الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل: الفصائل تترقب موقف السلطة

03 ديسمبر 2017
لأجل القدس والأقصى اندلعت انتفاضة فلسطينية (عصام ريماوي/الأناضول)
+ الخط -

قبل فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وعد دونالد ترامب اللوبي اليهودي في أميركا بنقل مقر السفارة الأميركية إلى مدينة القدس، والاعتراف بالمدينة المحتلة "عاصمة" لإسرائيل، مع تجاهله حل الدولتين، والقوانين والقرارات الدولية الخاصة بالمدينة.

ومع ترقب خطاب ترامب، الأربعاء المقبل، الذي قد يعلن فيه الاعتراف بالقدس "عاصمة" لإسرائيل، يبدو أنّ الرئيس الأميركي استفاد من حالة الهرولة العربية نحو دولة الاحتلال، والاندفاع منقطع النظير نحو مشروعه للتسوية التي يطلق عليها "صفقة القرن". ولا يُقدر ترامب، والأميركيون كذلك، والمطبّعون العرب معه، أنّ القدس خط أحمر لدى الفلسطينيين، الشعب قبل الفصائل والقيادة، فلأجل القدس والأقصى اندلعت انتفاضة فلسطينية في عام 2000، وتصاعدت مع الاقتحامات اليومية للمستوطنين والمسؤولين الإسرائيليين إلى الأقصى. وقبل أشهر قليلة، تفجرت الأحداث مجدداً مع نوايا إسرائيل وضع كاميرات مراقبة وبوابات إلكترونية في شوارع المدينة ومداخل المسجد الأقصى. ونجح المقدسيون، بدعم شعبي فلسطيني واسع، في وقف الأمر وإنهائه.

ويقول القيادي في حركة "فتح" وعضو كتلتها البرلمانية، فيصل أبو شهلا، لـ"العربي الجديد"، إنّ الحديث الأميركي عن الاعتراف بالقدس "عاصمة" لدولة إسرائيل سيساهم في إشعال المنطقة، كونه ينكر الحق الفلسطيني في القدس والدولة الفلسطينية. ويشدد أبو شهلا على أن الإقدام على مثل هذه الخطوات "وصفة للتصعيد ونشر حالة من عدم الاستقرار والعنف في الشرق الأوسط ككل"، إذ إن مفتاح الاستقرار في المنطقة لن يكون إلا بحل عادل للقضية الفلسطينية. ويؤكد القيادي الفتحاوي أن إقدام إدارة ترامب على مثل هذه الخطوة سينسف الدور الأميركي كوسيط لجهود التسوية، وسيفشل أي صفقات أو مشاريع من شأنها حل القضية الفلسطينية، خصوصاً أن القدس خط أحمر بالنسبة إلى الفلسطينيين، ورفض الرئيس الراحل، ياسر عرفات، سابقاً التنازل عنها، ومن بعده الرئيس محمود عباس. ويشير إلى أن الموقف الأميركي واضح منذ قدوم ترامب إلى سدة الحكم، عبر انحيازه للتيار اليميني في دولة الاحتلال، ورفضه أي حل من شأنه إقامة دولة فلسطينية، والحديث عن نقل السفارة الأميركية للقدس تماماً كالإعلان عن الاعتراف بالقدس "عاصمة" لإسرائيل.


أما القيادي في حركة "حماس" وعضو كتلتها البرلمانية، يحيى موسى، فيؤكد، لـ"العربي الجديد"، أنّ التوجه نحو هذه الخطوة يعتبر تمادياً في المواقف الأميركية المنحازة إلى الكيان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وهو يظهر الوجه البشع لليمين الصهيوني الذي يتحكم في الولايات المتحدة. ويقول إن ترامب يحاول الهرب من إقالته وإقالة طواقمه والارتماء في حضن اللوبي الصهيوني، وهذا يظهر أن واشنطن لم تعد تأبه بردة الفعل العربية، لا سيما في ظل ما يشهده الإقليم من أحداث وحالة الهرولة نحو التطبيع مع الاحتلال. ويضيف القيادي في حركة "حماس" أن ذلك يؤكد أن منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية لم تعودا تمثلان أي وزن، وأصبحتا عاملاً ثانوياً، ولا تقومان بواجباتهما تجاه القضية الفلسطينية، وتساهمان في توفير أجواء حماية للاحتلال. ويشدد موسى على أن القيادة الفلسطينية الحالية للسلطة ومنظمة التحرير هي التي تسقط الأمطار على أي هبة جماهيرية أو انتفاضة، وتشكل حماية للاحتلال، ولن تكون عامل إسناد في حال أقدم ترامب على مثل هذه الخطوة، وهو ما يؤكد أن القيادة الحالية ميؤوس منها، حسب تعبيره. ويلفت إلى أن الاحتلال يعيش فترة ذهبية مستغلاً حالة التناحر التي تجري في المنطقة العربية، وإقدام بعض الأنظمة الحالية على اعتباره شريكاً وليس عدواً، ومحاولة الترويج لذلك بشكل علني.

بدوره، يؤكد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، رباح مهنا، لـ"العربي الجديد"، أنّ هكذا خطوة لن تكون مستبعدة على إدارة ترامب الحالية، التي تعتمد سياسة تلبية كل ما تريده إسرائيل ضمن ما يُعرف بـ"صفقة القرن"، والتي تلبي كل الطلبات على حساب الشعب الفلسطيني. ويقول إنّ الشعب الفلسطيني قادر على إفشال مثل هذه المخططات والتصدي لها، بالرغم من العوامل التي تعيشها المنطقة العربية وحالة التناحر القائمة، والتي أسهمت في طرح مثل هذه المخططات وعدم الوقوف في وجهها أو التصدي لها. ويشدد القيادي في الجبهة الشعبية على أن أحد أهم العوامل التي جعلت الاحتلال وواشنطن يتجرآن على طرح حلول غير مقبولة، فلسطينياً أو عربياً، هو حالة التناحر العربي، وخلق عدو جديد للعرب غير إسرائيل، من خلال الفزاعة الإيرانية في المنطقة. ولم يستبعد أن توافق بعض الأنظمة العربية على مثل هذه الخطوات في حال أقدمت إدارة ترامب على تنفيذها، لا سيما بعض الدول الخليجية، إلا أن الشعوب العربية قادرة هي الأخرى على رفض التطبيع، كما جرى مع مصر التي يرفض شعبها التعامل مع الإسرائيليين بالرغم من اتفاقية كامب ديفيد والعلاقات الرسمية.