تجمع حاشد في ساحة الأوبرا بباريس دعماً للأسرى الفلسطينيين

25 مايو 2017
أكد المشاركون عدالة قضية الأسرى ومطالبهم (العربي الجديد)
+ الخط -
شهدت ساحة الأوبرا في باريس، مساء الأربعاء، 20 مايو/أيار، تجمعاً حافلا لفرنسيين وعرب وأجانب جاؤوا للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام منذ 38 يوماً. 


وتَرافَق هذا التجمع الذي دعت إليه جمعية "فرنسا فلسطين، للتضامن" مع أحزاب وجمعيات أخرى منها الحزب الشيوعي وجمعية "مراب" ونقابة "سي جي تي" وجمعيات أخرى، مع نشر بيان توقيعات حمل اسم "لنمنح الرؤية للفلسطينيين المضربين عن الطعام"، أعدّه ونشره في موقع ميديا بارت، المؤرخ دومينيك فيدال، وشهد توقيع العشرات من الكتاب والصحافيين والباحثين من بينهم الفيلسوف إتيان باليبار وأنييس لوفالوا وسلام الكواكبي وغيرهم.

وورد في البيان: "يدعو عشرات من الجامعيين والصحافيين المتخصصين في الشرق الأوسط من وسائل الإعلام، أن تقوم بـ"الإخبار عن مأساة الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام حتى يقوم الرئيس الجديد والحكومة الجديدة بممارسة ضغوط ضرورية على السلطات الإسرائيلية".

ويتحدث البيان عن قيام ما بين 1600 و1800 أسير فلسطيني بالإضراب عن الطعام، منذ 17 إبريل/نيسان الماضي. كما يشير إلى أن هذه الحركة كانت بمبادرة من القيادي مروان البرغوثي ومعتقلين من كل التوجهات السياسية. ويطالبون، في المقام الأول، بشروط اعتقال أكثر احتراماً لكرامتهم. ويُذكَّر البيان أيضا بأنه يوجد، لحد الآن، في السجون العسكرية الإسرائيلية، نحو 6500 معتقل، منهم 536 في إطار الاعتقال المسمى بـ"الإداري"، أي أنهم لم يُدانوا ولم يُحاكَموا.

ويكشف البيان أنه "رغم كل أشكال التضامن معهم في الضفة وغزة، إضافة إلى الدعوة للإضراب العام، يوم 23 مايو، التي عرفت نجاحا كبيرا، فإن الحكومة الإسرائيلية فضلت خيار القوة".

ويشرح البيان هذا الخيار الإسرائيلي: "أولاً، تمّ عبر الكلمات، ثم الصُوَر، على مثال وزير الدفاع الإسرائيلي والشؤون الخارجية، أفيغدور ليبرمان، الذي دعا إلى اتباع أسلوب مارغريت تاتشر في مواجهة المضربين عن الطعام الإيرلنديين. ثم عبر الأفعال، من خلال قمع التحركات الفلسطينية وعبر محاولة كسر الإضراب بكل الوسائل، كالعزل والحرمان من الزيارات، والمضايقات الجسدية والمعنوية".

وتأسف البيان لأنه "لم يُتطرَّق لقضية الأسرى الفلسطينيين أثناء زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الأراضي الفلسطينية. ولهذا يطالب البيان بالتحرك، قبل أن يصبح مروان البرغوثي بوبي ساندز".

وإذ ذكّر الموقعون على البيان بأنهم يكرسون معظم حياتهم المهنية للشرق الأوسط، فإنهم "لم يعودوا يستطيعون لزوم الصمت إزاء خطر الموت الذي يهدد، مثل سيف ديموقليس، الأسرى الفلسطينيين المنخرطين في إضراب عن طعام، أصبح يزداد خطورة أكثر فأكثر.

وتوجد بعض الفترات مثل ما نعيشه الآن، حيث المسافة الضرورية للباحث والصحافي مقارنة بأرضية عمله، يجب أن تفسح المجال أمام الالتزام: من أجل أن تكسّر وسائل الإعلام حائط الصمت وتُطلِعَ الرأي العام على المأساة التي تجري في إسرائيل-فلسطين. وحتى يمارس الرئيس الفرنسي الجديد والحكومة الجديدة الضغوط الضرورية على السلطات الفرنسية".

ومن جهته عرف تجمع الأوبرا في باريس، تقاطر مئات للاستماع للعديد من الكلمات الداعمة لنضالات الأسرى والفاضحة للصوت الدولي ولترك الفلسطينيين وحدهم أمان التعنت الإسرائيلي. وقد أشرفت على تنظيم الكلمات والتدخلات الأستاذة نهى رشماوي.

ومن بين المتدخلين، باتريك ليهياريك، مدير صحيفة لومانيتيه، الشيوعية، والنائب في البرلمان الأوروبي. وتجدر الإشارة إلى أن صحيفة لومانيتيه أخذت على عاتقها منذ فترة طويلة الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين، وكرست لهم عددا مهمّاً يوم أمس الثلاثاء.

وأكد ليهياريك أن إسرائيل ذهبت بعيدا في الاحتلال والاغتصاب والقمع والاعتقال، معتقدة بأن الفلسطينيين سيقبلون، في نهاية المطاف، بعض المناطق التي ستتركها لهم، ولكن الفلسطينيين سيرفضون، حتما. وأكد النائب البرلماني الأوروبي على أنه راسَلَ البرلمان الأوروبي في هذا الصدد وراسَل وزارة الخارجية الفرنسية، وسيواصل العمل لكشف ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون. وحذّر من التمادي في تجاهل مطالبهم المشروعة.

وأضاف: "إن إهانة الأسرى الفلسطينيين وعزلهم، أو خلق وضعية، على الطريقة الإيرلندية، سيكون مأساة. ولأن موازين القوى ليست لصالح الفلسطينيين، فمن مصلحتنا وواجبنا توسيع ميزان القوى والصراع، حتى يسترجع الأسرى الفلسطينيون حقوقهم، وبصفة أشمل حتى نحرر الأسرى الفلسطينيين، وعلى رأسهم مروان البرغوثي، الذي هو ليس عقبة في وجه السلام، ولا في وجه إسرائيل، بل هو الحلّ للصراع بين الطرفين".

وأضاف: "سنصوت في فرنسا، في قادمات الأيام، لانتخاب نواب يمثلوننا في البرلمان، وعليكم أن تتخيلوا في فلسطين وجود 13 نائبا برلمانيا في السجون الإسرائيلية. الأمر يشبه وضع ثُلُثِ نوابنا في السجون. لنتخيل هذا. لنتخيل أن كل عائلاتنا عرفت مرور واحد من أفرادها بالسجون الإسرائيلية".  
 

أما ممثل النقابة العمالية "سي جي تي" فطالب باستمرار دعم الأسرى بشتى الوسائل، وبإرسال رسائل الاحتجاج إلى الحكومة الإسرائيلية، لتذكيرها بـأن الفلسطينيين ليسوا وحدهم.

 وتناول الكلمة توفيق التهاني رئيس جمعية "فرنسا فلسطين، للتضامن"، فذكَّر بالظروف الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ تأسيس الدولة الإسرائيلية، وطلب من الحاضرين أن يتخيلوا لو أن الفرنسيين يعيشون ما يعيشه الفلسطينيون، لـ"كانت السجون عرفت ولوج 10 ملايين فرنسي في خمسين سنة".

وذكّر الجمهورَ بالحالة الصعبة التي يعيشها القائد الفلسطيني مروان البرغوثي في السجون الإسرائيلية وكافة الأسرى، الذين استجابوا لدعوته في بدء إضراب مفتوح عن الطعام، لتحقيق مطالب بسيطة وعادلة.  

وأكد التهاني أن البرغوثي ورفاقه ليسوا وحدهم في المعركة، ولن يظلوا وحدهم، لأن هذا الشعب الفلسطيني الرائع يحميهم، عبر وقفات وتظاهرات يومية ثم عبر إضراب عام ناجح في الداخل وفي فلسطين التاريخية وفي الشتات، وهو أول إضراب عام منذ الانتفاضة الأولى.

ثم تساءل التهاني: ماذا عن التضامن الدولي؟ ثم سجَّل غياب أي دور للعواصم الأوروبية وأيضا غياب أي دور رسمي فرنسي. "منذ 17 إبريل/نيسان لم نرَ أي بيان عن وزارة الشؤون الخارجية، رغم وجود 1500 أسير فلسطيني مهدد بالموت".

وتساءل: "الرئيس الفرنسي الجديد قال في الجزائر إن الاحتلال الفرنسي للجزائر بمثابة جرائم ضد الإنسانية، أليست الحروب والجرائم التي قامت بها إسرائيل في فلسطين، منذ أكثر من 50 سنة، جرائم ضد الإنسانية أيضا؟"

وختم التهاني التأكيد بأن هذا اللقاء وهذا التجمع لن يكون الأخير، "سنواصل العمل لأننا عاهدنا الشعب الفلسطيني على دعم نضالات الأسرى الفلسطينيين حتى تحقيق مطالبهم، وأبعد من هذا، حتى تحرير الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال. إذ لا سلام ولا تفاوض من دون إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، كل الأسرى".                ​