أكّد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن الهدف من "مؤتمر الحوار الوطني السوري"، الذي يعقد في سوتشي الروسية، سيكون كتابة دستور جديد وإجراء انتخابات بإشراف الأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أبلغه بأن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، أيضًا ينظر بشكل سلبي إلى حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني) ولا يود أن يتواجد الأخير على الطاولة، بينما ترك الرئيس التركي الباب مفتوحًا في المستقبل للتعاون مع النظام السوري ضدّ الاتحاد الديمقراطي.
وفي تصريحات للصحافيين المرافقين له لقمة سوتشي نشرتها صحف تركية اليوم، قال أردوغان: "لقد أقمنا قمة سوتشي لتقييم الوضع النهائي لعملية أستانة التي بدأناها مع كل من روسيا وإيران، وحتى الآن كما تعلمون أجرينا سبعة اجتماعات لأستانة، وحصلنا على نتائج إيجابية، إذ أحيينا مناطق خفض التصعيد ونستمر في ذلك، كما نقوم بتحقيق المسؤوليات التي التزمنا بها في إدلب، وأنهينا حتى الآن 3 نقاط مراقبة من أصل 12".
وأشار أردوغان إلى وجود توافق مع الأطراف الثلاثة على الوحدة السياسية لسورية، وكذلك على وحدة أراضيها، مضيفًا: "تم تناول ملف مؤتمر الحوار الوطني السوري المزمع إجراؤه في سوتشي بالتفاصيل، لناحية من ستتم دعوته للمؤتمر، حيث ستقرر الدول الثلاثة معًا الأمر، وبطبيعة الحال ستقوم الدول الثلاثة بإنشاء لجنة تابعة لوزارات الخارجية لتقوم بالأعمال الأولية، وسيتم إنضاج هذه الأعمال بمشاركة قيادات أركان الجيوش، وإن استدعى ستشارك أجهزة المخابرات أيضًا".
وشدد أردوغان على أن المتوقع هو أن تتم دعوة جميع الأطياف السورية للمؤتمر، باستثناء حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني)، والذي سيطر على مساحات واسعة من الأراضي العربية في محافظة الرقة ودير الزور بدعم من التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" الإرهابي رغم الاعتراضات التركية.
وعن أهداف مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي، قال أردوغان: "ننتظر من المؤتمر أن يساهم في تثبيت وقف إطلاق النار ومناطق خفض التصعيد، وكذلك لدينا هدفان أساسيان؛ الأول كتابة دستور جديد، وهذا أمر اتفقنا عليه، فقد كان البعض في السابق يرى أن إصلاح الدستور الحالي كاف، والآن تم قبول فكرة كتابة دستور جديد، ولتحقيق هذا ستعمل وزارات الخارجية وقيادت الأركان والمخابرات بشكل جامع، ومن الممكن أن يتم العمل على هذا الأمر مع هيئة من التكنوقراط. أما الهدف الثاني، فهو الذهاب إلى انتخابات عادلة وشفافة بمراقبة الأمم المتحدة؛ وفي هذه العملية سيتم العمل على إيجاد الظروف التي تسمح بإظهار الإرادة الحرة للسوريين، وبالمعنى الأوسع، يجب على السوريين، سواء قي الداخل أو في الخارج، في أي مكان، أن يقوموا بتحديد مستقبلهم".
وأشار أردوغان إلى أنه من الممكن العمل على الخطوات التي من شأنها بناء الثقة؛ كالإفراج عن المعتقلين وإزالة الألغام وإيصال المساعدات الإنسانية، مؤكدًا أنه في حال وجدت الحاجة، فإنه من الممكن أن يتم عمل قمة أخرى كقمة سوتشي، وقد تكون في إسطنبول أو أنقرة والتي تليها في طهران.
وشدد على رفض بلاده لتواجد قوات "حزب الاتحاد الديمقراطي" في العملية السياسية، مشيرًا إلى أنه في حال تم إدخال الأخير في العملية السياسية؛ فإن تركيا ستقوم باللجوء إلى خطط أخرى، قائلًا: "الخطة الخاصة بنا، هي ألا يكون التنظيم الإرهابي على الطاولة، وقلنا ذلك في سوتشي بشكل واضح، إن تركيا لن تكون موجودة على الطاولة التي يتواجد فيها الإرهابيون. موقفنا في هذا الأمر واضح، ولن نكون أبدًا متحمسين لكيان يهدد بلادنا… لن نرحب أبداً بمحاولة إقامة كيان (الاتحاد الديمقراطي)، وقلنا هذا منذ سبع سنوات".
وعن المعلومات التي شاركها بوتين، حول اللقاء الذي جمعه مع رئيس النظام السوري، قال أردوغان: "بطبيعة الحال تشاركنا بعض الأمور، ولم نتشارك بعضها الآخر، على سبيل المثال، قال إن الأسد أيضًا ينظر إلى حزب الاتحاد الديمقراطي بشكل سلبي، وإنه لا يؤيد أن يتواجد الاتحاد الديمقراطي على الطاولة، وهذا ليس بالأمر الغريب. في تركيا ليست لدينا أي مشاكل مع أخوتنا الأكراد، ولكن مشكلتنا مع التنظيمات الإرهابية، غير أن النظام السوري منذ البداية، بمعزل عن الاتحاد الديمقراطي، لا يقبل بوجود الأكراد، ولا يمنحهم الجنسية، ولا الهوية، ولا جواز السفر".
وفي رده على سؤال حول إمكانية أن يفتح عداء النظام للاتحاد الديمقراطي أبواب التقارب مع النظام السوري، قال أردوغان: "هذا أمر يتعلق بالظروف في ذلك الوقت، في هذا الموضع ليس أمرًا صحيحا للغاية أن نحسم بعدم إمكانية حدوث شيء ما، كما تعلمون، فإن أبواب السياسة، تبقى مفتوحة حتى اللحظة الأخيرة"، نافيًا وجود أي علاقات، ولو عبر وسطاء، مع النظام السوري في الوقت الحالي، بالقول: "لا يوجد أمر كهذا في الوقت الحالي".
وتجنّب الرئيس التركي الإجابة عما توصلت له الأطراف الثلاثة في قمة سوتشي حول مصير الأسد، قائلًا "الهدف الرئيسي هو الوصول إلى حل سياسي يحظى بقبول مختلف الأطياف السورية، نود بعد الأن وقف الدماء السورية والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، ومع الدستور الجديد والانتخابات الحرة والديمقراطية المقامة تحت رقابة الأمم المتحدة، ستقوم بوضع الظروف الملائحة ليحدد السوريون، بإرداتهم الحرة، مستقبل بلادهم".
وفي رده على التطورات فيما يخص منطقة عفرين التابعة لمحافظة حلب السورية، والتي يسيطر عليها الجناح السوري لـ"العمال الكردستاني"، قال أردوغان: "كان بالنسبة لنا أمرًا مهمًا أن نرى الموقف الروسي والإيراني، وبعد أن رأينا الموقف، سيستمر الرفاق (الجيش) بالعمل على إنشاء نقاط المراقبة في إدلب وكذلك في عفرين، سنستمر في السير في طريقنا بإصرار، ومع عودة سكان عفرين إليها سيتم تطبيع الوضع الديمغرافي للمدينة، فالبنية السكانية الأصلية لعفرين تتكون بنسبة خمسين بالمائة منها من العرب، و30 بالمائة من الأكراد، والباقي من التركمان والمكوّنات الأخرى، وبعد عودة الناس من المخيمات إليها، ستعود المدينة لأصحابها الأصليين، وهذا أمر قابل للتطبيق على إدلب أيضا".
وأكد الرئيس التركي أن قرار دخول الولايات المتحدة في عملية أستانة كأحد الضامنين أمر سيقرره الضامنون الثلاثة الحاليون، قائلًا: "حال تم التقدم بطلب كهذا، سيقوم الضامنون الثلاثة باتخاذ قرار في الأمر، نحن لم نذكر أي أسماء، ولكن لو كانت هناك أي مؤسسة أو دولة ثمة ضرورة لإدخالها، فسيتخذ الضامنون الثلاثة القرار في الأمر. نحن متفقون على هذا"، مضيفًا: "نتحرك وأعيننا على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، ونعتقد بأن الأعمال التي قمنا بتحقيقها في إطار أستانة ستسرع من عملية جنيف".
ووجه أردوغان انتقادات لاستمرار الولايات المتحدة والتحالف الدولي "ضد داعش" بإرسال الأسلحة لمليشيات الاتحاد الديمقراطي، بالقول: "حتى الأن لا نعرف لمن ولماذا يتم جلب هذه الأسلحة، يقولون دومًا (ضد) داعش، ولكن السؤال هل بقي هناك داعش؟ قيل لنا في اجتماع هامبورغ بأنهم يمتلكون جميع أرقام الأسلحة، وبعد الانتهاء من داعش، سيتم جمعها، هل تم جمع الأسلحة"؟ مضيفًا: "والأن هناك قصة قاعدة جديدة في الرقة كما تعلمون، للولايات المتحدة في المنطقة 14 قاعدة، من بينها 5 إلى 6 قواعد جوية، والبقية قواعد عادية، وأود أن يتم الحديث معهم في هذه المواضيع جميعًا، وكذلك الحديث حول باقي المواضيع".