موسكو تخشى نهاية مبكرة لـ"شهر العسل" مع ترامب

25 فبراير 2017
بوتين أمام ضريح الجندي المجهول بالقرم أمس (ميخائيل كليمنتييف/Getty)
+ الخط -

بعد مرور أكثر من شهر على تولّي الرئيس الأميركي دونالد ترامب زمام السلطة في البيت الأبيض، بدأت تتلاشى آمال موسكو في اعتراف واشنطن بضمها شبه جزيرة القرم الأوكرانية، ورفع العقوبات المفروضة عليها بسبب الوضع في أوكرانيا، والتعاون في الملف السوري، وباتت لهجة الإدارة الأميركية الجديدة تجاه روسيا تشبه تلك التي سادت أيام إدارة الرئيس باراك أوباما، بما في ذلك اعتبار ضم القرم "احتلالاً". في هذا السياق، وضع مدير مركز تحليل النزاعات في الشرق الأوسط بمعهد الولايات المتحدة وكندا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ألكسندر شوميلين، الوضع الحالي للعلاقات بين الكرملين والإدارة الأميركية الجديدة في إطار "مرحلة التبصّر والإحباط"، معتبراً أن "تحسّن العلاقات مرهون بالتوصل إلى حلول وسط على المدى البعيد".

وأضاف شوميلين في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "هناك رغبة في التعاون من قبل الإدارة الجديدة، ولكنها بدأت تدرك العوائق القائمة، وهو أمر يعيدها إلى موقف إدارة أوباما، بينما يشعر الجانب الروسي بالإحباط". وحول العراقيل أمام التعاون في الملف السوري رأى بأن "الولايات المتحدة تدرك أنه لا يمكنها التعاون مع روسيا في ظل تمسّكها بدعم الرئيس بشار الأسد".

من جانبه، وفي مقال بعنوان "العودة إلى الطبيعة" نشر بصحيفة "غازيتا.رو" الإلكترونية، استبعد رئيس تحرير مجلة "روسيا في السياسة العالمية"، فيودور لوكيانوف، احتمال إبرام "صفقة" بين روسيا والولايات المتحدة. وأوضح بأن "التوقعات بأن ترامب سيغيّر العلاقات بين موسكو وواشنطن، ناجمة عن أمرين، أولهما إشادته بصفات (الرئيس فلاديمير) بوتين كزعيم يدافع عن المصالح الوطنية، وثانيهما الحملة الإعلامية والسياسية التي كانت تتهم ترامب بمواقف موالية لروسيا، وحتى علاقات مباشرة مع الكرملين والأجهزة الخاصة الروسية".

ودعا لوكيانوف إلى "عدم المبالغة في تفسير تصريحات ترامب بشأن بوتين، إذ كان المرشح الجمهوري يبني استراتيجيته على إنكار كل ما هو متعلق بأوباما، بينما جاءت صلاته بروسيا اختراعاً للقائمين على حملة (المرشحة الرئاسية السابقة عن الحزب الديمقراطي هيلاري) كلينتون، ورهانهم على ترويع الناخبين بشبح البوتينية". وذكّر الكاتب السياسي الروسي بأن "هذه الظروف مؤقتة، بينما يتحدد الإطار الاستراتيجي الروسي الأميركي بامتلاك البلدين أكبر ترسانتين نوويتين في العالم، وقدرتهما على تدمير أحدهما الآخر"، مشيراً إلى أن "مسار تطور العلاقات بين موسكو وواشنطن لم يتغير بشكل جوهري منذ إقامة نموذج الردع النووي في الخمسينيات من القرن الماضي".



وخلص لوكيانوف إلى القول إن "التصريحات الأخيرة لممثلي الإدارة الأميركية تدل على أن واشنطن في عهد ترامب لا تنوي إدراج أوكرانيا ضمن الصفقة مع موسكو، بل أن يتم وضع تسوية النزاع شرق أوكرانيا كشرط مسبق للتفاوض". ومع هذا التحول في لهجة إدارة ترامب تجاه روسيا، بدأت الإشادة بمواقف "رجل الكرملين" في البيت الأبيض تغيب عن عناوين البرامج الدعائية بالتلفزيون الروسي.

وعاد أحد هذه البرامج الأكثر شعبية يشبه حلقاته في عهد أوباما وما اتسمت به من أجواء "الحرب الباردة"، لتتضمن آخر حلقاته، على سبيل المثال، تقريراً "يفضح قناة دعائية وعدائية أميركية جديدة ناطقة باللغة الروسية ومدونين معادين لروسيا في الخارج". مع العلم أن البرنامج ذاته استمر على مدى أشهر في تمجيد ترامب، مركزاً على نجاحاته في مجال الأعمال وبراغماتيته مقابل إخفاقات منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون. وجاء هذا التحول في خطاب الإعلام الرسمي الروسي بالتزامن مع تناول وكالة "بلومبرغ" نبأ مفاده، بأن الكرملين وجه وسائل الإعلام الحكومية بالكف عن مدح ترامب، متخوفاً من انتهاج واشنطن سياسة غير ودية تجاه موسكو. إلا أن السكرتير الصحافي للرئيس الروسي، دميتري بيسكوف، نفى ذلك بشدة، معتبراً أن الخبر "مفبرك". ووفقاً لقاعدة "ميديالوجيا" لرصد وسائل الإعلام، فقد انخفض عدد مرات ذكر ترامب بالقنوات التسع الرئيسية الروسية، من 141 مرة في 5 فبراير/شباط إلى 116 في 12 فبراير و35 مرة فقط في 19 فبراير.

مع العلم أن انحياز الخطاب الرسمي والإعلامي الروسي لدعم ترامب كان واضحاً أثناء حملة السباق إلى البيت الأبيض، إذ كان يتم التركيز على نجاحات ترامب وصفاته وبرنامجه مقابل تقديم كلينتون على أنها تأتي من داخل الإستبلشمنت والتركيز على فشلها في الملفات الخارجية خلال عملها كوزيرة الخارجية. وخلال تلك الفترة زاحمت تغطية الانتخابات الأميركية بوسائل الإعلام الروسية، الملفين السوري والأوكراني وحتى انتخابات مجلس الدوما (النواب) الروسي التي أجريت في سبتمبر/أيلول الماضي.