انتخابات محلية في الدنمارك... وخشية من تقدم اليمين المتطرف

21 نوفمبر 2017
خشية من تقدم اليمين المتطرف في الاستطلاعات (العربي الجديد)
+ الخط -
فتحت، صباح اليوم الثلاثاء، صناديق الاقتراع أبوابها أمام المقترعين في الدنمارك لاختيار أعضاء مجالس البلديات والأقاليم (المحافظات) في انتخابات تثير الكثير من القلق من تقدم اليمين المتطرف، ممثلًا بـ"حزب الشعب الدنماركي"، في الاستطلاعات.

ويهيمن في هذه الانتخابات، التي تجرى مرة كل أربعة أعوام، عدد من القضايا المحلية المتعلقة بسوق العمل والبيئة والرعاية الاجتماعية والصحية والسكن والاستقطاعات الضريبية والهجرة. ويرى مراقبون محليون، أن انتخابات هذا العام تضع اللوائح المستقلة والأحزاب السياسية المتنافسة (بحدود 16 حزبًا ولائحة) أمام تحديات كبيرة في ما يتعلق بتراجع المشاركة مقارنة بانتخابات 2013.

ويرى الخبير في توجهات الناخبين، البرفسور في جامعة كوبنهاغن، كاسبر مولر هانسن، أن "الإقبال لن يصل في هذه الدورة الانتخابية إلى ذروته، وسيكون أقل مما كان عليه قبل أربعة أعوام (71.9 في المائة)".
ويعزو هانسن التراجع المتوقع، بنسبة قد تصل لـ1 في المائة، إلى "تراجع إمكانيات التعبئة وإلى أسباب ديموغرافية". ويرى أنه "رغم وجود زيادة في عدد المهاجرين والمتحدرين منهم، إلا أن المشاركين منهم في هذه الانتخابات لن يكونوا أكثر من السابق".

الخشية من مشاركة أقل، وخصوصًا بين الشبيبة المشاركين للمرة الأولى، دفعت بعض المجموعات في بلديات العاصمة كوبنهاغن إلى إطلاق مبادرة رسائل نصية صباحية تذكرهم بضرورة المشاركة في "أداء واجب وحق الانتخاب اليوم".
وفي بلديات تتمركز فيها نسب من أصول مهاجرة، مثل ايكاست وفريدرسبيرغ ومنطقة نوربرو، يسعى مرشحون من أصول مهاجرة، عبر مؤيديهم في الأحزاب المختلفة، إلى حث الناخبين الشباب للمشاركة بكثافة للتصويت لهم.

أوساط مهاجرة من العرب والمسلمين تبنت التصويت لأحزاب اليسار (العربي الجديد)

وفي مدينة آرهوس، وسط غرب الدنمارك، المدينة الثانية بعد كوبنهاغن، تبنت بعض الأوساط المهاجرة، وخصوصًا من العرب والمسلمين، في تجمعات سكنية ذات طابع مهاجر، التصويت لأحزاب يسار ويسار الوسط.



وتبدو القضايا التي يهتم بها المواطنون من أصل مهاجر، بالإضافة إلى اللاجئين الذين يحق لهم المشاركة بعد ثلاثة أعوام من الإقامة، تتركز على حقوق وشواغل تشبه في مجملها بقية اهتمامات ومصالح المجتمعات المحلية. وتختلف الأحزاب السياسية التي يترشح على قوائمها عدد من هؤلاء حول ضرورة استقبال البلديات لمزيد من اللاجئين؛ فاليمين المتشدد في حزب الشعب الدنماركي، الذي يرى في هذه الانتخابات ما يشبه "بروفة" الانتخابات البرلمانية العام القادم، أقل حماسة في مسألة توزيع اللاجئين، إذ يرى ضرورة "تجنب دمجهم في المجتمعات المحلية والصرف المالي عليهم انتظارًا لإعادتهم إلى بلادهم". ويتذرع اليمين لحصد أصوات الأرياف والبلديات بما تعانيه من "اكتظاظ ومشاكل اقتصادية"، وبحقوق "ذاتية" يمنحها التقسيم الإداري للحكم المحلي للأقاليم لكي تقرر "الفئة التي ترغب البلدية بتسكينها في نطاقها الجغرافي".


قضايا الهجرة والدمج تشغل الناخبين (العربي الجديد)

وفي المقابل، ينتقد المعارضون لتوجهات اليمين، وللعداء الدائم للمهاجرين والمسلمين على وجه الخصوص، تلك السياسات بأنها سياسات تفتقد للمصداقية؛ "فهناك بلديات لا يوجد فيها ولا لاجئ واحد"، بحسب ما تذهب إليه الدعاية الانتخابية لليسار وحزب "راديكال". ويرى المؤيدون لتوزيع اللاجئين على البلديات بأنه "أمر مفيد للبيئة المحلية ويعزز من دورتها الاقتصادية". وإلى جانب قضية التعليم والرعاية الاجتماعية والصحية وتوفير الخدمات لفئة الشباب في تجمعات سكنية للمهاجرين، تبرز قضية "الدمج" كعنوان أساسي في برامج الأحزاب والمرشحين، وخصوصًا من هم بخلفيات مهاجرة.

ويختلف اليمين والمحافظون من جهة، واليسار ويسار الوسط من جهة أخرى، على قضايا محددة تتعلق بإقدام بعض البلديات على إلغاء لحم الخنزير من قوائم الوجبات في مؤسسات رعاية الأطفال والمدارس الابتدائية؛ ففيما يرى معسكر اليسار أن "حرية المعتقد والدين تعني منح هؤلاء حق التعبد بما يعزز أيضًا قضية الدمج"، وأن "الأمر عائد لكل بلدية للأخذ بالاعتبار ديانة المواطنين، لتوفير ما يناسب الأقليات الدينية، بما في ذلك توفير غرفة صلاة في المدارس"؛ فإن معارضيها يرون أنه لا يجب "الأخذ بالاعتبار المسائل الدينية في الحيز العام كسياسة رسمية، وممارسة الطقوس تجرى خلف الجدران".

ويخشى نشطاء ومراقبون للانتخابات من أن يستغل اليمين المتشدد قضايا الهجرة واللجوء، وزيادة "حرب العصابات" المهاجرة، لحصد المزيد من المقاعد "بما يؤهله للضغط باتجاه تمرير تشديدات محلية، بعد أن استطاع فعل ذلك برلمانيًا بتحوله إلى حزب مؤثر على يمين الوسط"، بحسب ما يقول لـ"العربي الجديد" عضو قيادة حزب اللائحة الموحدة اليساري، يورن فاد.

وكان ترشح لاجئ سوري، غسان رحمة، على قائمة حزب "راديكال" في بلدية هولستبرو، شمال غرب البلاد، قد أثار غضبًا في صفوف اليمين المتشدد، الذي طالب بتعديل قوانين المشاركة في الانتخابات المحلية، بحيث "يمنع الترشح على من لم ينجح في اختبار اللغة الدنماركية من المستوى الثالث". وينص القانون الحالي على أنه يحق لمن أقام إقامة متواصلة لثلاثة أعوام المشاركة في انتخابات مجالس البلديات والمحافظات تصويتًا ومشاركة. وقد فشل حزب الشعب في تمرير تعديله المستعجل، بانتظار نتائج انتخابات اليوم لتحديد مصير غسان وغيره من المرشحين من أصول مهاجرة على قوائم الأحزاب الدنماركية. ويذكر أن المهاجرين واللاجئين (من غير حاملي الجنسية) ممن تحق لهم المشاركة في الانتخابات يصل عددهم إلى حوالى 350 ألف ناخب.
المساهمون