إملاءات روسية على الأسد...وفيتو من دمشق ضد دي ميستورا

21 مارس 2017
دي ميستورا غير مرحب به بدمشق(سالفاتوري دي نولفي/فرانس برس)
+ الخط -
تتسارع وتيرة الاجتماعات ومشاورات الأيام الأخيرة لمختلف الأطراف، تحضيراً لجولة مفاوضات سورية جديدة في جنيف، من المقرر لها أن تبدأ يوم الخميس المقبل. فقد أنهت الهيئة العليا للمفاوضات لقوى الثورة والمعارضة السورية اجتماعاتها بالرياض، بينما تعقد الهيئة السياسية للائتلاف، اليوم الثلاثاء، اجتماعاً تشاورياً أخيراً قبل بدء جولة التفاوض.
في موازاة ذلك، تصاعد التوتر في العلاقات بين المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، والنظام السوري، إذ رفض الأخير استقبال دي ميستورا الذي كان يعتزم زيارة دمشق، بسبب تصريحاتٍ قال فيها، إنه لا يمكن وضع دستور جديد لسورية بوجود النظام الحالي. ورفض النظام استقبال المبعوث الأممي إلى سورية، الذي كان من المقرر أن يلتقي مسؤولين في النظام يوم الخميس في دمشق.
وذكرت مصادر إعلامية مقربة من النظام، أن الأخير مستاء من تصريحات المبعوث الأممي، التي أشار فيها الى أنه ليس من الممكن كتابة دستور جديد للبلاد في ظل النظام الحالي. ونقلت وكالة " سبوتنيك" الروسية عن مصدر في النظام أن دي مستورا "بات شخصاً غير مرحب به في دمشق لا اليوم ولا في المستقبل".


لكن في موازاة ذلك، كان لافتاً إعلان رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الدوما الروسي، ليونيد سلوتسكي، أمس الإثنين، أن الوفد الذي يزور سورية حالياً، والذي يضم وفداً من نواب مجلس الدوما الروسي وممثلين عن الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، بحث خلال لقائه الرئيس السوري بشار الأسد، مسألة تشكيل لجنة للعمل على الدستور السوري في مفاوضات جنيف، وكذلك تشكيل لجنة دستورية في البرلمان السوري.
وأوضح سلوتسكي "أن الطرفين اتفقا على تشكيل لجنة دستورية في البرلمان السوري لقيادة تحولات نوعية في الحوار السوري ـ السوري، وذلك وفقاً لمطالب المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا". وأضاف "بحثنا التفاصيل المتعلقة بالعملية الدستورية وتشكيل لجنة دستورية في البرلمان السوري، وسيترتب علينا الآن بحث هذا مع رئيس البرلمان هدية عباس". كما نقل عنه قوله إنه لا يمكن تحقيق عملية مصالحة حقيقية في سورية من دون إقامة مناطق حكم ذاتي للأقليات. من جهته، قال زعيم كتلة حزب "روسيا الموحدة" في مجلس الدوما الروسي، فلاديمير فاسيلييف، إن وفداً من برلمانيي مجلس الدوما الروسي، وممثلي الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، بحث مع الرئيس السوري بشار الأسد، مسائل مبادلة الأسرى وكذلك إقامة مناطق حكم ذاتي قومي. وكان الموفد الأممي قد قال منذ أيام، في تصريحات تلفزيونية، إنه لا يمكن إجراء انتخابات في ظل النظام الحالي، في تلميح واضح على أن أي حل سياسي مُستدام، يتطلب تغييراً سياسياً جاداً في سورية.
ويوحي رفض النظام اللقاء مع الموفد الأممي، بنيته العمل على خلق عراقيل من شأنها نسف المسار التفاوضي في جنيف، أو الأقل إغراقه في التفاصيل، في محاولة لكسب الوقت لتغيير موازين القوى العسكرية على الأرض، وفرض رؤية جديدة مخالفة للقرارات الدولية ذات الصلة. ويسعى النظام إلى التملص من استحقاقات التفاوض الرئيسية، وعلى رأسها مسألة الانتقال السياسي، الذي يمسّ وجود النظام ورئيسه. وتزداد مهمة المبعوث الأممي صعوبة، خصوصاً في ظل تصلّب النظام وحلفائه، ومحاولتهم تهميش العملية التفاوضية في جنيف، وخلق مسار أستانة، بعيداً عن مظلة الأمم المتحدة.
أما بالنسبة للمعارضة السورية، فيبدو جدول أعمال الجولة الجديدة من المفاوضات، قد حقق جزءاً مهماً من مبتغاها، خصوصاً لجهة تثبيت مسألة الانتقال السياسي كأولوية في التفاوض. لكنها لا تزال ترفض تزامن التفاوض مع القضايا الأخرى كالانتخابات، والدستور، والإرهاب. وذكر عضو الهيئة العليا للمفاوضات، أحمد العسراوي، أن وفد المعارضة سيصل غداً الأربعاء إلى مدينة جنيف السويسرية، بعدما أنهى اجتماعات مكثفة، عُقدت على مدى أيام في العاصمة السعودية الرياض. وفي السياق، لا يزال دي ميستورا يحاول تقريب وجهات النظر بين المعارضة والنظام حيال جدول أعمال الجولة المقبلة، إذ يحط رحاله بعد يومين في موسكو، أبرز حلفاء النظام، في مسعى للحصول على دعم روسي واضح من شأنه الدفع في اتجاه تحريك بحيرة التفاوض الراكدة. ويريد الموفد الأممي البدء في جولة تفاوض "عميق"، وعدم تحويل مسار جنيف إلى مجرد محادثات إجرائية من دون الاقتراب من جوهر العملية التفاوضية.
في غضون ذلك، تستمر النقاشات، التي تشوبها خلافات "تنظيمية"، بين الائتلاف الوطني السوري والهيئة العليا للمفاوضات على خلفية طلب الائتلاف استبدال ممثلين اثنين من أعضائه في الهيئة بعضوين آخرين، وهو ما رفضته الهيئة التي أكدت أن استبدال أي عضو يحتاج إلى موافقتها. وذكرت مصادر في الائتلاف أن الهيئة السياسية داخله، طلبت دخول الأمين العام للائتلاف عبد الاله الفهد مع بدر جاموس، كممثلين للائتلاف، عوضاً عن منذر ماخوس وسالم المسلط، لكن الهيئة رفضت ذلك. وأكدت المصادر لـ"العربي الجديد" أنه يحق للائتلاف تغيير ممثليه التسعة في الهيئة، مشيرة إلى أن "الهيئة السياسية لم تكن موفقة في استبعاد ماخوس، والمسلط، فمنذر ماخوس شخصية وطنية معروفة، وسالم المسلط شيخ قبلي له حضور في المشهد السوري. وكان من الممكن استبعاد أعضاء آخرين غير فاعلين". وأشارت مصادر مطلعة إلى أن توقيت الخلاف لا يصبّ في صالح قوى الثورة والمعارضة، خصوصاً أنه جاء قبيل أيام فقط من جولة تفاوض جديدة. واستبعدت المصادر أن ينعكس هذا الخلاف على أداء الوفد المفاوض، مشيرة إلى أنه لدى الوفد محددات يعمل من خلالها. وأوضحت أن الخلاف بين الائتلاف والهيئة "إجرائي بحت، ولا يمس الثوابت الوطنية"، وهناك مساعٍ لاحتوائه قبل أن يتطور أكثر. من جهته، قلل عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري، أسامة تلجو، من أهمية الخلاف مع الهيئة. وأشار في حديث مع "العربي الجديد" إلى أنه متعلق بـ"مجرد إجراءات إدارية". بدوره، اكتفى المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات، رياض نعسان آغا، بالقول "لا شيء مهم"، رداً على سؤال "العربي الجديد" له عن الخلاف بين الهيئة والائتلاف. وأضاف: "الهيئة لم تقبل تغيير منذر ماخوس، وسالم المسلط لأن التوقيت غير مناسب".