عداء السيسي لا يتوقف: هجوم أزهري على الطيب برعاية أمنية

16 مايو 2017
يرفض الطيب تعيين أبو هاشم رئيساً لجامعة الأزهر (Getty)
+ الخط -
فتح نظام الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، عن طريق الأجهزة الأمنية، جبهة جديدة للحرب الموجهة ضد شيخ الأزهر الشريف، أحمد الطيب، ولكن هذه المرة من داخل المشيخة نفسها.

فبعد أن فشل استهداف الطيب من جانب برلمان السيسي، الذي حاول تمرير قانون جديد للأزهر كان من شأنه التأثير على منصب الإمام، كما فشلت الحملات الإعلامية الموجهة التي كانت تهاجم الأزهر، حتى وصل الأمر في بعض الأحيان إلى السباب، بحجة الفشل في مواجهة الأفكار المتطرفة، بعد الدعم الذي حظي به الأزهر وإمامه من زيارة بابا الفاتيكان الأخيرة إلى مصر، وجدت الدولة ضالتها في طريقة جديدة للتأثير على الطيب ومحاولة خلخلة صلابته في مواجهة حملات استهدافه.

فطنت أجهزة الأمن، أخيرا، إلى أن أحد مصادر قوة الطيب، هو تماسك جبهته الداخلية، عن طريق رفض كل محاولات الأجهزة الأمنية للإطاحة بقيادات داخل المشيخة على اعتبار أنهم محسوبون على جماعة الإخوان، ومنهم وكيل الأزهر الشريف، عباس شومان، ومستشار شيخ الأزهر، حسن الشافعي، والمستشار القانوني للأزهر، محمد عبد السلام.

وفي مواجهة تماسك الجبهة الداخلية للأزهر، قررت الأجهزة الأمنية زرع الفتنة هذه المرة داخل المؤسسة، فاستغلت اللغط الذي صاحب تكليف محمد المحرصاوي للقيام بأعمال رئيس جامعة الأزهر، بدلاً من سلفه أحمد حسني، الذي أقاله الطيب على خلفية تصريحاته ضد الإعلامي إسلام بحيري، حيث اعترض محمد أبو هاشم، أقدم نواب رئيس الجامعة، على تعيين المحرصاوي، مؤكدا أنه الأحق بالمنصب.

وقامت الأجهزة الأمنية بالدعوة إلى مؤتمرين، كان آخرهما يوم الإثنين في نادي أعضاء هيئة تدريس جامعة الأزهر، وتم استغلال المؤتمر للهجوم على الطيب ومستشاره القانوني محمد عبد السلام.

وحضر المؤتمر كل من أحمد عمر هاشم، وهو رئيس جامعة الأزهر السابق والمعروف بتوجهاته الداعمة للنظام السياسي في مصر، والعضو الأول بهيئة كبار العلماء الذي يكن معارضة للطيب، بالإضافة إلى عضو آخر، هو علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق والمعروف أيضا بعدائه للطيب ودفاعه المستميت عن نظام السيسي.

كما دعا منظمو المؤتمر، ممثلين عن الطرق الصوفية والأشراف، وهي الجماعات المعروفة أيضا بصلاتها مع الأجهزة الأمنية منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك وحتى الآن. كما حضرت بعض الشخصيات السياسية، ومنها أحمد الفضالي، أحد المتهمين في موقعة الجمل الشهيرة، والتي وقعت إبان ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2011، ورئيس ما يسمى بتيار الاستقلال المعروف بتبعيته لجهاز الأمن الوطني، بالإضافة إلى شخصيات من داخل الأزهر من المحسوبين على وزير الأوقاف، مختار جمعة.

وعلم "العربي الجديد" من مصادر متطابقة داخل الأزهر الشريف، دعمتها مصادر أخرى، أن جهاز الأمن الوطني قام بالحشد للمؤتمر الثاني الذي أقيم اليوم، الإثنين، بنادي أعضاء هيئة تدريس جامعة الأزهر،  بعد أن جاء المؤتمر الأول، الذي أقيم الإثنين الماضي، ضعيفا، فدعا الطرق الصوفية، وجماعة الأشراف، وبعض السياسيين.

ونتج عن المؤتمر، الذي عقد بنادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر، بيان شديد اللهجة ضد شيخ الأزهر ومستشاره القانوني، حيث أبدى البيان "انزعاجه" مما وصفه بـ"التجاوز البارز، والمستفز"، للمستشار القانوني لشيخ الأزهر، محمد عبد السلام.

وتساءل: "هل من العقل أو القانون أن يتدخل عبد السلام في اختيار عمداء الكليات ونواب رئيس الجامعة وانتداب هذا وإلغاء ذاك؟ هل من حقه أن يتدخل في تلبية ما تطلبه الدول الشقيقة من كبار الدعاة لشهر رمضان؟".

واتهم النادي محمد عبد السلام بأنه هو سبب "الالتباس" الذي وقع فيه شيخ الأزهر، أحمد الطيب، حينما اختار من يتولى رئاسة جامعة الأزهر مؤخرا، وناشد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووزير العدل، "التدخل لإنقاذ المشيخة من الدور المشبوه الذي يمارسه عبد السلام"، حسب وصف البيان.

ويأتي البيان على هامش فعاليات المؤتمر الصحافي الثاني لـ"نادي أعضاء هيئة التدريس"؛ للتضامن مع محمد أبوهاشم نائب رئيس جامعة الأزهر، لعدم تعيينه رئيسًا بدلاً من محمد المحرصاوي، عميد كلية اللغة العربية في الجامعة.

من جانبه، طالب أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبارالعلماء، الرئيس عبد الفتاح السيسي بإصدار قرار رئاسي يمكن محمد أبو هاشم، نائب رئيس جامعة الأزهر، من تولي رئاسة الجامعة، والمعروف أن أبو هاشم هو نجل شقيق أحمد عمر هاشم.

وطالب هاشم، خلال كلمته في المؤتمر، شيخ الأزهر الشريف، أحمد الطيب، بتفعيل القانون، واختيار أقدم النواب (أبوهاشم) رئيسا للجامعة، قائلا: "الرجوع للحق فضيلة، والاستمرار في الباطل رذيلة"، وقال إنه تحدث مع الطيب، في الجلسة الأخيرة لاجتماع أعضاء هيئة كبار العلماء، بشأن هذا الأمر.

يذكر أن الطيب قرر، يوم الجمعة الماضي، إعفاء حسني طه، القائم بأعمال رئيس جامعة الأزهر، من منصبه، وتكليف محمد حسين المحرصاوي، عميد كلية اللغة العربية، بالقيام بأعمال رئيس الجامعة، بصفة مؤقتة لحين تعيين رئيس جديد، وفقا للإجراءات المحددة قانونا.


وعلى أثر ذلك، تقدم محمد أبو هاشم، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري، والمعروف بميله إلى جبهة مختار جمعة، وزير الأوقاف، ضد جبهة الطيب، بتظلم إلى شيخ الأزهر الشريف، خلال الأيام الماضية، للطعن على قراره بتكليف محمد المحرصاوي، بالقيام بأعمال رئيس الجامعة، إلا أنه لم يتم البت فيه، بل تمت إحالته إلى المجلس الأعلى للأزهر، بحسب ما قال أبو هاشم. بعدها قام برفع دعوى قضائية أمام القضاء الإداري؛ للمطالبة بتفعيل القانون بشأن تعيين القائم بأعمال رئيس الجامعة، منوها بأنه لم يطلب تعيينه كقائم بأعمال رئيس الجامعة، بقدر تفعيل القانون على الجميع.

وأوضح أنه اقام الدعوى عقب "استنفاده كل السبل داخل مؤسسة الأزهر من أجل الحصول على حقه"، مشيرا إلى أن "المادة 44 من القانون 103 المنظم للعمل داخل الأزهر، تنص على تولي أقدم نواب رئيس الجامعة، منصب رئيس الجامعة حال خلوه".

وأكد أبو هاشم في تصريحات صحافية أنه "ليست هناك خصومة بينه وبين شخصيات بعينها داخل مؤسسة الأزهر الشريف"، وأن المسألة والموضوع برمته يتعلقان بكونه أحد رجال جامعة الأزهر الراغبين في تفعيل القانون وإعلاء دولة المؤسسات التي تقوم على احترام القانون، وذلك من أجل الحفاظ على أعرق جامعات مصر والعالم الإسلامي.

وقالت مصادر من داخل مشيخة الأزهر، رفضت الكشف عن أسمائها، لـ"العربي الجديد"، إن "أحمد الطيب استغل التصريحات التي أطلقها رئيس الجامعة السابق أحمد حسني ضد الإعلامي إسلام بحيري، والتي أثارت جدلًا واسعًا، وقام باستبداله بالمحرصاوي، حيث إن حسني كان سيبلغ سن المعاش القانونية خلال أشهر معدودة، وينص القانون على تعيين أقدم نواب رئيس الجامعة، وهو محمد أبو هاشم، الذي لا يرغب الطيب في تعيينه".