وهاب الطائي... عرّاب صفقات الاختطاف في العراق

18 مايو 2017
ملصق للطائي الخارج من صفوف المليشيات (من الانترنت)
+ الخط -


قفز اسم وهاب الطائي خلال الشهرين الماضيين إلى واجهة الأحداث الأمنية في العراق، كمتحدث رسمي باسم وزارة الداخلية ومفاوض حكومي معتمد، ثم وسيط بين الحكومة والمليشيات المتورطة بعمليات الاختطاف، التي بات العراق سوقاً رائجة لها. وهو ما أثار الجدل في الشارع حول دوره في عمليات تحرير الضحايا بعد اختطافهم، وسبب رفضه في كل عملية تحرير ناجحة له للضحايا الإفصاح عن اسم الجهة الخاطفة. فمنذ عملية اختطاف حماية رئيس الجمهورية فؤاد معصوم على طريق كركوك ـ السليمانية، مروراً بحادثة خطف صحافية عراقية في بغداد وإطلاق سراحها، مروراً بعملية تحرير المواطنين القطريين الشهر الماضي، وانتهاءً بعملية تحرير المختطفين السبعة من ناشطي التيار المدني العراقي قبل أيام، تكون عملية الإعلان عن تحرير المختطفين أو الكشف عن مباحثات مع الجهات الخاطفة محصورة بـ"وهاب الطائي".

وبات مصطلح "عرّاب عمليات الخطف والتحرير" هو اللقب الملاصق للطائي منذ أيام، وتعدّى ذلك إلى مطالبة شعبية بإجباره على الكشف عن الجهات الخاطفة التي يتفاوض معها، فضلاً عن سبب الخطف أصلاً، والثمن الذي قُدّم لتحريرهم. وهو ما دشنه ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبين بالكشف عن هوية الطائي الحقيقية.

وهاب حسين الطائي، مواليد 1976، أحد أعضاء مليشيا "عصائب أهل الحق"، بعد انشقاق زعيمها الحالي قيس الخزعلي عن مليشيا "جيش المهدي" بزعامة مقتدى الصدر عام 2005، مع مئات من المسلحين الآخرين. وتدرج الطائي في المليشيا حتى وصل إلى مراتب متقدمة فيها قبل التحوّل إلى المتحدث الرسمي باسم مليشيا "عصائب أهل الحق" في كل من العراق وسورية. كما ترشح لانتخابات عام 2014 البرلمانية عن دائرة بغداد، إلا أنه أخفق في الفوز واختفى عن الأنظار أشهرا عدة، بعد تفجير انتحاري استهدف ملعب كرة قدم كانت المليشيا تقيم فيه مهرجاناً سياسياً في العام نفسه، وأسفر عن مقتل وجرح العشرات من أعضاء "العصائب" وتبنّى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) حينها الهجوم.

ومع نهاية عام 2015 عاد الطائي للظهور مجدداً على شاشات محطات فضائية إيرانية وسورية وعراقية ولبنانية مقربة من إيران، أو ممولة منها كخبير أمني عراقي، لكن أضيف إلى صفته حرف "الدال" ليكون "الدكتور في العلوم السياسية والعلاقات الدولية وهاب الطائي"، خالعاً بزّته العسكرية المليشياوية السابقة، ومرتدياً بذلة وربطة عنق ويمسك بحقيبة كتلك التي يحملها أساتذة الجامعات. وقبل أقل من شهر واحد على تحرير المواطنين القطريين برز الطائي مرة أخرى لكن ليس كمحلل سياسي بل كمتحدث رسمي ومستشار إعلامي لوزارة الداخلية العراقية.



في هذا الصدد، أكدت مصادر عراقية حكومية لـ"العربي الجديد"، أن "الطائي تولى المنصب من دون أمر ديواني من رئاسة الوزراء، كما أن المنصب الذي يشغله يعتبر مستحدثاً، فالوزارة أصلاً يوجد بها ناطق إعلامي، وهو العميد سعد معن. ذلك لأن لا سابقة تاريخية لوجود وظيفة تعرف باسم مستشار وزارة الداخلية الإعلامي مع وجود ناطق إعلامي أصلاً".

وأظهرت سجلات لمحكمة جنايات بعقوبة عاصمة محافظة ديالى شرقي العراق، بتاريخ 23 أغسطس/آب 2006، شكوى مقدمة من سيدة تتهم وهاب الطائي في التورط بعملية اختطاف نجلها من دكانه ثم إطلاق سراحه، إلا أن القضية لم تفعّل بحسب محام بارز في محافظة ديالى، أكد لـ"العربي الجديد" أن "سبب عدم تفعيلها قد يعود إلى فرار الأم مع بناتها من ديالى إلى بغداد، وعدم متابعتها القضية أو أن القضاء مارس لعبة الخنوع الطويلة للمليشيات كعادته".

واتهم مقرّبون من التيار الصدري الطائي بأنه "الواشي الرئيسي حول مخزن العتاد الكبير في حي أور شرقي بغداد، ويعود لمليشيا المهدي، تمّت مداهمته من قبل الأميركيين عام 2006، حين كانت الخلافات على أوجها بين مليشيا العصائب ومليشيا المهدي آنذاك".

وشدّدت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، على أن "أداء الطائي دور الوسيط والمتواصل هاتفياً وشخصياً مع المليشيات، والمنسق لعمليات إطلاق السراح أو منفذ الطلبات والشروط لم يأت صدفة، بل كان بدفع من قبل المليشيات المتورطة بعمليات الخطف، التي باتت تتواصل مع الطائي في قضايا المختطفين، تحديداً في ملف الناشطين السبعة وأعضاء الحزب الشيوعي العراقي المختطفين، ومن قبلهم المواطنين القطريين. وهو ما دفع رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى وضعه بهذا المنصب لإضفاء شرعية على تحركات الرجل خلال تفاوضه مع الخاطفين".

وقال وزير بارز لـ"العربي الجديد"، تعليقاً على الموضوع "للطائي تواصل مباشر مع جميع الفصائل التي تمتهن حرفة الخطف بالعراق كمليشيا العصائب وحزب الله العراقي والخراساني والإمام علي والنجباء وغيرها، وهو بمثابة المنسق العام بين رئيس الوزراء وتلك المليشيات في أي عملية خطف تجري".

وتابع قائلاً إن "ثمن إطلاق سراح الناشطين السبعة قبل أيام كان مكاسب معينة للجهة الخاطفة، من بينها منحهم مقراً في بساتين نخيل منطقة الكاظمية شمالي بغداد، ليكون مكاناً لهم، وكان العبادي رافضاً للفكرة من قبل بسبب أهمية المنطقة، وخوفه من أن تؤدي إلى احتكاك مع مليشيا السلام التابعة لمقتدى الصدر الموجودة في المنطقة ذاتها". ونوّه إلى أن "المليشيات المتورطة بعمليات الاختطاف المتكررة، معروفة والوسيط معروف، لذلك كلما احتاجت مليشيا إلى شيء من الحكومة ولم تنفذه ستقوم باختطاف شخصيات مؤثرة لإحراجها واجبارها على التنفيذ".

المساهمون