أستانة 8: المعتقلون وتثبيت وقف إطلاق النار في مقدمة الأولويات

21 ديسمبر 2017
حي حلبي في الشمال السوري (جورج أورفاليان/فرانس برس)
+ الخط -
تبدأ اليوم الخميس، جولة أستانة 8 التفاوضية بين وفد قوى الثورة العسكري، ووفد النظام في العاصمة الكازاخستانية، في ظل انخفاض سقف التوقعات بحدوث اختراق مهم على صعيد ملفي المعتقلين والمناطق المحاصرة من قبل النظام، الذي استبق الجولة بتصريحات أكدت نيته المضي بالخيار العسكري، وخلق ذرائع من أجل إفشال أستانة، في تكرار لسيناريو جنيف. وأتت الجولة بعد أيام قليلة من انتهاء جولة جنيف8 بين وفدي المعارضة والنظام، والتي منيت بفشل ذريع نتيجة رفض النظام الانخراط في المفاوضات، خالقاً الذرائع من أجل التهرب من الاستحقاقات السياسية، ومن المتوقع أن يفعل الشيء نفسه من أجل تعطيل مسار أستانة.

وكانت وزارة الخارجية الكازاخستانية أعلنت، يوم الاثنين الماضي، في بيان، أن "الأطراف المشاركة في الاجتماعات تخطط للمصادقة على ميثاق مجموعة عمل متعلقة بالإفراج عن المعتقلين، وتسليم جثث القتلى، والبحث عن المفقودين". وأشارت إلى أن "الأطراف ستبحث خلال الاجتماع مسائل متعلقة بمناطق خفض التوتر"، مضيفة أن "الأطراف تنوي المصادقة على بيان مشترك بشأن تطهير المناطق التاريخية المدرجة لدى قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) من الألغام في سورية". ويشارك في الجولة الثامنة من أستانة ممثلون عن الدول الضامنة لوقف الأعمال القتالية (روسيا، وتركيا، وإيران)، كما تشارك الأمم المتحدة والولايات المتحدة والأردن بصفة "مراقب". وتشارك في وفد الثورة العسكري العديد من الفصائل السورية المقاتلة، ومنها: حركة تحرير الوطن، وفيلق الشام، وحركة نور الدين الزنكي، وحركة أحرار الشام، وجيش الإسلام، وفرقة السلطان مراد، وفصائل الجبهة الجنوبية.

من جانبه، أوضح عضو وفد قوى الثورة السورية العسكري، العقيد فاتح حسون، لـ"العربي الجديد"، أن "جدول أعمال هذه الجولة المعلن يتضمن استكمال التدابير الواجب اتخاذها للإفراج عن المعتقلين، وتذليل العقبات أمام ذلك"، مشيراً إلى أن "النظام والإيرانيين يضعون عادة هذه العقبات". وأشار إلى أن "الجولة تبحث في التثبيت الكامل لوقف إطلاق النار، تحديداً في الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، إضافة إلى متابعة تطبيق منطقة خفض التصعيد الرابعة في إدلب باستكمال دخول القوات التركية للمناطق المتفق عليها في الجولات السابقة". ولفت إلى أن "وفد قوى الثورة العسكري سيطرح ملفات عسكرية وإنسانية مع الجانب الروسي وكذلك مع الأمم المتحدة"، موضحاً أن "القرار الدولي 2254 أشار صراحة إلى إطلاق سراح المعتقلين، إلا أن النظام لم يلتزم بذلك". وأكد أن "وفد قوى الثورة العسكري سيفعل ما بوسعه من أجل إطلاق سراح عشرات آلاف المعتقلين في سجون النظام. ولم تتغير بنية وفد قوى الثورة العسكري الذي شارك في الجولة السابعة، ما خلا تعيين أحمد طعمة، رئيس الحكومة السورية المؤقتة السابق، رئيساً للوفد، بدلاً من العميد أحمد بري رئيس هيئة الأركان في الجيش السوري الحر". وأشار حسون إلى أن "اختيار طعمة رئيساً للوفد ينبع من الحاجة لشخصية تجيد السياسة والتعامل مع الدول بشكل أكبر".

واستبق وزير خارجية النظام وليد المعلم، الجولة الثامنة من أستانة، بالقول خلال جلسة لـ"مجلس الشعب" التابع للنظام، يوم الثلاثاء الماضي، إن "مناطق خفض التصعيد محددة بفترة زمنية مقدارها ستة أشهر قابلة للتمديد"، مضيفاً أن "بقاء هذه المناطق في وضعها الراهن غير مقبول في المرحلة المقبلة، لأن الهدف هو تطهير جميع الأراضي السورية من رجس الإرهابيين".



كما استبق الروس هذه الجولة بتصريحات للسكرتير الصحافي في الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، جاء فيها أن "روسيا لا تزال تعتبر بشار الأسد رئيساً شرعياً لسورية"، في مؤشر على أن موسكو ليست في وارد الضغط على نظام الأسد من أجل تسهيل التفاوض في أستانة.

ورفض النظام في جولات أستانة السابقة الخوض في ملف المعتقلين، خشية مواجهة دعاوى في محكمة العدل الدولية، مع تأكيد مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن "رئيس وفد النظام قال في جولات سابقة: نريد ضمانات كافية من أجل عدم إقامة دعاوى في المحاكم الدولية من قبل المعتقلين المفرج عنهم".

وكان مسار أستانة بدأ في 23 يناير/ كانون الثاني من "أجل تخفيف التوتر في سورية، ومراقبة اتفاق وقف إطلاق النار، والبحث في قضايا إنسانية، منها المناطق المحاصرة، وملف المعتقلين". وتوصّل الضامنون في الجولة الأولى لاتفاق على إنشاء آلية ثلاثية لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار في سورية، وأنه لا يوجد حل عسكري للقضية السورية.

وعقدت الجولة الثانية من المفاوضات في 15 فبراير/ شباط، وتمخضت عن تشكيل مجموعة عمل ثلاثية (روسية، تركية، إيرانية) لمراقبة وقف الأعمال القتالية، وتشكيل آلية لتبادل المعتقلين بين قوات النظام والمعارضة المسلحة. وحاول الجانب الروسي تغيير الهدف من مسار أستانة من خلال طرح قضايا سياسية، منها كتابة دستور دائم للبلاد، ولكن وفد المعارضة رفض الدخول بنقاش سياسي، مؤكداً أن "الجانب السياسي محصور في مسار جنيف الذي ترعاه الأمم المتحدة". وقاطعت المعارضة السورية مفاوضات أستانة3 التي عقدت في مارس/ آذار بسبب عدم التزام النظام وحلفائه باتفاق وقف إطلاق النار. وفي الجولة الرابعة من المفاوضات التي عقدت في مايو/ أيار، تم الاتفاق على مناطق خفض التوتر الأربع، وهي محافظة إدلب ومناطق في ريف اللاذقية وريف حلب الغربي، وريف حمص الشمالي، ومنطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق، إضافة إلى المنطقة الجنوبية في سورية.

وفي الجولة الخامسة التي عقدت في يوليو/ تموز الماضي، لم يتمكن الثلاثي الضامن (روسيا  وتركيا وإيران) من التوافق على رسم حدود مناطق خفض التصعيد في سورية. وتمخضت المفاوضات في الجولة السادسة التي عقدت في سبتمبر/ أيلول الماضي عن رسم حدود مناطق خفض التوتر التي أعلن عنها في الجولة الرابعة، وحلّت الخلافات المتعلقة بمنطقة خفض التوتر في كامل محافظة إدلب. وعقدت الجولة السابعة من مفاوضات أستانة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ولكنها لم تحقق نتائج مهمة، خصوصاً على صعيد ملف المعتقلين بسبب تعنّت وفد النظام وضامنه الإيراني فتم ترحيل الملف إلى الجولة الثامنة.



المساهمون