المعارضة تتصدى لاستثمار تفجير حمص: باقون في جنيف

26 فبراير 2017
وفد المعارضة توقف عند التصعيد الميداني للنظام (ناصر السهلي)
+ الخط -
طغى التوتر على مجريات اليوم الثالث من مفاوضات جنيف السورية، أمس السبت، بعد التصعيد الميداني الواسع لقوات النظام وحلفائه في عدد من المناطق السورية، ما أدى إلى مقتل العشرات، فضلاً عن التفجيرين اللذين استهدفا مركزين أمنيين تابعين للنظام في حمص، قُتل فيهما العشرات من الضباط والعناصر، بينهم رئيس فرع الأمن العسكري للنظام السوري، العميد حسن دعبول، ورئيس فرع أمن الدولة، العميد إبراهيم درويش، وتبنتهما "هيئة تحرير الشام".
وتعززت أجواء التشاؤم بعد بروز تناغم واضح بين المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، ورئيس وفد النظام بشار الجعفري، في توظيف الهجمات في حمص لتبرير الفشل المحتمل لمفاوضات جنيف، في مقابل تجاهل متعمد من قبل الموفد الأممي للتصعيد الميداني الذي يقوم به النظام وحلفاؤه في عدد من المناطق السورية، والذي أدى إلى مقتل العشرات أمس، بدءاً من دوما في ريف دمشق، مروراً بإدلب، وحي الوعر في حمص، وسط تصاعد تحذيرات المعارضة من تداعيات هذا التصعيد.

 
توظيف هجوم حمص

وقال رئيس وفد النظام السوري قبيل بدء اجتماعه، مساء أمس، بالمبعوث الأممي، إن "التفجيرات الإرهابية التي ضربت حمص اليوم هي رسالة من رعاة الإرهاب إلى جنيف"، مضيفاً "أقول للجميع إن الرسالة قد وصلت وهذه الجريمة لن تمر مرور الكرام".

من جهته، اعتبر الموفد الأممي أن الاعتداءات في حمص تهدف إلى "تخريب" مفاوضات السلام في جنيف. وحذر دي ميستورا من أن "عناصر على الأرض تحاول إخراج محادثات السلام بين الأطراف السورية عن مسارها". وقال دي ميستورا للصحافيين، قبل اجتماع مع وفد النظام، إنه "في كل مرة نعقد محادثات أو مفاوضات هناك طرف ما يحاول أن يفسد الأمر". وقال إنه يأمل ألا يؤثر هجوم حمص على محادثات السلام التي بدأت يوم الخميس في جنيف. وقال "أتوقع (ذلك) للأسف... مخربون".

وعقب انتهاء اللقاء بين دي ميستورا والجعفري، قال رئيس وفد النظام إن "الحديث تركز حول نقطة واحدة فقط، ألا وهي وضع مكافحة الإرهاب كأولوية". 


وكان من المفترض أن يخصص اجتماع دي ميستورا بوفد النظام للاطلاع على موقفه في ما يتعلق بالأوراق التي سلمها إليه يوم الجمعة، والتي تتضمن جدول أعمال الجولة الحالية من المفاوضات وما بات يطلق عليه "السلال الثلاث"، وهي "الحوكمة والدستور والانتخابات".

المعارضة تتصدى

وإزاء هذه التطورات، ندد وفد المعارضة السورية إلى جنيف، في مؤتمر صحافي مساء السبت، بـ"ألاعيب النظام السوري وحلفائه"، مؤكداً أنه "باقٍ في المفاوضات ولن ينسحب منها".

وفي رد على سؤال لـ"العربي الجديد"، أبدى وفد المعارضة عتباً على المواقف الدولية والعربية ومواقف مجموعة أصدقاء الشعب السوري. ودعا دول أصدقاء سورية إلى مواصلة تقديم الدعم للمعارضة. وفيما دان هجوم حمص، اتهم النظام السوري بالسعي إلى استغلال الأحداث لإفشال المفاوضات.

وقال رئيس وفد المعارضة السورية إلى مفاوضات جنيف، نصر الحريري، "ندين كل الأعمال الإرهابية التي تقوم بها كل الجهات الإرهابية. وإذا كانت حادثة حمص تخضع لهذه الأعمال الإرهابية ولهذه الجهات الإرهابية، فهذا واضح من الكلام".

وأضاف أن "النظام يحاول تعطيل المفاوضات، لكنه أكد أن المعارضة لن تنسحب منها". من جهته، قال العقيد فاتح حسون، عضو فريق المعارضة، خلال المؤتمر الصحافي نفسه، إن "القوات الحكومية ربما تقف وراء الهجوم".

وطغت هذه التطورات على المشاورات المكثفة التي عقدها وفد المعارضة السورية، يوم أمس، لبحث موقفه من "السلال الثلاث" التي قدمها المبعوث الأممي إليه. وفي السياق، علم "العربي الجديد" أن الهيئة العليا للمفاوضات السورية ووفد المعارضة شكلا لجنة لدراسة أوراق دي ميستورا والرد عليها.

وفي ما يتعلق بقضية المفاوضات المباشرة، علم "العربي الجديد" من مصادره في وفد المعارضة المشارك في جنيف أن المعارضة تفضل حسم موقفها من جدول الأعمال والتمثيل قبل تحديد رأيها بخصوص المفاوضات المباشرة.

دراسة السلال الثلاث

وكانت المعارضة حريصة، طوال يوم أمس، إن من خلال تصريحات أعضاء وفدها أو عبر التسريبات الصادرة عن محيطين بالوفد، على تأكيد قرارها بالتجاوب مع متطلبات مفاوضات جنيف، لكن من دون التنازل عن أي من ثوابتها، سواء تعلق ذلك بخطوطها الحمراء في ما يتعلق ببنود التفاوض، ولا سيما الانتقال السياسي أو بحصرية تمثيلها المعارضة، بالتزامن مع حرصها على إطلاع الشعب السوري على ما يجري في جنيف.


وأكدت المعارضة أنها ستضع مسألة الانتقال السياسي كأولوية خلال مناقشة الأوراق التي تحوي على أساسيات القرار 2245، وتبحث السلال الثلاث وهي "الحوكمة والدستور والانتخابات"، وأنها ستسلم ردها بحلول يوم غد الإثنين.
وحصلت "العربي الجديد" على معلومات جديدة حول الأوراق التي قدمها المبعوث الدولي، ستيفان دي ميستورا إلى الوفود السورية. وتشير هذه المعلومات إلى أن المبعوث الدولي راعى الطرفين، خلال الوثيقة، من أجل حثهما على التفاعل معها، حيث تم ذكر "العملية السياسية" و"الانتقال السياسي"، كما أكد مرجعية بيان جنيف والقرار 2254.

من جهته، قال كبير المفاوضين في وفد المعارضة السورية محمد صبرا، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إنه "لا مجال آخر أمام مفاوضات جنيف إلا بحث عملية الانتقال السياسي"، وأضاف في تصريح خاص لـ "العربي الجديد" أن وفد المعارضة سيبقى في جنيف ولن يغادرها، وذلك من أجل بحث ما جاء في القرارات الدولية، ولا سيما بيان جنيف والقرارات 2118 و2245، وأكد أن خططهم هي التركيز على تثبيت جدول الأعمال ليكون مسألة تطبيق الانتقال السياسي على رأسها.

الموقف نفسه أشار إليه المستشار الإعلامي لوفد المعارضة، يحيى العريضي، والذي أكد في حديث مع "العربي الجديد"، أمس، أن المعارضة ستناقش ما تقدم لها، وستضع أولوية مسألة الانتقال السياسي وأي شيء آخر داعم لهذه المسألة.

كما اتهم العريضي وفد النظام بعدم الجدية في إجراء مفاوضات حقيقية. وقال العريضي، في حديث مع "العربي الجديد": "نحن نعرف بأنه ليس هناك جدية، نلمس التلكؤ لدى النظام. هو ماضٍ حتى النهاية بحله العسكري". وفي تعقيبه حول ما يمكن أن يكون عليه رد وفد النظام على ورقة دي ميستورا، لفت العريضي إلى أن وفد النظام "ليس بيده أن يبحث نقاط الورقة مع الموفد الدولي. هو عليه أن يجيب على الآليات المطروحة وليس الدخول في مناورات من شأنها إعاقة العملية السياسية وبالتحديد مسألة الانتقال السياسي".

وأكد العريضي أن "وفد قوى الثورة والمعارضة يعرف تماماً ما يمضي إليه النظام من خلال تصرفاته على الأرض، وهنا في جنيف". وحول أولويات المعارضة في جنيف، ربط العريضي مسألة بحث الدستور بإنجاز عملية الانتقال السياسي، قائلاً "نحن على استعداد لمناقشة آلية إنجازه وليس كتابة دستور، وتحقيق تطبيق الانتقال السياسي هو ما يمهد لذلك".

وأشار إلى أنه "من المعيب الخوض في قضايا كتابة دستور وانتخابات للهروب من الاستحقاق الأساسي ألا وهو الحل السياسي، بمعنى بحث عملية الانتقال السياسي وفق آليات محددة". وتساءل "من هو الذي سيذهب إلى انتخابات وكتابة دستور في ظل أولويات النظام القائمة على عنوان أساسي: أحكمها أو أدمرها"، وفقا لتعبير العريضي.

وفي السياق، قال مصدر من داخل المعارضة السورية إن ممثلي أصدقاء الشعب السوري حثوا وفد المعارضة السورية على الخوض في بحث الدستور، وذلك خلال اجتماع جمع الطرفين مساء الجمعة في مقر بعثة المعارضة في مدينة جنيف السويسرية.

وأضاف المصدر أن ممثلي أصدقاء الشعب السوري أخبروا المعارضة بأن مناقشة المسائل الثلاث التي ذكرها المبعوث الدولي بمجملها تشكّل عملية الانتقال السياسي، وأن فتح جميع السلال دفعة واحدة سوف يربك النظام، وفي حال تمكن من إغلاق إحداها ستبقى في النهاية إحداها مفتوحة للنقاش، وهذا ما يخشاه النظام، حسب ما نقل المصدر ذاته.

وكان وفد المعارضة السورية قد انتقل بعد الانتهاء من الجلسة في الأمم المتحدة يوم الجمعة، إلى مقر إقامته، حيث استكمل مشاوراته. والتقى وفد المعارضة بالكامل مع ممثلي أصدقاء الشعب السوري، لبحث العملية التفاوضية وخيارات المعارضة السورية، وأثنى ممثلو الدول على موقف وفد المعارضة الإيجابي من العملية التفاوضية، ودعوهم لأن يكونوا سباقين في الرد على الأوراق التي قدمها المبعوث الدولي.

في موازاة ذلك، التقى وفد المعارضة ممثلين عن منصة القاهرة، ومن بينهم جهاد مقدسي وجمال سليمان، وذلك لبحث عملية انضمامهم إلى وفد الهيئة. 

وفي السياق، قال مصدر مطلع على تفاصيل ما دار إن اللقاء كان إيجابياً. وأضاف في حديث خاص لـ "العربي الجديد" أن لا خيار أمام منصتي القاهرة وموسكو سوى الانضمام إلى وفد الهيئة، مبيّناً أنهم يظنون حالياً أن وفد الهيئة ضعيف ويحاولون الحصول على مكاسب أكبر من خلال تأجيل الإعلان عن الانضمام.