القدس... اختبار أردني

20 ديسمبر 2017
من التظاهرات الأردنية المنددة بقرار ترامب بشأن القدس(ِشادي نسور/الأناضول)
+ الخط -

لا خيار أمام النظام الأردني سوى المضي قدماً في مناهضة الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، بعد أن تبخر للأبد الخيار الاستراتيجي الأردني بالوصول إلى تسوية "عادلة" للقضية الفلسطينية برعاية أميركية.

الغضب الرسمي الأردني، والقلق من تداعيات الاعتراف الأميركي، ليس تمثيلية رديئة يحاول النظام أداء دور البطولة فيها كما يروج بعضهم، ولا هو محاولة لتبرئة النفس أمام التاريخ، بل هو من أكثر لحظات الصدق التي أنتجها الفهم العميق لخطر محتمل يحدق بالمملكة المرتبطة ارتباطاً عضوياً بمستقبل القضية الفلسطينية، وخطر آخر يتهدد الوصاية الهاشمية على المقدسات في مدينة القدس.

ضمن مسار ثابت نسبياً يواصل النظام الأردني مناهضته للاعتراف الأميركي. داخلياً يستمر في تشجيع وتسهيل الاحتجاجات الشعبية الغاضبة، وخارجياً يحشد الرأي العالمي ضد الاعتراف "الباطل قانونياً"، في تحدٍ هو الأوضح للحليف الأميركي الذي تنظر المملكة للمساعدات التي يقدمها باهتمام وحرص شديدين، وتطمح دائماً لزيادتها.

تعيش الدولة الأردنية "لحظة تاريخية"، تحصد خلالها على نحو متزايد احتراماً دولياً لدورها المحوري في الدفاع عن عروبة القدس، وخوضها معركة دبلوماسية في مواجهة الإدارة الأميركية ودولة الاحتلال الإسرائيلي.

أميركا التي لا تخجل من تهديد المدافعين عن عروبة القدس علناً، لن تغفر غالباً للأردن موقفه، سواء قرر المواصلة، حتى نهاية المشوار، أم آثر التوقف والتراجع مستقبلاً.

الوقائع على الأرض، بكل ما تحمله من قلق رسمي جراء التداعيات المترتبة على الاعتراف الأميركي، والمخاوف من معاقبته على موقفه "الصلب" في الدفاع عن عروبة القدس، تضييق الخيارات على النظام، وتجعله رهين حسابات دقيقة تحمل كلها خسائر متوقعة.

بين جميع الخسائر، يتعامل النظام مع خسارة عروبة القدس، وآثار ذلك على انغلاق أفق التوصل إلى تسوية "عادلة" للقضية الفلسطينية، والمخاطر التي تطبق على الوصاية الهاشمية على المقدسات، خسارة ما بعدها خسارة، تفوق بكثير الخسائر التي قد تلحق به نتيجة الانتقام الأميركي- الإسرائيلي.

أمام الخيار الوحيد، يبقى أن يطرح الأردن جميع أوراقه، فيمضي بجدية لإعادة النظرة في علاقاته مع إسرائيل، ويبني تحالفات جديدة، والأهم أن يعزز الجبهة الداخلية.

المساهمون