وقال مقري في مقابلة مع "العربي الجديد" إن "المخابرات والإدارة كانتا أداة للتزوير بالنسبة للسلطة، ربما المخابرات في الانتخابات الماضية تحمل الحمل الأكبر في التزوير"، مضيفاً أنه بالنسبة للوضع الحالي فإن "المخابرات ليست هي الأساس في رسم مخرجات الانتخابات البرلمانية المقبلة، لكن الأساس هو الإرادة السياسية للحكم والسلطة وأصحاب القرار في اتخاذ القرار بعدم التزوير".
وأضاف "عندنا حماس للدخول في الانتخابات أكثر لأننا نعتقد أن هناك داخل النظام السياسي من يدرك بأن مآلات التزوير ستكون خطيرة على البلد، يعني الآن الدولة محتاجة إلى مؤسسات ذات مصداقية وبرلمان تمثيلي حقيقي".
وتابع "هذا هو المخرج الوحيد الذي يستطيع أن يمتص الصدمات لأي حراك وتوترات اجتماعية مقبلة، أما إذا زورت الانتخابات ونتج عنها برلمان ذو شرعية ومصداقية معطوبة، فلن يكون بمقدور البرلمان مراقبة الحكومة ولن تستطيع الحكومة مواجهة التوترات، ولذلك لعله هذه المرة سيكون داخل النظام سياسي من يتفطن لذلك والتزوير سيدخل البلد في وضع خطير، لأن النظام السياسي في المستقبل سيكون في مواجهة الشعب، وليس في مواجهة الأحزاب".
وحول سؤال بشأن ما إذا كان إعادة التوحد بين الحركة وجبهة التغيير التي كانت انشقت عام 2008، سيسهم في رفع حظوظ الحركة في الانتخابات المقبلة، قال مقري "ما يعزز حظوظنا هو عدم التزوير لما تكون الديمقراطية مفتوحة، التكتل الإسلامي سيؤثر في النتيجة وينفع في استقطاب الأصوات، لكن لا يكون حاسما وقد يحسن النتيجة، ولكنه ليس حاسما في تغيير الموازين، وذلك يتأتى بألا يكون تزوير، انتخابات حرة ونزيهة حينها سنتحدث هل سيكون حاسماً".
وفسر مقري الشرخ الذي حصل بين القوى السياسية داخل كتلة المعارضة بعد سنتين من مستوى عال في التنسيق بين هذه القوى، قائلا "نحن مقبلون على انتخابات، وفيها تنافس، وقررت الأحزاب السياسية المشاركة، والعمل المتكتل ينقص لصالح الأحزاب في هكذا ظروف وسط تنافس سياسي انتخابي وهو أمر طبيعي، والإيجابي أنها بقيت في احترام متبادل وتحافظ على وجودها".
ورداً على سؤال حول القراءات التي تتحدث عن تراجع كبير لمواقف الحركة في الفترة الأخيرة، خاصة أنها كانت بين الأحزاب التي وقعت لائحة سياسية في يونيو/حزيران 2014 تطالب بمرحلة انتقالية وتطبيق المادة 88 التي تنص على شغور منصب الرئيس، أكد مقري "نحن لم نقل هذا الكلام أبدا، وليس من ثقافتنا ذلك، نقول الشرعية معطوبة والشرعية منقوصة ونقول معطوبة أفضل من لا شرعية نحن نتعامل مع واقع مفروض، الرئيس موجود ونتعامل معه".
وأشار إلى أن "هناك أحزاباً سياسية في هيئة التشاور المتابعة هذا هو خطابها، فهناك أشياء متفق عليها ونحن لا نتقاسم بعض الأفكار، المادة 88 لم نشر إليها ولم ندعُ، ونحن أحدثنا التحول في خطاب المعارضة في الطبقة السياسية ونحن دعونا إلى الانتقال من تطبيق المادة 88، إلى الدعوة إلى انتخابات رئاسية مسبقة، فالمادة يستحيل أن تطبق وهو حق الأحزاب أن تطالب بذلك، ولكن إن طالبت بها، فهي لن تطبق، وأمر لن يتحقق".
وتمسك رئيس "حركة مجتمع السلم" بفكرة حكومة وحدة وطنية ومرحلة انتقالية تطرحها الحركة لتجاوز المرحلة السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد، قائلا: "هذه الفكرة هي التي تتناسب مع الوضع المشابه للجزائر، وهي فكرة طبقت في كثير من البلدان التي تعيش في مراحل سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة أو توشك أن تقع في هذه الأوضاع".
واستطرد: "عندنا تحليل واستشراف بأن الجزائر ستدخل في توترات اقتصادية كبيرة من 2017 إلى غاية 2019، والحكومة لا تضمن التوازن المالي، ولا تستطيع ضمان ميزان المدفوعات، لأن اقتصاد الجزائر كان يعتمد 95 في المائة منه على البترول والغاز ... وبرميل النفط في أحسن الأحوال بـ 60 دولاراً في حين أن التوازن المالي للجزائر يتطلب 120 دولاراً للبرميل، وهذا مستحيل في مدى عشر سنوات المقبلة".
ويرى مقري أن "الحكومة تواجه أوضاعاً اقتصادية خطيرة... قد تؤدي إلى أوضاع سياسية وأمنية أخطر، في خضم محيط إقليمي ملتهب، بدأنا نشعر بالوضع الاقتصادي وحجم الاحتجاجات".
وأضاف: "بحسب رقم المؤسسات الأمنية فإن الاحتجاجات ستزداد، والحل هو أن ننتقل معا جميعا من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج، وفي المستقبل لا يمكن الاعتماد على الاقتصاد الريعي للمحافظة على التوازن الاقتصادي وعلى الجبهة الاجتماعية، ولذلك اقترحنا أن نكون طرفاً في الحل وليس طرفاً في الأزمة".
ورداً على ما إذا كانت زيارات رئيس حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي، إلى الجزائر ولقاؤه بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، يمكن أن تسهم أو تكون في سياق وساطة بين الإسلاميين والسلطة في الجزائر بعد فتور سياسي بين الطرفين، أوضح مقري أن "الحركة ليست بصدد قطيعة سياسية مع السلطة، وهي ليست علاقة حرب أو صدام، حتى وإن كانت الذهنية الجزائرية ليس لها ثقافة وجود حكومة ومعارضة تشتغلان في بلد واحد".
وأضاف "لا أتصور أننا في هذا الوضع، وأي وساطة خير مفهومة، ليس لدينا مشكل كحركة أن نلتقي بأي شخصية في الجزائر، نحن نتخذ مواقفنا بناءً على محددات".
وأردف قائلا: "تارة نشارك في استحقاق وتارة لا نشارك، مثل الانتخابات الرئاسية لعام 2014، لم نشارك فيها، ورأينا ألا نشارك في مشاورات الدستور مثلا، وهي مواقف حزبنا وفقاً لما تقتضيه الاستراتيجية والتكتيك والأداء السياسي، وتقرره مؤسسات الحركة".
واعتبر مقري أن زيارات الغنوشي للجزائر، لها سياقها السياسي الخاص بتونس والمنطقة، معلقاً بالقول: "تونس مرت بمرحلة صعبة في الانتقال الديمقراطي، وتونس عمق استراتيجي بالنسبة للجزائر، ومن هنا تأتي طبيعة العلاقة الإيجابية بين الغنوشي والسلطة في الجزائر".