وتأتي دعوة المؤخر إلى التحقيق في غمرة الحرب المفتوحة التي يقودها رئيس الحكومة يوسف الشاهد على الفساد، والتي أوقعت برجال أعمال وسياسة وكوادر في الجمارك والأمن.
وبات التحقيق مع الوزير قضية رأي عام تداخلت فيها السلطات الثلاث؛ البرلمان والقضاء والحكومة.
ويرى مراقبون أنه سواء ثبتت إدانة الوزير من عدمها، فإن هذه السابقة تعد ظاهرة صحية في بلد عربي، وبالخصوص في ديمقراطية ناشئة جميع المواطنين فيها متساوون أمام القانون والقضاء من دون تمييز بين حاجب ووزير.
وانطلقت أطوار القضية بنقاش حاد دار تحت قبة البرلمان في 8 مارس/ آذار الماضي بين نائبة المعارضة سامية عبو ووزير البيئة والشؤون المحلية، إذ كشفت عن وثائق وبراهين تدين أحد مستشاريه، وطالبت عبو الوزير بالاستقالة متهمة إياه بالكذب والتسويف بعد إنكاره الموضوع، على الرغم من أن القضاء قد حكم في شهر فبراير/ شباط على مستشاره بالسجن لمدة أربع سنوات بتهمة الفساد المالي.
وفي سياق متصل، أكّد المتحدث الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس، سفيان السليطي، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية، أن النيابة العمومية فتحت بحثا تحقيقيا ضد المؤخر ومستشاره السابق منير الفرشيشي، على خلفية اتهامات وجهتها النائبة عبو، مفادها أنه عيّن مستشارا خاصا له تحوم حوله شبهة فساد، كما سبق أن صدر ضده حكم قضائي، بواسطة عقد ممارسة نشاط خاص مقابل أجر سنوي يُقدر بـ 40 ألف دينار، أي 18 ألف دولار تقريباً.
في المقابل، أنكر المؤخر ما نسب إليه من اتهامات، متمسّكاً بما أعلنه أمام البرلمان سابقاً، وقال الوزير في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّه ينتظر هذا التحقيق منذ أن تم اتهامه، بهدف كشف الحقيقة للرأي العام وليتأكد الشعب التونسي من أنّ تصريحات النائبة عبو وغيرها مجرد اتهامات واهية وافتراء باطل.
وشدّد المؤخر على أنّ القضاء سيكون الفيصل، معرباً عن ثقته بالقضاء التونسي، وموضحاً أنه هو من طالب النيابة العمومية بفتح تحقيق في تصريحات عبّو حتى تنقشع الشكوك وتزول السحابة ويتحمّل كل طرف مسؤوليته.
ويبدو أن سهام الاتهامات بالفساد لم تفارق حكومة الشاهد ولم تتوقف عند المؤخر، إذ أُثيرت مؤخراً قضية جديدة كشف معالمها رئيس حزب آفاق تونس، ياسين إبراهيم، والذي وجّه أصابع الاتهام بالفساد إلى وزير حقوق الإنسان والعلاقة مع الهيئات الدستورية، مهدي بن غربية.
من جهته فنّد بن غربية الاتهامات وأعاد الأمر إلى خلاف مع إبراهيم الذي سبق أن كشف عن تورطه في قضايا فساد عندما كان وزيراً للاستثمار في الحكومة السابقة، وتبقى الاتهامات خنجراً في خاصرة حكومة الوحدة الوطنية، في انتظار أن يتدخّل القضاء ويفصل فيها.