غضب يسود الشارع المصري عقب رفع أسعار الوقود

29 يونيو 2017
الزيادة الثانية لأسعار الوقود بأقل من عام (سيد الباز/الأناضول)
+ الخط -
فجّر قرار الحكومة المصرية، رفع أسعار الوقود بنسب تجاوزت 50%، حالة من الغضب لدى المواطنين وقطاعات كبيرة من القوى السياسية المعارضة، وبعض الدوائر المشاركة في صناعة القرار، عشية ذكرى تظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013.

وشهدت محطات الوقود، اليوم الخميس، مشادات بين أصحاب السيارات الخاصة وسائقي الأجرة، وبين أصحاب المحطات، بسبب الزيادة المقررة.

وقال مواطن يدعى فوزي محمد عبد الرحمن، من أمام إحدى المحطات بمحافظة القاهرة، إنه كان من المؤيدين للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وقام بانتخابه في الانتخابات الرئاسية التي أتت به.

وتابع المواطن الذي ذكر اسمه الثلاثي غير عابئ أو متخوف من ملاحقات أمنية: "ندمان على اليوم اللي نزلت انتخبته فيه، بس هعمل إيه كان عندي أمل إنه يكون حد كويس".

من جهته، شنّ النائب هيثم الحريري هجوماً عنيفاً على السيسي وائتلاف "دعم مصر" الذي يمثل الأغلبية البرلمانية، مؤكداً في تصريحات للمحررين البرلمانيين أنّهما هما المسؤولان عن الحال التي وصل إليها المصريون.

ورجّح الحريري أن تشهد الأيام المقبلة تغيير الحكومة الحالية وتقديمها للشعب "كبش فداء"، مقابل ما اتخذته من قرارات، مشيرًا إلى أنّ الأغلبية في مجلس النواب هي المسؤولة الأولى عن كل القرارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية التي تتخذها الحكومة بناء على توجيهات رئيس الجمهورية، وذلك طبقاً لنص المادة 101 من الدستور المصري.

في المقابل، كشف مصدر رسمي بارز مقرب من دوائر صناعة القرار، لـ"العربي الجديد"، عن غضب داخل بعض الأجهزة الأمنية، التي أبدت تخوفها من القرارات "الصدامية" مع الشعب المصري.

وقال المصدر إنّ "جهاز الأمن الوطني رفع تقارير عدة تحذر من غضب الشارع في الوقت الراهن"، موضحاً أنّ الجهاز "رفع تقارير لأكثر من جهة، أهمها رئاسة الجمهورية، أوصى خلالها بوقف القرارات الخاصة بزيادة أسعار البنزين، وعدد من السلع الأخرى، لأنّ الشارع لن يتحملها، خاصة في ظل الغضب من بعض القرارات السياسية، مثل التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير".


ولفت المصدر إلى أنّ "الأمن الوطني ووزارة الداخلية ليس من مصلحتهما حدوث أي صدام شعبي أو انتفاضة جديدة، نظراً لأنّهما في طليعة الجهات المطالبة بوقف هذا الصدام، وكذلك الاصطدام بالشعب مثلما حدث في عهد حسني مبارك"، وفق قوله.

من جهته، وصف عضو لجنة الطاقة بالبرلمان المصري، النائب سيد حجازي، قرارات الحكومة الأخيرة بشأن تحريك أسعار الوقود بـ"العشوائية"، في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعاني منها المصريون طوال الفترة الأخيرة.

وأضاف، في تصريحات للمحررين البرلمانيين، أنّ "هذه القرارات هتعلّم المصريين السرقة"، مذكّراً بأنّ الحكومة كانت قد أكدت لنواب البرلمان أن لا زيادة إطلاقاً في أسعار الوقود خلال الفترة الحالية، ووصل الأمر لتأكيد رئيس المجلس، علي عبد العال، على ذلك أمام جموع النواب، "إلا أننا نفاجأ اليوم بهذه الزيادة وبهذا الحجم، ما يؤكد أنّ الحكومة لا تضع في نظرها الشعب أو نوابه"، بحسب قوله.

وقرارات رفع أسعار الطاقة والمواد البترولية معلنة في برنامج حكومة شريف إسماعيل تحت شعار "الإصلاح الاقتصادي"، منذ مارس/آذار 2016، وكذلك في اتفاق قرض البنك الدولي أواخر 2015، ثم تم التأكيد عليها مرة أخرى في اتفاق قرض الصندوق.

وأقرّ مجلس الوزراء المصري، اليوم الخميس، زيادة أسعار المنتجات البترولية والغاز الطبيعي، وذلك على النحو التالي: "البنزين 80 من 2.35 إلى 3.65 جنيهات/لتر، والبنزين 92 من 3.5 إلى 5 جنيهات/لتر، وسولار من 2.35 إلى 3.65 جنيهات/لتر، والبوتاغاز من 15 إلى 30 جنيهاً للأسطوانة".

وتعد هذه الزيادة الثانية لأسعار الوقود في أقل من عام، بعد رفع الحكومة أسعار الوقود خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وتأتي القرارات عشية ذكرى تظاهرات 30 يونيو/ حزيران 2013 التي تبنّتها حركة "تمرد" من أجل الإطاحة بجماعة "الإخوان المسلمين" من الحكم، واتخذت شعاراتها "ماتنزلش يوم 30/6.. بس إوعى بعد كدة تشتكي لما الكهربا تقطع، أو تشتكي من الضرايب على مرتبك اللي مش مكفيك أصلاً، أو تشتكي من أزمة سولار، أو تشتكي من الأسعار اللي داخلة سباق وإنت بتجري وراها حافي، أو تشتكي لما كرامتك تتهان جوا أو برة بلدك، أو لو راح ابنك وأخوك يخدم الوطن ورجع جثة".

وأعادت القرارات إلى الأذهان وعود السيسي في أوائل يوليو/ تموز 2014، بعد أيام قليلة من الذكرى الأولى لتظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013، التي أعقبها الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز من العام نفسه، في خطاب للشعب المصري، قال فيه: "هذا الشعب لم يجد من يحنو عليه".


وأضاف: "مفيش إجراءات عملتها وزارة التموين عشان تقلل على الغلبان، لأنه صاحب الفيلا بيدعم من الحكومة بـ4 آلاف جنيه، القادر ياخد 4 آلاف و5 آلاف، والمسكين ياخد 50، واللي راكب عربية تمنها مليون جنيه ونص مليون جنيه، أديله 4 آلاف جنيه مش أنا اللي بديله، مصر اللي بتديله".

فاليوم، وفي الذكرى الرابعة لمظاهرات 30 يونيو/حزيران، التي أعقبها الانقلاب العسكري، وأطاحت بالرئيس المعزول محمد مرسي، استيقظ الشعب على قرار الحكومة المصرية رفع أسعار المنتجات البترولية بنسبة تقدر بـ35%‏ لبعض المنتجات، و100%‏ زيادة سعر أسطوانة غاز الطهو (البوتاغاز) لتصل إلى 30 جنيهاً من 15 جنيهاً.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، سادت موجة من الغضب الشديد، وقال الصحافي رامي إبراهيم إنّ "الأرقام واضحة ولا تحتاج إلى متخصص لفهم الانحيازات الاجتماعية للنظام، يعني ببساطة بيعبّر عن مين بيشتغل لمصلحة مين، هو مع مين وضد مين".

وفسّر عبر حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قائلاً إنّ "أكبر نسبة زيادة حتلاقيها في أسطوانات البوتاغاز، ومعروف أن غالبية المستهلكين لها من الريف والمناطق غير المخططة بالمدن (....) وهي مفارقة كاشفة أو قل هي ملخص القرار وعنوان السياسات الاقتصادية التي يفرضها صندوق النقد الدولي. أن يقع العبء الأكبر على الأقل دخلًا".

وكتب أحمد شهاب "#نادم_إني_شاركت_في_ثورة_30 يونيو"، و"#آسف_لكل_أم_معتقل_وشهيد".



المساهمون