرباعية المعلنة من معسكر الرياض – أبوظبي – القاهرة - المنامة، والتي شملت أسماء 58 شخصاً، أدرجوا على قائمة "لتمويل الإرهاب"، والتي رفضتها الحكومة القطرية بوصفها "تعزز المزاعم التي وصفها بأنها لا أساس لها"، اهتدت بخارطة اتهامات الخزانة الأميركية، إلا أنها شملت اسماً واحداً من اليمن الغارق في العنف، والذي قاتلت فيه أبوظبي جنباً إلى جنب مع مليشيات لا تخلو من متطرفين من خلفية سلفية أو حتى بعض المحسوبين على تنظيم "القاعدة"، أحد أخطر فروع التنظيم في العالم، كما تصنفه واشنطن.

فقد شملت قائمة الـ58، اليمني عبدالوهاب محمد عبدالرحمن الحميقاني، وهو سياسي سلفي يمني معروف، يشغل منصب الأمين العام لحزب اتحاد الرشاد السلفي، وكان عضواً في مؤتمر الحوار الوطني (المنعقد من مارس/آذار 2013 وحتى يناير/كانون الثاني 2014)، ويتواجد في السعودية منذ تصاعد العمليات العسكرية للتحالف بقيادة السعودية، قبل أكثر من عامين. وكان الحميقاني عضواً في الوفد الحكومي المفاوض بأول جولة مشاورات رعتها الأمم المتحدة في جنيف، في يونيو/حزيران 2015.

وجاء تصنيف الحميقاني في قائمة المتهمين من الدول الأربع بدعم الإرهاب، اقتداء بقائمة الاتهامات التي أعلنتها وزارة الخزانة الأميركية، في ديسمبر/كانون الأول 2015، وضمّت إلى جانبه، القطري عبد الرحمن بن عمير رئيس منظمة الكرامة لحقوق الإنسان، وكان الحميقاني بمثابة مسؤول للمنظمة في اليمن، حيث عملت "الكرامة". واعتبر معترضون على التصنيف أن الاتهامات الأميركية لـ"الكرامة"، حينها، جاءت على خلفية توثيقها الانتهاكات التي تتهم فيها الطائرات الأميركية بدون طيار.

وبغض النظر، عن كون الحميقاني شخصية سلفية يمنية معروفة تتواجد في الرياض، وتنشط في إطار الشرعية، كان لافتاً أن القائمة الرباعية، لم تضم سوى اسمه من اليمنيين المتهمين أميركياً بدعم تنظيم "القاعدة"، في حين أن القائمة تضم العديد من الشخصيات اليمنية بمن فيها قيادات في الحكومة الشرعية التي تنقل بعضها خلال الحرب، بين اليمن والسعودية، كمحافظ البيضاء، نائف القيسي وآخرين، رفضت الحكومة اليمنية الاتهامات الموجهة إليهم، كما رفضتها في عام 2013 بحق الحميقاني.



وتنظيم "القاعدة" في اليمن، من أقوى فروع التنظيم الإرهابي العالمي، وفقاً للتقارير الأميركية، ويضم قيادات سعودية منذ توحد فرعي التنظيم اليمني والسعودي تحت مسمى "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب". ومنذ تصاعد الحرب مع بدء العمليات العسكرية للتحالف بقيادة السعودية، استغل "القاعدة" و"داعش" الوضع الأمني والاقتصادي لتوسيع نشاطاتهما في أكثر من منطقة، واستغرقت بعضها حرباً لاحقة لمواجهة التنظيم.
أما السلفيون في اليمن فينتشرون بأعداد كبيرة، في مختلف مناطق البلاد، وأغلبهم خريجو مراكز كان معروفاً أنها مدعومة من السعودية ومن الإمارات، أو من رجال دين فيها.

وفيما كانت قوات أبوظبي، في واجهة العمليات العسكرية للتحالف جنوباً، فقد دعمت منذ البداية مليشيات من خلفيات سلفية وشارك إلى جانبها في المواجهات ضد القوات الموالية لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، عناصر متطرفة محسوبة على تنظيم "القاعدة"، ظهرت لاحقاً بحرب "تحرير" ثانية، قادتها أبوظبي في مناطق جنوب اليمن.

في عدن، دعم التحالف بقيادة أبوظبي والرياض، المليشيات المتشددة والتي انخرطت بالمواجهات مع الحوثيين، ومن المجموعات التي كانت بقيادة القيادي السلفي البارز، هاني بن بريك (أحد الشخصيات المقربة من محمد بن زايد شخصياً)، وهي المجموعات التي انضوت بعضها لاحقاً تحت مسمى "الحزام الأمني"، المتهمة بممارسة اغتيالات لعدد من الناشطين في مدينة عدن، بتهمة "الإلحاد"، بما جعل البعض يصف الوضع في عدن بأنه إرهاب يمارسه أشخاص يرتدون الزي الرسمي للدولة، يتصرفون كما لو أنهم في تنظيم "داعش".

في 17 يوليو/تموز 2015 أعلنت الحكومة اليمنية تحرير مدينة عدن من الانقلابيين، لكن الجميع فوجئ بأن المسلحين المنتشرين في عدد من الأحياء والذين شاركوا جنباً إلى جنب مع قوات أبوظبي بالتحرير، كانوا منضوين تحت جماعات إرهابية كـ"داعش"، و"القاعدة". وهو ما اتضح في عام 2016، حين بدأ التحالف والقوات الحكومية حملة ثانية من التحرير في الجنوب، ولكن ضد مسلحي "القاعدة"، وبدأت العملية من بعض أحياء عدن وحتى محافظة حضرموت شرقاً.

وفي مارس/آذار العام الماضي، نفذ مسلحو تنظيم "القاعدة"، هجوماً مزدوجاً بمسلحين وانتحاريين مستهدفاً مقر السلطة المحلية المؤقت في مدينة الحوطة، عاصمة محافظة لحج. وخرج مسؤولون عقب الحادثة مباشرة، يصرحون بتصريحات تناقلتها وسائل إعلامية، بأن المهاجمين جاؤوا من منطقة باب المندب، التي قادت فيها أبوظبي المعركة مع الحوثيين وحلفائهم، في واحدة من الحوادث التي تعكس انخراط مقاتلين متطرفين في مليشيات مسلحة قاتلت جنباً إلى جانب مع أبوظبي في اليمن.