أهالي سيناء يخشون سيناريو "الوطن الفلسطيني البديل"

27 يونيو 2017
أبدى شيوخ القبائل خشيتهم على سيناء (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
عكس بقية المحافظات المصرية التي ساد فيها شعور الغضب بعد إقرار البرلمان المصري لاتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية، والتي بموجبها تصبح جزيرتا تيران وصنافير سعوديتين، كان القلق عنصراً إضافياً، ينتاب سكان محافظة شمال سيناء، شرق البلاد. وبإقرار الاتفاقية زاد منسوب الخوف لدى أهالي سيناء من أن تلاقي أرضهم مصير الجزيرتين اللتين بيعتا للسعودية، كما يصف المصريون، اتفاقية التنازل، ونقل التبعية، وخصوصاً أن الخطوات الميدانية التي سادت مناطقهم طيلة عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي يوحي أن ما يحدث، هو بمثابة تجهيز الأرض لتنفيذ مخطط دولي.

ووفقاً لما يسرّب في الإعلام عن مخطط غزة وسيناء، فإن الذي يتخوف منه أهالي سيناء يتعلق بإعطاء أراضٍ من مناطق شمال سيناء للفلسطينيين في قطاع غزة، لتوسعة القطاع وإنشاء ما يسمى بـ"وطن بديل" على مساحات واسعة من الأراضي المصرية المجاورة لفلسطين، ما يعني حكماً إسقاط القضية الفلسطينية وضرب جوهرها. ومما زاد القلق، ما جاء في تقرير مركز المعلومات ودعم القرار التابع للحكومة المصرية، الذي أحالته الحكومة إلى مجلس النواب، وتضمن الرد على الأسئلة التي تحيط باتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، ومن ضمنه جاء الحديث عن أن كل سيناء كانت تابعة للجزيرة العربية.

وبحسب التقرير الذي نشره المركز عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، فإنه "في خريطة مصر قبل عام 1800 كانت سيناء كلها تابعة للجزيرة العربية، ما عدا الجزء الشمالي حتى غزة والحدود الجنوبية مع السودان، وعندما قرر محمد علي إعلان الحرب على الجزيرة العربية ضمّ جزءاً كبيراً من أراضي الجزيرة العربية لمصر".

وتابع التقرير إن "قوات محمد علي ذهبت إلى مناطق مكة والمدينة، ثم بعد أن أدت مهمتها، وبعد الضغوط العديدة التي مورست ضد مصر في هذه الفترة، اضطرت قواته إلى الخروج من أرض الحجاز عام 1840، وتم ضمها بعد ذلك للدولة العثمانية، ثم بعد أن مضت عقود من الزمن، أُسست المملكة العربية السعودية عام 1932، وتم رسم حدودها من جديد، وفقاً للخريطة القائمة حالياً".



ورأى بعض المتابعين للشأن السيناوي أن "النظام المصري أراد التمهيد للمشروع العتيد بعد انتهائه من ملف تيران وصنافير، بتنفيذ المخطط على أرض سيناء، بتحضير خلفيات تاريخية، وجغرافية، يُمرر من خلالها ما يريد عبر البرلمان كما حصل في قضية الجزيرتين". وفي حوارات لـ"العربي الجديد" مع عدد من مشايخ سيناء، أبدوا قلقهم المتنامي بعد إقرار بيع تيران وصنافير للسعودية، وتخوّفهم من توجّه النظام المصري إلى تنفيذ مخطط سيناء - غزة خلال المرحلة المقبلة.

في هذا الصدد، قال أحد أكبر مشايخ سيناء أبو محمد، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "الكلام عن توسيع قطاع غزة على حساب سيناء ليس جديداً، لكن العمل على تنفيذه بات واضحاً خلال السنوات الأخيرة". وأوضح أن "تهجير آلاف السكان من قراهم في رفح والشيخ زويد منذ الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013، بحجة الحرب على الإرهاب لم يكن إلا خطوة أولى على طريق التنازل عن الأراضي المصرية لصالح المشروع الدولي". وأضاف أن "الدولة صنعت الإرهاب الذي لم نعرفه قبل 2013، من ثم دمرت سيناء تحت حجة محاربة الإرهاب، وغداً ستسلّم الأرض تحت ذات البند، على المصريين الاستيقاظ قبل فوات الأوان كما حصل في الجزيرتين".

وكان الجيش المصري قد دمّر مئات المنازل على الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر، إثر هجوم مسلح على كمين للجيش يبعد 20 كيلومتراً عن الحدود مع غزة، بينما هُجُرت آلاف العائلات من المنطقة، وكذلك من مناطق جنوب رفح والشيخ زويد خلال السنوات الأربع الماضية.

ولجأ المهجرون إلى مناطق العريش وبئر العبد بعد أن تنكّرت الدولة لوعودها ببناء مدينة رفح الجديدة، على بعد 5 كيلومترات من الحدود مع قطاع غزة، فيما يجري الحديث حالياً عن بناء مدينة للمهجرين في محيط مدينة العريش.

أما أبو ياسر عواد فقد أكد في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "لا يستبعد على النظام المصري قيامه بتنفيذ المخطط الدولي على أرض سيناء خلال الفترة المقبلة، مقابل مصالحهم الشخصية، فيما شدد على أن أهالي سيناء لن يقبلوا بتمرير المخطط على حساب الأرض المصرية".

وأشار إلى أن "أهالي سيناء يعون جيداً حجم المخطط المنوي تنفيذه على أرض سيناء، ويتابعون خطوات النظام على الأرض"، مضيفاً أن "النظام أخفى الحياة على أرض سيناء، ودمّر كل أوجه المعيشة من صحة وتعليم خلال السنوات الماضية، ليكرّهنا بالأرض ويدفعنا للخروج منها لتنفيذ مراده بالمخطط".

وتعيش مناطق شمال سيناء ووسطها أوضاعاً أمنية متدهورة منذ 4 سنوات، خسر خلالها الجيش المصري مئات الجنود، وسقط آلاف المدنيين بين قتيل وجريح ومعتقل، فيما تقطن في سيناء قبائل عدة كبيرة العدد، أهمها الترابين والرميلات والسواركة وغيرها.