قررت هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا المصرية، اليوم الأحد، حجز الدعوى المقامة من هيئة قضايا الدولة، دفاع الحكومة المصرية، لإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري، ببطلان اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وبطلان نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير للمملكة، بحجة مخالفته لأحكام سابقة أصدرتها المحكمة الدستورية.
ولم تحدد هيئة المفوضين جلسة لإيداع تقريرها في القضية، لكن مصادر قضائية رجّحت أن يكون ذلك خلال شهرين، على أن تحال القضية فيما بعد إلى المحكمة الدستورية نفسها.
وترافع محامو الدفاع عن مصرية الجزيرتين، خلال الجلسة؛ فذكر المحامي طارق نجيدة أن الحكومة تؤسس لأمر خطير، هو أن كل من لا يجد له مجالاً للطعن أمام جهة قضائية مختصة بكل درجاتها، يمكنه أن يقيم دعوى أمام الدستورية لعرقلة تنفيذ الأحكام الصادرة ضده. وأشار إلى عدم اختصاص المحكمة الدستورية بهذه المنازعة، لأنها في حقيقتها طعن موضوعي على حكمي القضاء الإداري والإدارية العليا، ومجادلة فيما ذهب إليه الحكمان بشأن تعريف أعمال السيادة.
وأكد أن هذه المنازعة، التفافٌ من الحكومة على الاختصاص الحصري لمجلس الدولة على القرارات الإدارية والالتحاف بأعمال السيادة، وأن جميع أحكام الدستورية التي استندت إليها الحكومة لكل منطوق يتعلق بمشاكل ونصوص قانونية مختلفة تماماً عن القضية المعروضة.
كما لفت نجيدة إلى أن الاستناد في منازعة التنفيذ لعبارات قالتها المحكمة الدستورية في حيثيات بعض أحكامها أمر غير سليم، لأن الحيثيات ليست لها حجة إلا فيما ارتبط بالمنطوق فقط، ولا يجوز أن تكون الحيثيات سنداً لمنازعات تنفيذ، بل يجب أن تقتصر على المواد التي قضت بعدم دستوريتها.
كما دفع المحامي مالك عدلي، الذي اعتُقل سابقا لتظاهره ضد التنازل عن الجزيرتين؛ بانتفاء شرط الارتباط المنطقي بين حكم القضاء الإداري والأحكام التي تستند إليها منازعة التنفيذ، مؤكدا أنه لم يعق تنفيذ أي من هذه الأحكام.
وقال المحامي عثمان الحفناوي إن المادة 151 من الدستور أنتجت واقعًا دستوريًا جديدًا يلغي أعمال السيادة، ويحظر على أي سلطة كانت التنازل عن جزء من أرض الوطن، ولذلك فإن القضية تخرج عن نطاق الجدل حول أعمال السيادة.
وأضاف الحفناوي أنه من غير المقبول أن يخالف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الدستور الذي أشرف على وضعه، مشيراً إلى أن الأرض والخبز من الثوابت الوطنية التي لن يقبل الشعب المصري المساس بها.
في المقابل؛ قال محامي الحكومة إن "حكم القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية استقطع الفقرة الثالثة من المادة 151 من الدستور وفصلها عن الفقرات المكملة لمعناها، لأن مجلس النواب هو المختص بالفصل في مدى صحة الاتفاقيات عندما تحال له من رئيس الجمهورية، باعتباره رئيس السلطة التنفيذية".
وأضاف أن "الحكم يتعارض مع أحكام سابقة للدستورية العليا تناولت اتفاقيات دولية، وانتهت إلى أن الرقابة على هذه الاتفاقيات تتطلب إمكانيات فنية لا تتوافر للقضاء، وتؤكد اعتبارها من أعمال السيادة المحظور على المحاكم التعرض لها".
وكانت مصادر حكومية مطلعة قد ذكرت لـ"العربي الجديد" أن خطوة إقامة دعويين أمام المحكمة الدستورية، تهدف إلى إطالة أمد التقاضي لمنع المحكمة الإدارية العليا من تأييد حكم أول درجة، وإتاحة وقت إضافي لإحالة الاتفاقية المبرمة بين البلدين، إلى مجلس النواب للتصديق عليها.
وجاء في الدعويين أن "حكم محكمة القضاء الإداري، الصادر في 21 يونيو/حزيران الماضي، يتناقض مع أحكام سابقة صدرت عن المحكمة الدستورية العليا، تعتبر المعاهدات الدولية من أعمال السيادة التي لا يجوز للقضاء مراقبتها، ولا يجوز الطعن عليها أمام المحاكم العادية ومجلس الدولة".
وأوضحت هيئة قضايا الدولة أن المحكمة الدستورية العليا، سبق وأصدرت عدة أحكام بعدم قبول الطعون على عدد من المعاهدات والقرارات الخاصة بالعلاقات الخارجية واﻻستفتاء واﻻنتخابات، باعتبارها من أعمال السيادة التي لا تراقبها المحاكم.
وأكدت الهيئة أن حكم القضاء الإداري أخطأ في التفاته، وعدم التزامه بأحكام المحكمة الدستورية العليا، بما يعتبر عقبة في طريق تنفيذ تلك الأحكام.