سبعة فرنسيين يضربون عن الطعام تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين

10 مايو 2017
الإضراب متواصل لليوم الثالث في باريس (العربي الجديد)
+ الخط -
وصل إضراب الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي إلى فرنسا، يوم الإثنين الماضي، حين قرّر بعض المتعاطفين مع الشعب الفلسطيني وقضاياه، الإضراب عن الطعام تضامنًا مع الأسرى الفلسطينين، الذين بدؤوا إضرابهم يوم 17 أبريل/نيسان الماضي.

ابتدأ الإضراب التضامني في ساحة "شاتليه" الباريسية. بخمسة مناضلين، ثم وصل اليوم إلى سبعة أشخاص؛ أربع نساء وثلاثة رجال: أوليفيا وجونفييف وفاتي وموس واسيتفان وألان وجينو.

وبجانب هؤلاء المضربين، تحضر مجموعة من المتعاطفين مع القضية الفلسطينية، ومن بينهم المحامية لينا الطبّال، من اللجنة الدولية للدفاع عن مروان البرغوثي والأسرى الفلسطينيين، وأيضًا ممثلة السفارة الفلسطينية في باريس، نهى رشماوي، ومواطنون عرب وفرنسيون.

وتحدّثت لينا الطبال، لـ"العربي الجديد، عن بداية هذا الإضراب الذي لعب فيه القائد الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي دورًا مركزيًّا، منوهة بالصمود الكبير للمضرين عن الطعام، رغم البروباغاندا الإسرائيلية والإشاعات المغرضة عنهم. وحذرت من تفكير الحكومة الإسرائيلية في تغذيتهم قسريًّا، في مخالفةٍ مفضوحة للقانون الدولي.

واستعرضت المحامية الاتفاقات الدولية، ومن بينها اتفاقية طوكيو، واتفاقية مالطا (للجمعية الطبية العالمية)، التي تنص على حظر التغذية القسرية للمضربين عن الطعام، لأنّ المضرب عن الطعام له الحق في الامتناع عن الطعام، باعتباره "وسيلة احتجاج لاعنفية"، وباعتبار التغذية القسرية: "ضرب لإرادة وكرامة المضرب عن الطعام"، وهي، أيضًا: "تعذيب ومعاملة مهينة له"، إضافة إلى أنها قد تؤدي إلى الموت. وأضافت أن مسك السجين وربطه وإدخال أنبوب من أنفه إلى معدته، عملية صعبة، قد تؤدي إلى حدوث نزيف يقود، بدوره، إلى انسداد، ثم إلى ذبحة صدرية، ثم إلى الموت.

وكشفت المحامية، أن إسرائيل لجأت، أكثر من مرة، إلى هذه الطريقة ما بين 1970 و1980، وأدت إلى استشهاد فلسطينيَين سنة 1980. وعلى الرغم من أن المحكمة العليا الإسرائيلية أعلنت بطلان هذا الإجراء، بعد ذلك، إلا أن "الكنيست" عاد فشرَّعه سنة 2015، مع اشتراط سماح الطبيب بذلك.



كما كشفت المحامية عن أن إسرائيل تجلب أطباء من الخارج (ثمة إشاعة عن وجود فرنسيين، لم تتأكد بعد) لا يراعون أخلاقيات المهنة، ويمكنهم الموافقة على طلبات السلطات الإسرائيلية.
وختمت الطبال، في لقائها مع "العربي الجديد"، إن "تغذية الأسرى الفلسطينيين بالقوة هو تعذيب"، مستذكرة ما نصّ عليه ميثاق روما لسنة 1998، في مادته الثامنة، من أنّ "التعذيب جريمة حرب".

وتحدث "العربي الجديد" إلى المضربين عن الطعام، وخاصة أوليفيا زيمور، وهي رئيسة جمعية "يورو- فلسطين"، الحاضرة في كل النضالات المدافعة عن الشعب الفلسطيني وقضاياه، ونالت حظّها من الاعتداءات اللفظية والجسدية من قبل أعضاء في رابطة الدفاع اليهودي الصهيونية المتطرفة بسبب انخراطها النشيط في حركة مقاطعة إسرائيل "بي دي إس".

وتقول أوليفا: "إن هؤلاء الفلسطينيين المضربين عن الطعام، لا يدافعون فقط عن قضاياهم، بل وعنّا أيضًا، لأنهم يدافعون عن القانون الدولي". وأضافت: "إن طلبات هؤلاء البسيطة، مثل الحق في العلاج وفي التعليم، ما كان ليُنظَّم إضرابٌ من أجلها، إلا في دولة إسرائيل، وجنوب أفريقيا، من قبل".

 وأضافت إن "إضرابنا هو احتجاج على الظلم الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني وأسراه منذ فترة طويلة"، واستذكرت أوليفيا زيمور وصف الرئيس المنتخب حديثًا، إيمانويل ماكرون، لما قامت به فرنسا في الجزائر بأنه "جريمة ضد الإنسانية".

وتساءلت: "أليس ما يفعله الإسرائيليون ضد الفلسطينيين، هو، أيضًا، جريمة ضد الإنسانية؟"، منددة بتقديم فرنسا والاتحاد الأوروبي مِنَحاً وتسهيلات متواصلة لإسرائيل، معتبرة إياها: "مكافأة على جرائمها المتواصلة، ومن بينها جرائم نقل الأسرى الفلسطينيين إلى السجون الإسرائيلية".

وأبدت أوليفيا أسفها على أن الصحافة العالمية التي لا تتحدث كثيرًا عما يجري، لكنها استدركت أن الصحافة نفسها لم تفعل شيئًا كبيرًا أيام أبرتهايد جنوب أفريقيا، و"لكن نيلسون مانديلا انتصر وشعبه معه، بسبب التضحيات. وكذلك سينتصر مروان البرغوثي، الذي يمثل وحدة الأسرى في انتظار وحدة الشارع الفلسطيني، ومعه الأسرى الفلسطينيون والشعب الفلسطيني، أيضًا، بصمودهم".

وعبّرت أوليفيا زيمور عن أسفها لأن "الرئيس الفرنسي الجديد ماكرون لم يتعهد بالاعتراف بالدولة الفلسطينية".


ودعت أوليفيا زيمور إلى عدم تصديق الشائعات الإسرائيلية التي تريد إفشال حراك الأسرى الفلسطينيين. مشيرة إلى ضرورة مكافحة البروباغاندا الحكومية الإسرائيلية، وفي هذا الصدد كشفت النقاب عن توجيه جمعيتها الدعوة للمناضلة الإسرائيلية تامار ألون، التي قضت 130 يومًا في السجن بسبب رفضها أداء الخدمة العسكرية، للقدوم إلى باريس، الأسبوع المقبل، لتقديم شهادتها الحقيقية عما يجري هناك، وهي "شهادة من إسرائيلية يهودية، حتى لا يُشهرَ الصهاينة شعارهم الجاهز: معاداة السامية".

وتجدر الإشارة إلى أن المضربين حظوا، اليوم الأربعاء، بزيارة من قبل سفير فلسطين في باريس، سلمان الهرفي. وفي السياق، تحدّثت نهى رشماوي، من سفارة فلسطين في باريس، ومن اللجنة الدولية لإطلاق سراح مروان البرغوثي وكافة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، عن "دور السفارة في التنسيق الإعلامي، للتظاهرة والتعريف بالحركة والتنسيق مع كافة الدوائر والجمعيات. لأن الهدف من كل هذا هو توصيل رسالة الأسرى الفلسطينيين إلى الخارج".

وأضافت رشماوي: "حتى لا يشعر الأسرى بأنهم معزولون، وليشعروا أنه يوجد في فرنسا أشخاص، حتى ولو كانوا أقلية، إلى جانبهم. لأن المهم ليس هو العدد، بل بالنوعية. ويوجد متضامنون، ليس فقط، من اليوم، بل منذ فترة بعيدة، وهم سيكملون الطريق معنا، لأن القضية الفلسطينية هي قضية كل الأحرار في العالم، كما كان حال جنوب أفريقيا. والبرغوثي وإخوانه الأسرى، اليوم، حالهم كما كان حال مانديلا، أمس، رمز الحرية والعمود الفقري للنضال الشعبي الفلسطيني ضد الاحتلال".

وأضافت رشماوي بأن "الأسرى فقدوا كل أمل في احترام إسرائيل للقوانين الدولية، ووجود أي ردع لها، فقرروا الحراك، وأثبتوا للعالَم بأنهم أقوى من الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا، واستطاعوا إيصال صوتهم إلى كل مكان في العالَم."، وأضافت: "نحن نعرف أن الأمر غير كاف، ولهذا نريد من العالم أن يقف معنا، في إيصال هذه الرسالة، لأنها صوت الحق والكرامة لأي إنسان في العالم".

كما حظي المضربون بزيارة نادرة من قبل رجل الدين الفرنسي الشهير، مونسنيور غايو، الأسقف المعروف بمواقفه الثابتة مع كل القضايا العادلة، والذي لم "يحترم" قط ما يسمى بـ"حيادية" الكنيسة، فدعّم المهاجرين غير الشرعيين، في وجه وزارة الداخلية الفرنسية، ودافع عن القضية الفلسطينية في كل المناسبات.

ورغم مرضه حضر، وقال لـ"العربي الجديد": "أتيتُ لأعبّر عن وقوفي إلى جانب المضربين عن الطعام، ومن خلالهم مع الأسرى الفلسطينيين، ومع القضية الفلسطينية، ولأحيي الصديقة أوليفيا زيمور، ذات المبادئ، والتي لا تتعب".

ويتواصل الإضراب عن الطعام لليوم الثالث في باريس، والأمل في أن يستمر، ما دام  إضراب الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال يتواصل، والأمل، أيضًا، أن يتعرف الرأي العام الفرنسي، المنهمك في الانتخابات، على معاناة الأسرى الفلسطينيين وحرمانهم من أبسط حقوقهم، من قبل إسرائيل، الدولة الصديقة لفرنسا، والتي لم تبخل عليها فرنسا، يومًا، بالدعم والحماية. ​