الدستور الليبي... ماذا ستتضمن المسودة الرابعة في 7 مايو؟

02 مايو 2017
مسودة الدستور فصلت على مقاس حفتر(عبد الله دومة/فرانس برس)
+ الخط -
رغم توصل هيئة صياغة الدستور الليبي إلى ثلاث مسودات للدستور، منذ انتخابها في فبراير/ شباط 2014، إلا أنها لم تتمكن من الوصول إلى صيغة لـ"دستور دائم" يقنع أعضاءها للتصويت بالإجماع عليها لإحالتها للاستفتاء الشعبي، في ظل حديث عن مسودة رابعة، على أمل أن تنهي الفترة الانتقالية التي ستدخل عامها السابع قريباً.

وتأتي مسودة الدستور الرابعة في ظل تعمق الخلافات، واشتداد الاستقطابات والنزعات الجهوية، داخل لجان هيئة صياغة الدستور، مما اضطر الهيئة إلى تكوين لجنة عرفت باسم "لجنة التوافقات"، توصلت، الأسبوع الماضي، إلى صيغة جديدة عرفت بـ"المسودة الرابعة" ومن المفترض أن تطرح، خلال السابع من مايو/أيار، للتصويت عليها من قبل كافة أعضاء الهيئة بالموافقة أو العودة للعمل على صيغة أخرى.

وبحسب ما تسرب عن المسودة، فيبدو أنها تأثرت بنتائج الصراع الحالي، ببروز العسكر طرفاً فاعلاً فيها، إذ أهملت موادها الحديث عن مسائل كانت محل جدل في الوقت السابق، مثل مشاركة الشباب في العمل السياسي، وتحديد سن الترشح لمجلس النواب، كما أن الحديث عن الحقوق الثقافية للأقليات الليبية، التي يقاطع ممثلوها الجلسات، غابت نسبياً عن المسودة الجديدة، في مقابل حديث "المسودة الرابعة" عن آليات وشروط الترشح لرئاسة البلاد.


وبدا واضحاً أن الشروط التي توصلت لجنة التوافقات في الهيئة إلى الاتفاق بشأنها لترؤس البلاد فصّلت لترضي طموحات رجل عسكري بعينه قد يكون اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وقد سمحت المسودة الرابعة للمؤسسة العسكرية بدخول غمار السياسة، من خلال موافقتها على استقالة العسكري من وظيفته والترشح للمناصب السياسية، وإن كانت هذه المادة ضمن المسودتين الثانية والثالثة، إلا أنهما حددتا للعسكري سنتين للاستقالة قبل الترشح لشغل منصب سياسي، وهو ما اختفى في المسودة الرابعة الحالية، والتي لم تحدد زمناً لابتعاد العسكري عن وظيفته السابقة ليترشح سياسياً. 

كما أن المسودة الجديدة لم تمنع العسكري، الذي عاش كل حياته خارج ليبيا، من الترشح لرئاسة البلاد، كما أن الحاصل على جنسية دولة أخرى له أن يترشح أيضاً، شريطة أن يكون قد تخلى عن هذه الجنسية قبل خمس سنوات.


ولم يخف مراقبون مخاوفهم من تأثر مخرجات هيئة الدستور بالأزمة الحالية للبلاد، فالسيناريوهات المتوقعة لهذه المسودة، التي يبدو أن تيارات موالية لجيش البرلمان تضغط من أجل الموافقة عليها، لن تفضي إلى نهاية المرحلة الانتقالية.

ويتوقع أن طرح المسودة للاستفتاء الشعبي يعني تمكين العسكر مجدداً من الحكم، وبالتالي دخول ليبيا في صراع مع العسكريين ومؤسسات الدولة، وعلى رأسها الجهات التشريعية، وتحولها إلى مصدر للنزاع والصراع مجدداً.

وفي حال رفضت المسودة الجديدة فإن هناك احتمالاً للعودة لنقطة الصفر، بحيث سيكون من الصعب أن يجتمع أعضاء الهيئة مجدداً من أجل العمل على تعديلات جديدة، بحسب ما عبر عنه بعض أعضائها من المنطقة الشرقية، الذين هددوا، في تصريحات، بالاستقالة وإفقاد الهيئة نصابها القانوني.

يذكر أن الهيئة خلال فترة عملها تعرضت لضغوط كبيرة من قبل الأطراف السياسية، حتى إنها أصبحت طرفاً في الأزمة في بعض الأحيان، وهو ما وصفه المراقبون بأن "التغييرات في المسودات تعكس مساعي أطراف سياسية لأن يكون شكل الدستور ملائماً لتوجهها، مثل تحديد شروط انتخاب رئيس البلاد، وشكل الحكم، بل طاول الخلاف حتى علم الدولة الرسمي". 

كما تضمنت العقبات التي واجهتها الهيئة تغيير مقرها، فرغم أنه من المفترض أن يكون مقرها في مدينة البيضاء شرق البلاد، فقد واجهت الهيئة العديد من العراقيل، كان أبرزها تنحية رئيسها علي الترهوني، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحكم قضائي إثر دعوى تقدم بها عدد من أعضائها على خلفية حمل الترهوني للجنسية الأميركية بالإضافة إلى الليبية، وبعدما أعلن عدد من أعضاء اللجنة مقاطعتهم لأعمالها، بسبب انتماءاتهم السياسية، ورفضهم لأن تكون البيضاء، التي تقع تحت سيطرة البرلمان، مقراً لها، مما دفع إلى نقل جلساتها إلى مدينة صلالة في سلطنة عمان منتصف عام 2016، قبل أن تعود إلى البيضاء في وقت لاحق.