وقال جوبيه، الذي كان يتحدث أمام وسائل الإعلام من مدينة بوردو التي يرأس بلديتها: "أؤكد للمرة الأخيرة أنني لن أقدم ترشحي للانتخابات الرئاسية"، مضيفاً: "لقد توصلت الأسبوع الماضي بعدة دعوات تطلب مني أن أترشح. هذه الدعوات جعلتني أتردد، وبعد التفكير اقتنعت بأن التجمع والوحدة صارا أصعب من أي وقت مضى. ليست لدي النية في الدخول في مزايدات وتحالفات من جديد، ولست قادراً على تحقيق إجماع حول مشروع وحدوي، لهذا لن أقدم ترشحي للرئاسيات".
وكان جوبيه أعلن، ليلة أمس، في تغريدة عبر موقعه على "تويتر"، أنه سيتحدث، صباح اليوم الإثنين، أمام وسائل الإعلام لتوضيح موقفه من الترشح للرئاسيات، بعد أن راجت معلومات طيلة الأسبوع الماضي عن مطالبة العديد من نواب اليمين والوسط له بالترشح للانتخابات الرئيسية، بديلاً عن المرشح اليميني الرسمي، فرانسوا فيون، الذي تدهورت شعبيته بسبب متاعبه مع القضاء.
وخرج الرئيس السابق، نيكولا ساركوزي، عن الصمت الذي التزم به منذ إقصائه من الانتخابات التمهيدية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، واقترح صباح اليوم الإثنين لقاءً ثلاثياً مع فيون وجوبيه لتدارس الأزمة التي يمر بها اليمين المحافظ، والانقسامات حول ترشح فيون.
وكتب ساركوزي، في تغريدة على موقع "توتير": "في مواجهة الوضعية الخطيرة التي يعاني منها حالياً اليمين والوسط، إن على كلّ واحدٍ منا أن يعمل من أجل المحافظة على الوحدة التي تبقى الضمانة الوحيدة للوصول إلى الرئاسة"، وتابع "لهذا أقترح على جوبيه وفيون لقاء ثلاثياً للتوصل إلى مخرج ذي مصداقية لتجاوز هذه الوضعية التي طالت كثيراً وخلقت اضطراباً كبيراً لدى الفرنسيين".
ومن المقرر أن ينعقد، مساء اليوم الإثنين، اجتماع استثنائي لقيادة حزب "الجمهوريون"، ممثلة بـ"اللجنة السياسية"، من أجل "تقييم الأوضاع الكارثية" داخل الحزب.
وتتألف اللجنة السياسية من مجموعة من الشخصيات القيادية، من بينهم ساركوزي وجوبيه.
وبعد إعلان جوبيه رفضه القاطع للترشح مكان فيون، تروج معلومات حول اقتراح بمحاولة إقناع فيون بالانسحاب وفسح المجال للنائب الشاب ووزير الاقتصاد السابق، فرانسوا باروان، ليحل مكانه، غير أن المعلقين يستبعدون نجاح أي محاولة لإقناع فيون بالتنحي، على ضوء تصريحاته أمس الأحد.
ويشكل هذا الاجتماع منعطفاً حاسماً بالنسبة إلى فيون وحزب "الجمهوريون"، بعد أن بات قسم مهم من اليمين شبه متأكد من خسارة الحزب للرئاسيات إذا لم يتخل فيون عن الترشح باسمه، بعد أن تهاوت شعبيته إلى درجة مقلقة، وصارت كل استطلاعات الرأي تتنبأ بهزيمته وإقصائه في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية.
وكان فيون عقد تجمعاً أمس الأحد بساحة تروكاديرو في وسط باريس، وأكد إصراره على مواصلة حملته الانتخابية، وطالب أنصاره بعدم الاستسلام للدعوات التي تطالب بانسحابه من السباق الرئاسي، واعترف بارتكابه عدة أخطاء في قضية "التوظيف الوهمي"، التي يتابعه القضاء بشأنها.
وهاجم فيون الشخصيات والنواب اليمينيين الذين تخلوا عنه في الأسابيع الأخيرة، ووجه تحذيراً مباشراً للذين يطالبونه بالتنحي، والتخلي عن ترشحه للرئاسة، مؤكداً أن "لا حق لهم في اختيار أي بديل ما دام شعب اليمين والوسط قد صوت لي بكثافة في الانتخابات التمهيدية".
وكان فيون في الواقع يلمح إلى مطالبة بعض النواب اليمينيين ألان جوبيه بالترشح بديلاً عنه.
ونجح فيون في حشد الآلاف في تجمّعٍ ضخمٍ من أجل إظهار شعبيته، وإنقاذ ترشحهللانتخابات، بعد أن تراكمت عليه المشاكل في الأسابيع الأخيرة، وانفض من حوله عشرات الشخصيات والنواب من اليمين المحافظ والوسط، ومنهم على الخصوص مدير حملته الانتخابية، باتريك ستيفانيني، والمتحدث باسمه، تيري سولير، بالإضافة إلى الشخصية اليمينية القيادية، برونو لومير.
وخلال خطاب تركودايرو، وجه فيون رسالة مباشرة إلى عائلته السياسية، أعاد فيها التأكيد على إصراره خوض الرئاسيات مهما بلغت درجة متاعبه مع القضاء، الذي من المنتظر أن يوجه له الاتهام رسمياً في 15 مارس/آذار المقبل في قضية التوظيف الوهمي لزوجته.
ويخشى ناخبو اليمين المحافظ من أن تؤدي الأزمة المفتوحة داخل الحزب إلى انقسامه وتفتته بسبب فيون، خاصة إن صحت توقعات استطلاعات الرأي الأخيرة وأقصي مرشح اليمين في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية في مايو/أيار المقبل.