عودة المفاوضات بين أربيل وبغداد برعاية أميركية

04 نوفمبر 2017
تحشيد عسكري مستمر على طول خطوط التماس(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
بعد ساعات قليلة من رسالة وجّهها أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، تطالبه باعتماد الحوار مع أربيل وترك التلويح بالقوة، أعقبها اجتماع مغلق بين السفير الأميركي في العراق، دوغلاس سيليمان، ورئيس حكومة كردستان نجيرفان البارزاني ونائبه قوباد الطالباني، استؤنفت المفاوضات بين بغداد وأربيل مجدداً، على أمل التوصل إلى حل مُرضٍ للطرفين، وفق تأكيد مسؤول كردي رفيع المستوى. ترافق ذلك مع تصعيد المليشيات والأحزاب المقربة من إيران ضغوطها على العبادي لعدم التراجع عن نشر القوات العراقية على الحدود مع تركيا والسيطرة على معبر إبراهيم الخليل من دون نشر مراقبين دوليين أو إشراك للبشمركة بالمهمة.

أما على طول خطوط التماس بين الجيش العراقي والبشمركة، بدءاً من بلدة مخمور وحتى ربيعة بمسافة تُقدّر بنحو 80 كيلومتراً، فيستمر الطرفان بالتحشيد العسكري، حتى مع انعقاد الاجتماع الجديد بين قيادات الجيش العراقي والبشمركة أمس الجمعة للتوصل إلى حل، ما يشي بعدم وجود ثقة كاملة بإمكانية التوصل إلى حل حقيقي ينهي الأزمة.

وكشف مسؤول عراقي في بغداد أن اجتماعاً جديداً عُقد أمس بين قيادات عسكرية عراقية وأخرى من البشمركة بناءً على وساطة أميركية تهدف لمنع أي تحرك عسكري من قِبل بغداد، على اعتبار أن المفاوضات جارية، في محاولة لكسب الوقت وتأخير أي صدام مسلح آخر.
وأوضح وزير عراقي بارز لـ"العربي الجديد" أن الاجتماع لم يطرح شيئاً جديداً، إذ ما زالت الورقة العراقية في المفاوضات هي بسط السلطة الاتحادية على الحدود مع تركيا وسورية والسيطرة على معبر إبراهيم الخليل بالكامل من دون مراقبين أو اشتراك من أربيل، مشيراً إلى أن "أربيل تحاول عرض مبادرة جديدة تتمثل بتشكيل قوات مشتركة جديدة من البشمركة والجيش العراقي تُعرف باسم قوة الحدود الشمالية والمعابر".

جاء ذلك بعدما وجّه ثمانية أعضاء بارزين في مجلس الشيوخ الأميركي، رسالة خطية للعبادي طالبوه فيها بالعمل على إبعاد شبح الحرب واعتماد الحوار مع أربيل، لافتين إلى أن المعارك ضد تنظيم "داعش" لم تنته. وشدد هؤلاء على أن "حماية العراقيين الأكراد والأقليات هي أمر مهم بالنسبة لنا، ومع استمرار ارتفاع التوتر، نريد التأكد أن هذه المجتمعات محمية، وتفادي أي أعمال عنف قد تخرج عن السيطرة". وإذ أشاروا إلى التدريب المقدّم من الولايات المتحدة للجيش العراقي، أعربوا عن "القلق من استخدام الأسلحة الأميركية المقدّمة للجيش العراقي ضد الأكراد والأقليات الأخرى". كذلك لفت هؤلاء إلى أن "وجود قوات الحشد الشعبي في مناطق متنازع عليها، وتحديداً نينوى، خلق مخاوف حقيقية، خصوصاً في صفوف الأقليات"، داعين العبادي إلى "إبعاد القوات غير الحكومية، وأن تكون القوات النظامية هي وحدها التي تستلم المهام الأمنية في المناطق الحساسة". تزامن ذلك مع رسالة مماثلة لأعضاء في مجلس العموم البريطاني موجّهة لرئيسة الوزراء تيريزا ماي بشأن الأزمة بين بغداد وأربيل، اعتبروا فيها رد فعل بغداد بأنه "عنيف ومخالف للدستور"، مطالبين حكومة بلادهم بالعمل على دفع بغداد لـ"إيقاف الأنشطة العسكرية ضد أربيل التي تقوم بها بغداد".

في غضون ذلك، عقد السفير الأميركي دوغلاس سيليمان، سلسلة اجتماعات مكثّفة مع نجيرفان البارزاني ونائبه قوباد الطالباني في أربيل لبحث الأزمة، فضلاً عن قيادات كردية أخرى. وقالت حكومة كردستان في بيان لها، إن سيليمان أكد خلال اجتماعه مع كل من نجيرفان البارزاني ونائبه امتعاضه وأسفه من المعارك الأخيرة بين بغداد وأربيل. وأكد دوغلاس، بحسب البيان، "دعم بلاده لمحاولات حكومة الإقليم والأطراف السياسية الكردية توحيد وتهدئة الوضع السياسي في كردستان".


وتعليقاً على هذا الأمر، اعتبر القيادي في "تحالف القوى العراقية"، أحمد الجبوري، وجود السفير الأميركي في أربيل أمراً مقلقاً "لأننا نعلم دائماً بوجود أمور غير واضحة في المواقف الأميركية". وأوضح الجبوري في بيان له أن "ذهاب السفير الأميركي إلى أربيل وخروج البشمركة بتصريحات متشنجة، يجعلنا نشعر بالقلق"، مؤكداً "ضرورة فرض القانون والسيطرة على كامل المناطق العراقية وبنفس الوقت". وأعلن الجبوري "أننا لا نريد الدخول في تصادم عسكري بين الجيش العراقي والبشمركة على الرغم من خطورة الأزمة ومن تأكدنا أن القوات العراقية تستطيع بسط سيطرتها على كل المناطق خلال ساعات قليلة، لكنها لا ترغب في دخول صراع مباشر مع قوات البشمركة"، مشيراً إلى أن "قوات البشمركة تجري تحصينات وتحشيداً وإعادة توزيع الأفواه النارية لقطعاتها، وهو أمر ينذر بوجود رغبة منها بالتصدي للقوات الاتحادية وعدم تسليمها بشكل سلمي".

في موازاة ذلك، قال عضو "التحالف الوطني"، محمد الدراجي، لـ"العربي الجديد"، إن على العبادي "الالتزام بتفويض البرلمان له في ما يتعلق بفقرة بسط سلطة الدولة على الحدود والمعابر، ولا يمكن بأي شكل القبول بالطرح الكردي الحالي". وأضاف "يبدو أن فيشخابور أهم من كركوك لدى الأكراد وحتى الأميركيين، لكن يمكن التأكد من أن المنطقة ليست ضمن حدود الإقليم الدستورية، لذا لا يجب على الحكومة التنازل وخرق الدستور".

أما القيادي في "الحشد الشعبي" عن مليشيا "حزب الله" العراقية، حسين الساعدي، فاعتبر في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "تكرار واشنطن عبارة الخوف من عودة داعش بسبب النزاع هو ذريعة، فشمال العراق بات نظيفاً من التنظيم، لذا يجب أن تفرض الحكومة سيطرتها"، كاشفاً عن "وجود الآلاف من مقاتلي الحشد الشعبي يشاركون الجيش تحشيدهم"، مؤكداً أن "أي تحرك لن يحصل إلا بأمر من الحكومة العراقية".

في المقابل، قال مساعد آمر محور مخمور في قوات البشمركة، العقيد سيروان قادر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "البشمركة في وضع دفاعي ولديها أوامر بمنع تقدّم أي قوات إلى مناطقها، لذا ستقاتل أي تحرك للقوات العراقية التي توجد على بُعد 200 متر عن البشمركة في خطوط التماس". وأمل "ألا تحصل معارك جديدة، لكننا مضطرون لحماية السكان في مناطقنا قبل كل شيء وبمختلف الأسلحة التي نملكها"، مؤكداً أن "التحشيد الحالي هو رد فعل مماثل على بغداد".

المساهمون