نتائج "رمزية" للمعارضة من معركة دمشق... والنظام يستعيد توازنه

20 مارس 2017
عنصران في المعارضة خلال اشتباكات جوبر (عامر المهيباني/فرانس برس)
+ الخط -

لليوم الثاني على التوالي، بقيت أصوات الانفجارات تدوّي، وهدير الطائرات يُسمع، في أرجاء العاصمة السورية دمشق، من جراء المعارك العنيفة الدائرة على جبهات أحيائها الشرقية، امتداداً من جوبر إلى القابون وبرزة، وذلك عقب هجوم مفاجئ لفصائل مسلحة، خسر النظام بسببه نقاطاً عسكرية عديدة على أطراف حيي جوبر والقابون، لكن سرعان ما شن هجوماً مضاداً، أمس الإثنين، استعاد خلاله بعض المناطق التي خسرها.

واستمرت ردة الفعل الجنونية من النظام عبر شن عشرات الغارات على مناطق الغوطة الشرقية وجوبر، أدت إلى سقوط أكثر من 20 قتيلاً في اليومين الماضيين. وكانت الفصائل بدأت، فجر الأحد، هجوماً على عدة نقاط، بدأ بمفخختين استهدفتا قوات النظام والمليشيات الموالية له، تبنّتهما "هيئة تحرير الشام"، في حين توسع الهجوم لاحقاً، لتسيطر القوات المهاجمة على عدة أبنية استراتيجية في المنطقة الصناعية وشركة "سادكوب" ومعمل "الكراش" وشركة الكهرباء وشركة "سيرونكس"، ما أمّن ربط حي جوبر بالقابون، قبل أن يشن النظام هجوماً مضاداً أعاد فيه فصل الحيين عن بعضهما. وتحدثت وسائل إعلام النظام، أمس الاثنين، عن أن قوات النظام استعادت النقاط التي سيطرت عليها الفصائل في الساعات الماضية، من دون تسميتها، في حين نشرت وكالة الأنباء "سانا" صوراً نُسبت إلى ساحة العباسيين ومنطقة قريبة من الكراجات، وأظهرت الشوارع شبه خالية، معلنة عن إصابة مبنى السفارة الروسية القريب من خطوط التماس، ما تسبب في وقوع أضرار مادية. كما سقطت قذائف على عدة مناطق سكنية، في وقت تشهد فيه العاصمة انخفاضاً واضحاً في حركة الآليات والمشاة.

وقال عضو المكتب الإعلامي في جوبر، محمد أبو اليمان، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "المعارك اليوم (أمس) تتواصل بشكل عنيف جداً، وهي بين كر وفر، في ظل قصف جوي عنيف، إذ زاد عدد الغارات حتى الظهيرة عن 55 غارة ومئات القذائف المدفعية والصاروخية"، لافتاً إلى أن "النظام استطاع جراء القصف العنيف إعادة فصل جوبر عن القابون". وأوضح أن "السيطرة على المناطق بين جوبر والقابون، أمر صعب، لأنها مناطق شبه مكشوفة، في حين أن غالبية الأبنية فيها قديمة هشة ومتفرقة، ما يجعل البقاء فيها للمقاتلين خطرا، الأمر الذي يستغله النظام عبر تكثيف القصف، ما يحول دون تثبيت النقاط التي تقدم لها المقاتلون عبر حفر الخنادق والأنفاق والسواتر، التي لعبت دوراً مهماً في صمود مناطق المعارضة، كحي جوبر". وبيّن أن أهداف المعركة الدائرة حالياً هي "وصل حي جوبر بالقابون، لتصبح رقعة جغرافية واحدة، ما سيؤدي إلى قطع طريق دمشق حمص، إضافة للدخول إلى عمق دمشق عبر محور ساحة العباسيين، ما سيؤدي إلى سيطرة الفصائل نارياً على شارع فارس خوري وعقدة القابون والبانوراما".

وأعلن "فيلق الرحمن"، أحد الفصائل المسلحة المعارضة المشاركة في معارك "يا عباد الله اثبتوا"، في بيان، "إطلاق المرحلة الثانية منها"، من دون توضيح ماهية المعركة وأهدافها، في حين تحدّث ناشطون عن احتمال فتح جبهات أخرى في الغوطة الشرقية بهدف تخفيف الضغط على جبهة جوبر- القابون. وذكر أنه "بعد استمرار هجمات قوات الأسد والمليشيات الموالية لها والروس على مناطق شرق العاصمة والغوطة الشرقية بهدف تقطيع أوصالها وتهجير أهلها، وبعد معلومات مؤكدة عن استعداد قواته في محيط كراجات العباسيين والمنطقة الصناعية في القابون لهجوم واسع على حي جوبر الدمشقي، قام فيلق الرحمن مع أحد فصائل الغوطة الشرقية بهجوم استباقي لهجوم قوات النظام". وأضاف البيان أن أهم نتائج الهجوم هي "تدمير غرفة عمليات العدو بشكل كامل، وتدمير دبابتين وعربة فوزديكا وعربة بي إم بي ومدفعين من عيار 57 مم، والاستحواذ على العديد من الأسلحة والذخائر، وقتل أكثر من 75 عنصراً للنظام، بينهم ثلاثة ضباط، وأعداد كبيرة من الجرحى". وتابع أن نتائج الهجوم تتمثّل أيضاً في "التقدم باتجاه كتل الأبنية المطلة على عقدة البانوراما، وقطع طريق الأوتوستراد الرئيسي المؤدي إلى دمشق وتعطيل كراج العباسيين، واقتحام بساتين برزة والتقدم في عدد من النقاط فيها".

وكان رئيس وفد المعارضة المسلحة في أستانة، وعضو "الهيئة العليا للمفاوضات" القيادي في "جيش الإسلام"، محمد علوش، قال، في تصريح، إن الهجوم الذي تعرضت له دمشق، الأحد، لا يعني انتهاء الحل السياسي التفاوضي. وأبدت مصادر سياسية معارضة في دمشق، طلبت عدم الكشف عن هويتها، في حديث مع "العربي الجديد"، مخاوفها من أن "يتم استغلال انخراط مشاركة هيئة تحرير الشام، التي تضم النصرة إلى جانب عدد من الفصائل القريبة منها، كمبرر للعمل على فرض سيطرة النظام، بدعم روسي إيراني، على مناطق المعارضة في أحياء العاصمة الشرقية والغوطة وحتى جنوب دمشق، أو وضع الفصائل غير المشتركة في المعركة، خصوصاً جيش الإسلام أكبر الفصائل المسلحة الإسلامية والمشاركة في مباحثات أستانة وجنيف، أمام خيارين، إما قتال النصرة ومن يحالفها أو الانضمام إلى قائمة التنظيمات الإرهابية". ورأت المصادر أن "المعركة التي بدأت الأحد لم تحقق حتى الآن إنجازاً نوعياً، قد يؤدي إلى تغير في موازين القوى على الأرض أو فك الحصار عن الغوطة الشرقية والأحياء الشرقية، إذ إن الحديث عن فك الحصار وربط الغوطة الشرقية بأحياء القابون وبرزة وحي تشرين، أمر محقق عبر العديد من الأنفاق التي تربط الجهتين، في حين ستكون عملية الربط فوق الأرض أمرا في غاية الصعوبة"، خصوصاً أن النظام أنشأ، على مدار السنوات الثلاث الماضية، تحصينات دفاعية كثيرة في محيط جوبر والقابون.

المساهمون