البرلمان التونسي يصادق على قانون حماية المبلّغين عن الفساد

23 فبراير 2017
صادق البرلمان على مشروع دون اعتراض أو تحفظ(أمين الأندلسي/الأناضول)
+ الخط -

قطعت تونس خطوة جديدة في مجال مكافحة الفساد، عبر مصادقة البرلمان على مشروع قانون حماية المبلغين عن الفساد بـ145 صوتاً، دون اعتراض أو تحفظ. 

ويدخل هذا القانون في الترسانة التشريعية التي تعدها الحكومة والبرلمان في إطار توفير المنظومة القانونية لمكافحة الفساد. 

ولم تكن المصادقة على المشروع سهلة، رغم أنه لم يتضمن نقاطاً خلافية كثيرة، لكن الإضافات والتعديلات التي سعت الكتل إلى إدخالها استجابة لطلبات المجتمع المدني وانتقادات رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، أدت إلى عقد اجتماعات متعددة للجنة التوافقات، امتدت على أربعة أيام متتالية، بحضور وزير الوظيفة العمومية والحكامة ومكافحة الفساد، عبيد البريكي، من أجل تبني الصيغ التوافقية للنقاط الخلافية والتعديلات الجديدة، وعرضها على الجلسة العامة للتصويت.

وصوّت نواب البرلمان، مساء أمس الأربعاء، على مشروع قانون حماية المبلغين عن الفساد بـ145 صوتاً مع الموافقة، ودون تحفظ أو رفض، بعد أن تم تغيير صيغته من قانون عادي إلى قانون أساسي (مرتبة أعلى من القانون العادي)، والتنصيص على أن هيئة مكافحة الفساد هي الجهة الوحيدة المخولة لقبول البلاغات والشكاوى حول وجود حالات فساد، بعد أن كان المشروع ينص على أن يتم الإبلاغ لدى الهيكل العمومي.


وشدد القانون في صيغته الجديدة على حماية المبلغين عن الفساد، ليشمل الموظفين والمجتمع المدني، فيما لم يحظ المقترح المتعلق بحماية الصحافيين الاستقصائيين بموافقة أغلبية النواب ولا الحكومة، لتمريره.

كما سيستفيد من الحماية أيضا كل المبلغين بالأثر الرجعي للقانون، إذ يطبق على حالات الإبلاغ عن الفساد منذ من 14 يناير/ كانون الثاني 2011

وفي هذا السياق، أكد النائب عن "الجبهة الشعبية" ومقرر لجنة الحقوق والحريات المختصة، أيمن العلوي، لـ"العربي الجديد"، أن "التعديلات التي جرى إدخالها على القانون، سيكون لها أثر إيجابي لجهة تشجيع التونسيين على الإبلاغ على حالات فساد، طالما سيوفر لهم آليات الحماية الكفيلة بتأمينهم من أي تهديدات أو عقوبات قد يتعرضون لها في حال اكتشافهم لحالات فساد وارتشاء وسوء حكامة"

وأوضح العلوي أنّ "صيغة المشروع التي وصلت إلى لجنة الحقوق والحريات البرلمانية، من قبل رئاسة الحكومة، لم تتضمّن آليات قد تدفع في اتّجاه مقاومة الفساد بشكل عميق، وهو ما جعل اللجنة، بعد الاستماع إلى عدد من مكونات المجتمع المدني، تدخل عددا من التعديلات والتغييرات الجذرية، حوّلت المشروع إلى قانون أساسي، ووسعت في مفهوم الفساد ليشمل حالات سوء التصرف وسوء الحكامة والتبذير والارتشاء، واستغلال المنصب والنفوذ وغيرها، ليضحي بذلك المفهوم أشمل"

واعتبر العلوي أن "القانون في الصيغة الجديدة لا يمكن أن يكون ذا أثر ناجع، إذا لم توفر الإمكانات اللازمة لهيئة مكافحة الفساد حتى تضطلع بعملها في الدراسة والتحقق من الشكايات الواردة عليها، وإذا لم تتوفر الإرادة السياسية لضرب الفساد في المؤسسات العمومية، وأيضا على نطاق أوسع".

ولا يحتوي القانون الجديد على مقتضيات لحماية المبلغين إثر طلب يوجه لوزارة الوظيفة العمومية ومكافحة الفساد فقط، عن طريق الحفاظ على سرية المراسلات وسرية المعطيات الواردة في البلاغ، وإنما أيضا على عقوبات لمرتكبي عمليات الفساد، وجعل إبلاغ الشريك في عملية فساد أو رشوة من أسباب التخفيف في العقوبة تحفيزاً للمبلغين على الإقدام على هذه الخطوة. 

بدوره، وصف وزير الوظيفة العمومية ومكافحة الفساد، عبيد البريكي، في حديث لـ"العربي الجديد"، كل النقاشات التي أدت إلى الخروج بالصيغة الحالية للقانون بـ"البناءة والثرية التي كشفت انخراط جميع الكتل النيابية في دعم مجهودات الحكومة في مجال مكافحة الفساد". وشدد على أن "الحكومة تبنت أغلب مقترحات النواب، وتعتبر أن مكافحة الفساد مشروع مجتمعي يجب أن تنخرط فيه جميع مكونات المجتمع"

ورد البريكي على انتقادات رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، شوقي الطبيب، للمشروع ولـ"الإرادة السياسية الضعيفة في مكافحة الفساد"، مبينا أن "المسألة لا تتعلق بتقديرات الطبيب لإرادة حكومة الشاهد في الإصلاح ومكافحة هذه الآفة، وإنما يترجم توجه الحكومة في توفير ترسانة تشريعات محددة لإرساء سياسة في مكافحة الفساد، وقد انطلقت فيها عبر المصادقة على قانون الوصول للمعلومة، وقانون حماية المبلغين عن الفساد، وستحيل قريبا مشروع قانون يتعلق بتضارب المصالح الاغتناء غير المشروع".