"واشنطن بوست" تبحث في ما وراء حملة استهداف قطر

02 يونيو 2017
تقود وسائل إعلام الهجمة على قطر (فيسبوك)
+ الخط -
سلّطت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، في تقرير تحليلي نشرته أمس الخميس، حمل عنوان "ما الذي يجري مع قطر؟"، الضوء على الحملة الإعلامية الشرسة التي تتعرّض لها قطر، على خلفية تصريحات مفبركة لأميرها، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بعد قرصنة موقع وكالة الأنباء القطرية "قنا".

وبحث التقرير، بشكل لافت، الأحداث التي سبقت هذه الحملة الإعلامية "المنظمة والشرسة" على حدّ تعبيره، وتحرّكات ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، وولي ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، في واشنطن، فضلاً عن الدور الذي لعبه التقارب بين الأخيرين من جهة، وبين صقور إدارة دونالد ترامب من جهة ثانية، مبرزاً غياب أي موقف رسمي من أبوظبي أو الرياض لوقف هذه الهجمة، ليخلص إلى الهدف من وراء هذه الحملة.

ورأت الصحيفة أنه وبغض النظر عما إذا كانت هذه التصريحات صحيحة أو مفبركة، ورغم أنّ الأشخاص الذين حضروا حفل التخرج العسكري أصرّوا على أن الأمير لم يدل بأي خطاب، فإنّ هذه التصريحات أدت إلى هجوم إعلامي إقليمي فوري، تركّز خصوصاً في السعودية والإمارات. وأضافت أن كلا البلدين أقدما بعدها على حجب قناة "الجزيرة" والقنوات الأخرى التي تتخذ من قطر مقرّاً لها، فيما نشرت كل يوم مواد وتقارير حول التصريحات المفبركة، وتعاملت معها وكأنها حقيقية. وانطلاقا منها، بدأت الاتهامات إلى قطر (من قبل وسائل الإعلام تلك) بأنها الحلقة الضعيفة في مواجهة التهديدات الإقليمية المتمثلة في إيران والإرهاب. 

وقالت الصحيفة إن الهجوم الشرس والضخم الذي استهدف قطر، يشير بوضوح إلى أن هناك حملة منظمة يتم إعدادها لهزّ مصداقية قطر الإقليمية، تحت أعين ورعاية إدارة دونالد ترامب.

وذكرت أن هذه الحملة تأتي بعد 3 سنوات من الأزمة التي استمرت تسعة أشهر، بين قطر من جهة، والسعودية والإمارات والبحرين من جهة ثانية.

وأضافت أنّ زيارات متبادلة جرت بعدها بين أمير قطر وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، ثم جاء قرار قطر لإرسال ألف جندي إلى اليمن في سبتمبر/أيلول 2015؛ وهي مؤشرات دلت، بحسب الصحيفة، على أنّ الأزمة التي عصفت بهذه الدول عام 2014 (أزمة سحب السفراء) أصبحت من الماضي. وتتوقف الصحيفة عند هذه المعطيات لتتساءل: ما الذي حصل بعدها لتتعقد الأوضاع فجأة؟

في سبيل الإجابة على هذا التساؤل، تفرد الصحيفة عنواناً فرعياً ،"عامل ترامب"، لتوضح الأسباب وراء هذه الحملة.

وبحسب الصحيفة، فإن إدارة ترامب تتجه نحو بناء علاقات وثيقة مع الرياض وأبو ظبي، أكثر من الدوحة، مشيرة إلى الزيارات التي أجراها كل من محمد بن سلمان ومحمد بن زايد للتحضير لقمة الرياض.

وقالت الصحيفة إن افتقاد الخبرة في السياسة لدى الكثيرين في دائرة ترامب الداخلية، أتاح الفرصة للسعوديين والإماراتيين كي يحاولوا تشكيل تفكير الإدارة في القضايا الإقليمية الهامة مثل إيران والإسلام، مضيفةً أن ذلك ظهر جلياً خلال زيارة الرياض.

وفيما انصب اهتمام إدارة باراك أوباما السابقة، على نسج علاقات مع الدول الخليجية كمجموعة واحدة، ركز ترامب على السعودية والإمارات باعتبارهما "الركنين التوأمين" للسياسة الأميركية الجديدة في المنطقة.

ولفتت الصحيفة خصوصاً إلى العلاقة الوثيقة التي تشكلت بين مستشار ترامب وصهره، جيراد كوشنير، ومحمد بن سلمان، إضافة إلى سفير الإمارات لدى واشنطن يوسف العتيبي.

وبحسب الصحيفة، فإن فاعلين رئيسيين في إدارة ترامب، مثل وزير الدفاع جيمس ماتيس ومدير وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو، يتبنون وجهات نظر متقاربة مع تلك الموجودة في أبو ظبي والرياض، حول إيران والإخوان المسلمين. وتعود وتؤكّد على الأدوار المتصاعدة للسعودية والإمارات في السياسة الإقليمية للولايات المتحدة، وعلى المصالح الدفاعية والأمنية التي تجمع الطرفين، والتي ظهرت وتعزّزت مع زيارة ترامب للرياض.

ويوضح التقرير الاختلافات بين الهجمة المنظمة ضد قطر الآن، وبين هجمات سابقة، إذ تميزت الهجمة الحالية في أن وسائل إعلام تقودها بشكل رئيسي، مع محاولة أبو ظبي والرياض تجنب إبداء مواقف رسمية، أو اتخاذ إجراءات سياسية واضحة.

وتخمن الصحيفة أن الهجمات الشرسة، التي تم شنها من قبل دول زميلة في المجلس الخليجي ضد دولة عضو، تبدو وكأنها عقوبات تم إقرارها خلف الأضواء. ومن خلال هذه الحملات الإعلامية الموجهة، يأمل صناع القرار في أبو ظبي والرياض في إحداث ضغط على القيادة في الدوحة من أجل تقديم تنازلات، أو إقحام إدارة ترامب في الحملة لإتمام المهمة وانتزاع التنازلات نيابة عنهم من قطر.

(العربي الجديد)



المساهمون