الحملة الرباعية على الحدود السورية-الأردنية: خطوة استباقية لتحرير الرقة

13 ابريل 2017
سيسيطر المقاتلون على الأرض بعد الغارات الجوية (إبراهيم الحريري/الأناضول)
+ الخط -

تتجه الأنظار إلى الجنوب السوري، المتاخم للحدود الأردنية، بعدما بات مؤكداً أن عملية عسكرية على وشك الانطلاق هناك للقضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في تلك المنطقة، وتعزيز قوة مقاتلي الجبهة الجنوبية للتعامل مع أي اندفاع محتمل لعناصر التنظيم، في حال انطلاق معركة تحرير الرقة، حسب ما أكدت مصادر أردنية، وقادة فصائل مقاتلة في الجهة الجنوبية. وأشارت مصادر سياسية في العاصمة عمّان، وقادة في الجبهة الجنوبية، إلى أنه يجري وضع اللمسات النهائية على العملية العسكرية، من دون أن يحددوا موعداً لانطلاقها، بمشاركة الأردن والسعودية وأميركا وبريطانيا.

وعلمت "العربي الجديد" أنه جرى استدعاء قادة من الفصائل المقاتلة في الجبهة الجنوبية إلى الأردن خلال اليومين الماضيين، وتم عقد اجتماعات معهم في "غرفة عمليات ألموك"، لتقييم الوضع الميداني، والوقوف على حاجتهم من السلاح، تمهيداً للعملية العسكرية. وفيما أكدت فصائل مقاتلة إبلاغها رسمياً بالعملية العسكرية، من دون وضعها في تفاصيلها، كشفت أخرى عدم معرفتها بوجود عملية قيد التحضير، مرجحة أن عدم إبلاغها يأتي لأن مسرح العملية سيكون خارج حدود انتشارها.

وقال العقيد في قيادة الجيش السوري الحر، خالد الحبوس، لـ"العربي الجديد"، إن هدف العملية هو تأمين الحدود الأردنية-السورية، ومثلث الحدود الأردنية-السورية-العراقية (منطقة معبر التنف)، من "داعش". ويشكل "جيش خالد بن الوليد"، المبايع للتنظيم، والمتواجد على بعد أقل من كيلومتر من الحدود الأردنية في الشمال الغربي (منطقة حوض اليرموك)، مصدر قلق لعمان، إضافة إلى القلق الذي يشكله تواجد التنظيم الفاعل في المثلث الحدودي الأردني-السوري-العراقي. ويكرر عسكريون أردنيون تحذيراتهم من تحول المناطق المتاخمة لحدود المملكة إلى مسرح لاندفاع عناصر "داعش" تحت تأثير الخسائر التي تعرض لها التنظيم في الموصل، وتلك المتوقعة عند انطلاق عملية تحرير الرقة.


ورجح الحبوس مشاركة عناصر قوات جيش العشائر، الذين تلقوا تدريبهم في الأردن، وجيش سورية الحرة، وأسود الشرقية، ومغاوير الثورة وألوية العمري في المعركة، إذ ستناط بهم مهمة احتلال الأرض في أعقاب الغارات التي ستنفذها قوات الدول المشاركة في العملية على معاقل التنظيم. وأكد أن "المشاة هم من يحتلون الأرض، إذ إن الطيران والصواريخ والمدفعية لا يمكنها احتلال الأرض، لكنها تساعد في تمكين المقاتلين. يجب أن يكون للدول المشاركة في المعركة قوات على الأرض لمساعدة المقاتلين". وأشار إلى أن تساؤلات لدى الفصائل المقاتلة ما تزال تنتظر إجابات، وهي "متى وكيف ومن أين ستبدأ العملية، وهل ستشارك فيها قوات من تلك الدول على الأرض، وما حجم تلك المشاركة؟". وقال "لدينا معلومات متضاربة حول مشاركة جنود من تلك الدول على الأرض".

وكان الأردن شن، مطلع فبراير/شباط الماضي، غارات جوية مكثفة على مواقع "داعش" في الجنوب السوري، وأعلن تمكنه من تدمير مستودعات للذخائر والمعدات العسكرية وثكنات للتنظيم، لكن الغارات لم تتمكن من هزيمته بشكل نهائي. وفي وقت تؤكد فصائل في الجبهة الجنوبية تبلغها بالعملية العسكرية المرتقبة، من دون إطلاعها على التفاصيل، قال القائد العام لقوات أسود الشرقية، طلاس سلامة، لـ"العربي الجديد"، "لا نعلم عن عملية عسكرية. عرفنا عنها من وسائل الإعلام، وفوجئنا بورود أسود الشرقية ضمن المشاركين فيها". سلامة الذي وصل الأردن، أول من أمس، لعقد اجتماعات تتصل بضمان استمرار تزويد أسود الشرقية بالسلاح، يؤكد أن المناطق التي تنشط فيها قواته في البادية السورية، بطول 150 كيلومتراً وبعمق 140 كيلومتراً في الداخل السوري، باتت آمنة بشكل كامل. لكن عدم معرفة/ تبليغ، طلاس بالعملية لا ينفيها، كما يقول لـ"العربي الجديد"، مرجحاً أن تشمل مناطق خارج حدود نشاط قواته، مستهدفة عناصر التنظيم المتواجدين في منطقتي حوض اليرموك عند الحدود الشمالية الغربية للأردن، ومعبر التنف عند المثلث الحدودي.

مصادر سياسية أردنية، تحدثت إلى "العربي الجديد"، أكدت أن العملية العسكرية التي يجري الإعداد لها، تستهدف القضاء على تنظيم "داعش"، وإيجاد منطقة خالية منه، بشكل يبعد الخطر عن المملكة، ويقلل من احتمالات اندفاع عناصر التنظيم مستقبلاً باتجاه الحدود الأردنية. ورأت المصادر أن وجود مناطق خالية من "داعش" يساهم في التقليل من أعباء اللجوء السوري التي تتحملها المملكة، ويشجع اللاجئين في مخيمي الركبان والحدلات الحدوديين على العودة إلى الداخل السوري في حال ضمان الاستقرار والأمن هناك. وفيما تؤكد المصادر أن دور الدول المشاركة في العملية ينحصر بتوجيه ضربات إلى أماكن تواجد التنظيم، بالتزامن مع إمدادات عسكرية للمعارضة المعتدلة لتمكينها من هزيمة "داعش"، فإنها لم تستبعد تنفيذ عمليات محدودة في الداخل السوري ضد عناصر التنظيم حسب مقتضيات الحاجة، وبما يفرضه سير العملية العسكرية، التي سيصار إلى تقييمها بشكل مستمر بعد انطلاقها. وبُحثت العملية العسكرية خلال زيارة رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، إلى عمان مطلع إبريل/نيسان الحالي، والتي شملت القيام بجولة على قيادة العمليات الخاصة الأردنية. كما جرى بحثها خلال زيارة العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، إلى واشنطن أخيراً، واجتماعه مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وهي الزيارة التي احتل خلالها الملف السوري والحرب على الإرهاب الأولوية، خصوصاً أنها تزامنت مع الهجوم بالأسلحة الكيماوية على خان شيخون.