ولئن وصلت سلسلة الإيقافات التي طاولت كبار رجال الأعمال والمهربين إلى 8 أشخاص حاليا، وهم كل من منجي بن رباح وكمال بن غلام فرج وشفيق الجراية وياسين الشنوفي ونجيب بن إسماعيل وعلي القريوي ومنذر جنيح وهلال بن مسعود بشر، إلا أن ما يجمع أغلب المعنيين بالإيقافات تحدرهم من أسر متواضعة، وتكوينهم لثروات ضخمة في أعوام قليلة.
شفيق جراية... المقرب من دوائر الحكم
شملت أولى الإيقافات رجل الأعمال شفيق جراية، أصيل محافظة صفاقس، وسط تونس، ويعتبر من أكثر رجال الأعمال إثارة للجدل في تونس، وقد برز اسم جراية مباشرة بعد الثورة التونسية، ورغم علاقته المشبوهة بمقربين من الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وتحديدا عائلة زوجته الطرابلسية، إلا أن أملاك جراية لم تصادر ولم يتم إيقافه رغم عشرات القضايا التي لاحقته في المحاكم.
ورافقت مسيرة رجل الأعمال العديد من الاتهامات والشبهات بالفساد وشائعات عن نفوذه اللامحدود، حتى أن البعض كان يصفه بأنه فوق القانون والتتبعات، وكثيرا ما كان يتباهى بنفوذه وبعلاقاته بشخصيات مرموقة ونافذة في الدولة.
فجراية الذي عرف في بداية حياته كبائع متجول وناشط بسيط في التجارة الهامشية، سرعان ما حقق ثروة كبيرة، وأصبحت مكاسبه لا تحصى ولا تعد، وقد فاجأ إيقافه الشارع التونسي.
ياسين الشنوفي... مرشح سابق للرئاسية
لم يكن اسم ياسين الشنوفي معروفا لدى التونسيين، ولكن منذ ترشحه إلى الانتخابات الرئاسية في 2014 رافقته الكثير من الانتقادات والجدل، ما دفع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى رفض ترشحه خاصة أمام ما يحوم حوله من شبهات وفساد مالي واستغلال نفوذ.
الشنوفي الذي هو من مواليد 19 يناير/كانون الثاني 1970، متزوج وأب لطفلين، نشأ في عائلة متواضعة بأحد أحياء تونس العاصمة، حاصل على الأستاذية في القانون الخاص وعمل كضابط في الجمارك في العام 1997، وعين متفقدا مركزيا بها في 1999.
وقد تمّ، الثلاثاء الماضي، إيقافه بتهمة الاشتباه في تورّطه في قضايا فساد ورشوة والاعتداء على أمن الدولة، ورجحت بعض المصادر أن يكون الإيقاف على علاقة أيضا بتصريحات صهر الرئيس السابق عماد الطرابلسي، والذي يقبع في السجن منذ ثورة 2011.
بن إسماعيل... إمبراطور الفواكه الجافة
يعرف رجل الأعمال نجيب بن إسماعيل، بتقربه من صهر الرئيس الأسبق عماد الطرابلسي، أصيل الجم بولاية سوسة، وسط تونس، بدأ نشاطه التجاري كبائع متجول لبيع الغلال، ثم سرعان ما كون ثروة طائلة.
تشير عدة تقارير محلية إلى أن مصدر ثروته من التهريب والنشاط المخالف للقانون في مجال الفواكه الجافة المهربة، والتي تغادر الموانئ على أساس أنها مواد أخرى دون دفع أي أداءات وبتصريحات مغلوطة.
يلقب بن إسماعيل بإمبراطور الفواكه الجافة في تونس، ويملك الرجل أكثر من 20 نقطة بيع بالجملة للفواكه الجافة المهربة والمنتشرة في كامل المحافظات التونسية، ويعرف كونه صاحب عديد من العقارات والأراضي منها المصادر والمعقول.
جنيح... مهرب النحاس
يعرف الشقيقان جنيّح من محافظة سوسة بكونهما من كبار رجال الأعمال في تونس، ولكنهما اشتهرا بتهريب النحاس، والذي يتم عادة تهريبه عبر الحدود مع الجزائر ثم توزيعه على شركات ومؤسسات صغرى تونسية، وعادة ما يتم إعادة تدوير البضاعة وبيعها قانونيا. ولئن شمل الإيقاف منذر جنيح، إلا أن وسائل محلية تتحدث عن شبكة من مافيا النحاس في تونس هي التي تتحكم حاليا في السوق، وتغنم عائدات تقدر بالمليارات، ما كبد الاقتصاد التونسي خسائر جمة.
رجال أعمال غير معروفين ومورطون
وبالإضافة إلى هذه الأسماء، ضمت قائمة الموقوفين، بحسب رئيس لجنة المصادرة، منير الفرشيشي، كلاً من منجي بن رباح وكمال بن غلام وهلال بن مسعود بشير وعلي القريري.
وأضاف الفرشيشي، الجمعة، في لقاء إعلامي، أن مصادرة أملاك هؤلاء الأشخاص تمت بمقتضى مرسوم المصادرة الصادر سنة 2011، مضيفا أن لجنة المصادرة أجرت تحقيقات حول الأشخاص الذين انتفعوا بالعلاقة التجارية ولهم علاقة بالأشخاص المذكورين في القائمة، مبينا أنه قد ثبت وجود علاقات ببعض رجال الأعمال الذين حققوا أرباحا طائلة بشكل غير شرعي.
وتم إلقاء القبض على عدد منهم في جهات مختلفة من تونس، وبعضهم كان يحاول مغادرة البلاد، في حين تؤكد بعض التسريبات أن إمكانيات أمنية هائلة تم استعمالها لمباغتة المتهمين، ويعود نجاح الإيقافات، بحسب مراقبين، إلى السرية المطلقة التي أحاطت بالعملية.
والجدير بالذكر أن النيابة العسكرية بتونس قررت، اليوم، فتح تحقيق ضد رجل الأعمال شفيق جراية وكل من يكشف عنه البحث بالاعتداء على أمن الدولة الخارجي والخيانة والمشاركة في ذلك ووضع النفس تحت تصرف جيش أجنبي زمن السلم، وذلك على أثر ورود النيابة العسكرية شكاوى تتهمه بانخراطه في ارتكاب أفعال من شأنها المساس بأمن الدولة.