مستقبل ليبيا بعد 17 ديسمبر: 3 سيناريوهات متوقعة

10 ديسمبر 2017
ليبيا تعيش انقساماً سياسياً وأفق الحل مجهول (فرانس برس)
+ الخط -


ما زال شبح الأزمة يخيم على المشهد الليبي، بعد مرور سنتين كاملتين على توقيع الاتفاق السياسي في منتجع الصخيرات بالمغرب يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول سنة 2015، في ظل انقسامات سياسية وأزمة اقتصادية خانقة على الرغم من خفوت صوت السلاح.

فقد عاشت ليبيا، على مدار العامين الماضيين، وقع انقسام كبير وصراع مسلح عنيف أدى إلى تدهور مستمر للاقتصاد وتخبط سياسي. كما فشلت حكومة الوفاق، في أن تحقق الاستقرار على الصعيدين الأمني والاقتصادي بالرغم من الاعتراف ودعم المجتمع الدولي. أضف إليه فشلاً أممياً في رعاية جلسات تعديل الاتفاق السياسي مؤخراً لتبرز للسطح دعوات لإطلاق انتخابات عامة للدخول في مرحلة انتقالية جديدة.

وحيال ما يمكن أن نسميه فشل الاتفاق ومخرجاته الثلاث (مجلس النواب والدولة والرئاسة) في تغيير الأوضاع في البلاد، لا يبدو أن المجتمع الدولي سيجازف بمزيد من الدعم لهذه المؤسسات الثلاث التي فشلت حتى داخليا بسبب الانقسامات التي تعانيها، والخلافات بين أعضائها.




وكان آخر أشكال الانقسامات في البلاد، التهديدات التي أطلقها اللواء المتقاعد خليفة حفتر في يونيو/ حزيران الماضي بحسم الوضع عسكريا وإنهاء وجود كل الفرق السياسية الموجودة حالياً، عازياً لهم أسباب فشل الاتفاق السياسي بالرغم من كونه المعرقل الأول لتنفيذه عبر امتناع مواليه في مجلس النواب، عن الموافقة على المادة الثامنة التي يعتقد حفتر أنها جاءت لإقصائه عن المشهد.

وتصر بعض الأطراف الليبية على انتهاء مدة المجلس الرئاسي الليبي بحلول 17 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، في حين تؤكد أطراف أخرى أن شرعية المجلس لن تنتهي بحلول هذا التاريخ، وهو الأمر الذي من شأنه أن يعقد الأزمة أكثر، ما دعى المبعوث الأممي غسان سلامة للإعلان عن الذهاب إلى مرحلة الانتخابات لإفراز فرق سياسية جديدة تحل محل الحالية المتصارعة.

لكن الأسباب نفسها التي منعت من توحيد البلاد وإبعاد شبح التقسيم عنها، لا تزال قائمة كانتشار المجموعات المسلحة سيما مليشيات حفتر في شرق ووسط البلاد وتصاعد أزمة المهاجرين غير الشرعيين وشبح تنظيم "داعش" الإرهابي الذي لا يزال يهدد أمن المنطقة، وهي عوامل قد تعيد البلد إلى المربع الأول في ظل عدم وجود ضمانات تلزم الأطراف الفاعلة في المشهد بنتائج أي عملية انتخابية.

المجتمع الدولي الذي سبق وجازف بدعم حكومة الوفاق، أصدرت دول أوروبية فيه بياناً، اليوم الأحد، طالبت فيه الأطراف بسرعة تعديل الاتفاق السياسي والمضي في تنفيذه، ما قد يشير إلى تخوفها من مغبة عودة الصراع جراء الانتخابات التي لن تعيد إلا إنتاج المتحكمين في المشهد الحالي أنفسهم.

ومن واقع ومعطيات الوضع الحالي يمكن التكهن بثلاث سيناريوهات قد ينتجها يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول الجاري:

السيناريو الأول، إقدام حفتر على إنفاذ وعوده بقلب الأوضاع عسكرياً، سيما أن تقارباً حثيثاً بينه وبين رؤساء المليشيات في طرابلس قد حدث في فرنسا بحسب وسائل إعلام فرنسية، كما أن مساعي القاهرة من خلال مباحثات ترعاها تحت شعار توحيد مؤسسة الجيش، تجمع قادة من قوات حفتر وأخرى من البنيان المرصوص في مصراته، قد تنتج ائتلافاً عسكرياً جديداً يمكنه من إنفاذ وعوده ولو جزئياً، بالرغم من المعارضة الدولية للحل العسكري في البلاد.

السيناريو الثاني، هو انفلات الأوضاع وضياع البوصلة من يد البعثة الأممية التي تعد اليوم الجهة الوحيدة التي يمكنها أن تجمع الليبيين،  إذ إن مجالس بلدية في شرق البلاد قررت إقفال كل مقرات الدولة فيها بعد 17 الجاري، وأخرى قررت إقفال حقول النفط مطالبة بحقوقها وتعيين حفتر حاكماً عسكرياً على البلاد، بالتوازي مع مجموعات مسلحة ذات توجه إسلامي يشكل المفتي العام الصادق الغرياني واجهتها، وهي في الأصل لم تكن ممثلة بالاتفاق السياسي وتستمر في معارضته في ظل ضعف كبير تعانيه الحكومة بسبب عدم سيطرتها على المجموعات المسلحة في طرابلس ومحيطها التي تدور حولها شبكات في تورطها بنشاطات غير قانونية من جهة، وانفصال علاقة الحكومة مع مجموعات مصراته العسكرية القوية من جهة أخرى.

أما ثالث سيناريو، فهو اقتناع الأطراف الليبية بضرورة الجلوس إلى طاولة المفاوضات من خلال المؤتمر الوطني الجامع، الذي ستنظمه الأمم المتحدة والذهاب إلى انتخابات عامة رئاسية وبرلمانية بالرغم من أنها لن تفرز الكثير من التغيير في المشهد السياسي والأمني، فأغلب الشخصيات النافذة ستعود من خلال الانتخابات إلى المشهد السياسي الليبي من جديد.