خالد علي يترشح للرئاسة غداً... والمخاوف قد تؤدي للانسحاب

05 نوفمبر 2017
يعتبر علي أنه الوحيد الذي تحدى السيسي شخصياً (Getty)
+ الخط -
يعلن الحقوقي المصري خالد علي خلال ساعات، وتحديداً غداً الاثنين، خوضه انتخابات الرئاسة المقبلة ضد الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، حسبما أعلن عدد من مساعديه في حزب "العيش والحرية" تحت التأسيس. وذلك قبيل جلسة النظر في الطعن الذي تقدّم به على الحكم الصادر ضده في سبتمبر/أيلول الماضي بحبسه 3 أشهر وكفالة 1000 جنيه (نحو 57 دولاراً) لوقف تنفيذ العقوبة لحين الاستئناف، بناء على بلاغ قدّمه بعض الأشخاص يتهمونه فيه بارتكاب فعل فاضح في الطريق العام يتمثل في إشارة خارجة بيده نحو قوات الأمن، بعد حصوله على حكم بات من المحكمة الإدارية العليا ببطلان التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير في يناير/كانون الثاني الماضي.
وكانت "العربي الجديد" قد نشرت معلومات تؤكد ترشح خالد علي في 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، غير أنه ذكر في تصريحات صحافية بعد ذلك أنه لم يحسم موقفه من الترشح، حتى ظهرت خلال الأسبوع الماضي بعض مؤشرات خوضه الانتخابات، كإطلاق شعار للحملة ولافتات دعائية على الإنترنت وموقع إلكتروني لتدوين استمارات التأييد. وحظيت تلك الخطوات بزخم كبير بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد للخطوة ومعارض لها وساخر منها.

وعقب انتشار شعارات خالد علي الانتخابية على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الأخيرة، سادت بين معارضي هذه الخطوة آراء بأن "النظام سبق ووجه رسالة صريحة لجميع القوى السياسية بعدم ترحيبه بأي منافسة جادة في أي انتخابات مقبلة وأنه سيبطش مباشرة بمعارضيه الجادين"، وأن قبول خالد علي بخوض الانتخابات في هذه الظروف سيعزز شرعية استحقاق انتخابي هزلي ومعروف النتيجة مسبقاً، وسيتسبب في مزيد من الانقسامات والخلافات في صفوف المعارضة، وسيفقد خالد التعاطف الذي حصل عليه من بعض الدوائر الإسلامية والليبرالية في قضية تيران وصنافير.

وقالت مصادر سياسية مقربة من خالد علي، إنه يتجه لإعلان ترشحه بعدما تأكد من عدم ترشح المرشحين الرئاسيين السابقين عبدالمنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي. لكن هذا لن يمنع شخصيات أخرى من إعلان ترشحها للانتخابات مستقبلاً، بعضها محسوب على التيار الليبرالي واليساري أيضاً، كالقيادي الناصري والدبلوماسي السابق معصوم مرزوق، المقرب من صباحي، وعضو البرلمان والجمعية التأسيسية لدستور 2012 محمد محي الدين، الذي كان قيادياً في حزب الغد جبهة أيمن نور ثم انفصل عن الحزب في أعقاب سيطرة الدولة عليه، لكنه غاب عن النشاط السياسي لسنوات قبل أن يظهر أخيراً واصفاً نفسه بـ"المرشح لرئاسة الجمهورية".

وأضافت المصادر أن خالد علي سيعلن أن مشاركته في المعركة الانتخابية لن تمنعه من استخدام حقه في الانسحاب والمقاطعة إذا استمر النظام في ممارساته للتضييق على المجال العام، واعتقال مؤيديه والنشطاء في حملته أو إقامة العراقيل أمام جمعه استمارات الترشح. وهو يأخذ بذلك في الاعتبار نصائح المقربين منه الذين كانوا يعارضون إقدامه على تلك الخطوة، حتى لا يوصم بالتعاون مع الدولة ويوضع في الخانة نفسها مع حمدين صباحي قياساً بمشاركة الأخير في انتخابات الرئاسة 2014 ضد السيسي ورفضه الانسحاب منها، على الرغم من مخالفة لجنة الانتخابات للقانون بمد التصويت ليوم ثالث وحصوله على نسبة تصويت أقل من نسبة الأصوات الباطلة.

وحذر معارضو ترشح خالد علي من أن "يستدرجه النظام للمشاركة ليكون المنافس الوحيد للسيسي في الانتخابات، ومن أن النظام قد يحرجه لاحقاً بإصدار حكم مستأنف يلغي حكم الإدانة الصادر بالحبس أو على الأقل يحوله إلى الغرامة فقط، فيزج به من جديد في ساحات المحاكم لينتزع حقه في الترشح". ففي حالة إلغاء حكم الحبس والاكتفاء بالغرامة، ستكون الهيئة الوطنية للانتخابات، التي أصدر السيسي قراراً بتشكيل مجلس إدارتها قبل أيام، هي المنوطة بقبوله أو رفضه. فقانون مباشرة الحقوق السياسية يقصر الاستبعاد في حالة التهمة الموجهة لخالد علي، على من يصدر ضده حكم بالحبس، ولا ينص على استبعاد من صدر ضده حكم بالغرامة، لكن قانون الانتخابات الرئاسية يشترط في المرشح "حسن السمعة" وهو تعبير مطاط تعود سلطة تقديره للهيئة المشرفة على الانتخابات وللمحاكم فقط.

إلا أن خالد علي انحاز إلى فريق آخر من المقربين منه اعتبر أن المشاركة في الانتخابات ضرورية لإلقاء حجر في مستنقع السياسة الراكد في مصر، وحذره من أن المقاطعة قد لا تكون على هوى النظام لأنها ستساهم في تعريته دولياً، مما سيدفعه لاتخاذ إجراءات أمنية أكثر قسوة ضد مؤيدي خالد علي والوسط الحقوقي بصفة عامة.
وأكد خالد علي أن الخصومة السياسية بينه وبين النظام معروفة للجميع، وأنه الوحيد الذي تحدى السيسي شخصياً واستصدر ضده أحكاماً وضعته في مأزق شعبي ودولي حرج، وأن الضغط الأميركي الأخير بتجميد وتأجيل بعض المساعدات العسكرية والاقتصادية سيرغم السيسي على فتح المجال العام بمناسبة الانتخابات وإتاحة هامش إضافي للحريات.


وأوضحت المصادر أن هناك مخاوف أخرى تتعلق بوضع عراقيل أمام خالد لإحراجه شعبياً، كإصدار حكم يدينه في قضية الفعل الفاضح، أو عدم استطاعته تأمين الحد الأدنى من استمارات التأييد. علماً أن خالد علي لم يتمكن من جمع الحد الأدنى من استمارات التأييد في انتخابات 2012 (20 ألف تأييد فقط) وجمع بدلاً من ذلك استمارات التأييد من 30 نائباً فقط في البرلمان وفقاً للنظام القانوني القائم آنذاك، وهو ما يستحيل تحقيقه حالياً في ظل سيطرة النظام المطلقة على مجلس النواب.

وأكدت المصادر أن قرار المجموعة المحيطة بخالد علي وحزبه "العيش والحرية" خوض الانتخابات، ليس مرتبطاً بشخصه فقط، بمعنى أنه إذا أعاق النظام ترشح خالد علي بأي طريقة، لا سيما بواسطة الحكم القضائي الوارد صدوره ضده، فسوف يخوض التيار اليساري الانتخابات ممثلاً بشخصية أخرى تنتمي للحزب نفسه، وإن كانت ليست على نفس مستوى شعبية خالد علي. ويصبح بذلك الهدف إنعاش الأداء السياسي لليسار المصري وعرض أفكاره البديلة والظهور كخصم جديد للنظام الحاكم على خلفية تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.