الموصل: جرائم تغيير ديموغرافي ترتكبها المليشيات

23 ابريل 2017
ترهب المليشيات السكان لترك مناطقهم (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -




تراقب حكومة إقليم كردستان العراق بقلق، منذ أسابيع عدة، حركة التغلغل الواسعة لمليشيات "الحشد الشعبي"، وأحزاب موالية لإيران كحزب "الدعوة"، في الموصل وضواحيها، خاصة المناطق التي تضم أقليات كردية هناك.

وتسعى الحكومة، إلى تعزيز قوات "البشمركة" الكردية على طريق الشريط بين الإقليم ومحافظة نينوى، كما لو كان المشهد عام 2014 عندما اجتاح تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مدن المحافظة، ووصوله إلى مشارف الإقليم الكردي الذي يحظى بحكم شبه مستقل عن بغداد.

وتؤكد مصادر كردية حكومية، لـ"العربي الجديد"، أنّ أحزاباً ومليشيات مقرّبة من إيران، باشرت بعمليات تغيير ديموغرافي، وعلى نحو كبير، لكن بتكتّم، مستغلّين عدم تواجد وسائل إعلام مستقلة تنقل ما يجري هناك.

وقال محمد شواني، القيادي في الحزب "الديموقراطي الكردي" بقيادة رئيس الإقليم، مسعود البارزاني، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأحد، إنّ 34 مقرّاً لأحزاب دينية ومليشيات موالية لإيران تم افتتاحها في الموصل وضواحيها، متهماً إياهم بممارسة "جرائم ذات طابع طائفي بالمناطق المحررة في المحافظة".

وأوضح أنّ "المليشيات والأحزاب تمارس في مقراتها تلك، أعمالاً تندرج ضمن عمليات التغيير الديموغرافي، كالضغط على السكان من السنة والمسيحيين لبيع منازلهم وعقاراتهم وأراضيهم، وقد تم تسجيل حالات ضغط كثيرة أجبرت العائلات على ترك مناطقها المحررة خوفاً من تعرضها للاستهداف".

وقال شواني إنّ "الأمر يجري بسلاح الحكومة العراقية، مع الأسف، وبأموال إيرانية"، لافتاً إلى أنّ "الجيش العراقي ضعيف للغاية، ولا يمكنه التحرّك إزاء هذا الملف الخطير".

بدوره، قال غياث السورجي، وهو مسؤول عسكري بارز بقوات "البشمركة"، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحشد الشعبي يمارس بالفعل جرائم ضد السكان، فمثلاً القوة التي يقودها شقيق عضو (الائتلاف الوطني) حنين قدو، يمنع عودة نحو 10 آلاف من الأكراد من عشيرة الهركية إلى مناطق سكنهم ضمن قضاء الحمدانية، ويمنعهم حتى من استعادة ما تركوا من ممتلكاتهم الخاصة عند مهاجمة داعش المنطقة".

وأوضح السورجي، أنّ "فصائل في الحشد نصبوا حواجز تفتيش، ويقومون بمضايقة السكان واعتقال من يريدون، واستهدفوا كذلك المسيحيين في المنطقة"، محذراً من اعتماد المليشيات "سياسة وضع اليد على مناطق سهل نينوى الواقعة شمال مدينة الموصل".

ونبّه السورجي من أنّ "مناطق النمرود، برطلة، بعشيقة، تلكيف هي من المناطق المتنازع عليها وفق المادة 140 من الدستور العراقي، لكن فصائل الحشد الشعبي وضعوا يدهم على تلك المناطق بالقوة، فهم لا يعترفون بالدستور العراقي، وسيمنعون إجراء استفتاء فيها لتقرير مصيرها مستقبلاً".

ورأى المسؤول العسكري الكردي أنّ "خطة الحشد الشعبي واضحة ويقومون بتنفيذها، وهي السيطرة على مناطق تبدأ من قضاء تلعفر غرب الموصل، امتداداً إلى تلكيف وبعشيقة ثم برطلة والنمرود شمالها".



وفي السياق، قال عضو مجلس محافظة الموصل، ماجد عبد الحميد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأحزاب والفصائل المسلحة الموالية لإيران، تركّز في مشروع التغلغل الحالي بمحافظة نينوى، وبشكل طائفي، على تجمّعات القومية التركمانية والشبك، حيث يجري توظيفهم ضمن المشروع بالتسليح والتجنيد منذ مدة".

وأضاف عبد الحميد أنّ "المشكلة هي الكيل بمكيالين، فمن يصرح عن تلك الجرائم يتهم بأنّه طائفي، في حين أنّ ارتكاب المليشيات جرائم التغيير الديموغرافي والإقصاء والتهجير على أسس طائفية لا يعتبر كذلك".

ويتوزع الشبك على 52 من القرى شمال الموصل، وكذلك في داخل المدينة، ويقدر عددهم بنحو 400 ألف، أما التركمان فيتركّز وجودهم في قضاء تلعفر ولا يعرف عددهم بشكل دقيق.

ونشرت صحيفة "باس" الكردية المقرّبة من سلطات كردستان، معلومات أكدت فيها أنّ ما تم في الإقليم، هو استبدال "داعش" بالمليشيات حتى الآن.

وذكرت الصحيفة أن خمسة من مقرّات المليشيات تتبع مقتدى الصدر، ويشرف عليها عبد الله الأعرجي، وستة مقرات تابعة لمليشيا "بدر"، ومقرين لحزب "الدعوة" التابع لرئيس الوزراء السابق، نوري المالكي.

وبحسب الصحيفة، فإنّ الفصائل الموالية لإيران "تنفّذ حملات لاستقدام أسر تابعة لها، وإسكانها مكان أهالي تلك المناطق والأقليات الأخرى، وتقوم بوضع اليد على الأراضي والعقارات العائدة للمواطنين، عبر اتباع أساليب تتراوح بين ترغيبهم ودفع أموال لهم، أو ترهيبهم لترك مناطقهم"، كاشفة عن أنّ تلك الأموال "تأتي من الحكومة العراقية، وكذلك من إيران".


المساهمون