صحيفة دنماركية: الليبرالية السعودية تجميل وجه بسبب الاقتصاد المعتل

27 أكتوبر 2017
يريد بن سلمان تحسين سمعة المملكة (الأناضول)
+ الخط -
تناولت صحيفة إنفارمشيون الدنماركية، الأكثر انتشارا بين الأكاديميين والسياسيين، في عدديها الصادرين يومي الخميس والجمعة، التطورات الداخلية السعودية من خلال كبير صحافييها المتخصص بشؤون المنطقة، والمقيم في بيروت، لاسا ألاغوورد.

وتابعت الصحيفة ما سمته "سعي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لاستخدام الإصلاحات الليبرالية لجذب الاستثمارات الأجنبية"، واعتبرت أنه "يقوم على اعتلال وتراجع في اقتصاد المملكة".

ورأت الصحيفة في هذا المجال أن "ولي العهد الشاب (32 سنة)، محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للبلد، ظهر فجأة معلنا عملية بيروسترويكا اقتصادية في المملكة الثيوقراطية دون أن يكون للعملية ارتباط بالواقع المعيش. فيوم الثلاثاء وأمام مدعوين من المستثمرين الأجانب بالقرب من الرياض، يتضح أن الطرح مرتبط بتجميل وجه ليس أكثر"، وفقا لما يقوله الكاتب الباحث المسؤول في المعهد الدنماركي للدراسات الدولية، لارس أرسلوف أندرسن.


ويضيف أندرسن أن "مسعى ولي العهد على خلفية خطاب إعادة المجتمع إلى الإسلام المتسامح لفترة ما قبل 1979، يعتمد أمرين: دعوة رأس المال الأجنبي، الذي خيب آمال السعوديين بتراجعه بين 15 و19 في المائة العام الماضي، وأيضا، وهو الشيء الجديد، اعترافه بأن المملكة النفطية خلال 30 سنة ماضية كانت تدعم النسخة المتطرفة من الإسلام السياسي، والتي نعرفها بشكل خاص بارتباطها بالقاعدة والدولة الإسلامية".

وترى صحيفة إنفارمشيون أن الاقتصاد السعودي المعتمد على النفط يحتاج وبقوة إلى الاستثمار في قطاعات أخرى، "ولأسباب مختلفة، منها هبوط أسعار النفط من ناحية، وهبوط متوسط الدخل من 25 ألف دولار عام 2012 إلى 20 ألفا في 2017، ومن الناحية الثانية توقعات السعوديين بنضوب النفط على المدى غير البعيد".

وتطرق الصحافي ألاغوورد إلى أن "طرح الإصلاحات عام 2016 استند إلى رؤية 2030 لولي العهد، بأمل أن تكون لديهم صناعة وسياحة بعيدتان عن مداخيل النفط، بالسعي لخلق منطقة تجارة حرة وإعادة بناء قطاع توليد الطاقة المستدامة بالهواء والشمس".

بيد أن الصحيفة فصلت في هذه الرؤية بالحديث عن وعود "بتحقيق طموحات 70 في المائة ممن هم تحت سن الثلاثين في إيجاد ملايين فرص العمل. وهو ما يراه ولي العهد مرتبطاً بتحديث القطاع التعليمي البالي (مستخدمة وصف أنتيك) وتوجهه نحو تبني خطاب آخر غير المتهم لليهود والمسيحيين بالعمل على تدمير الإسلام، وتغيير النهج الوهابي".

وتعرج الصحيفة على الحريات، بتجاوز المسألة الاقتصادية قليلاً، بالحديث عن "قمع تعرض له 26 شخصاً من لبنان كانوا يعملون في السعودية، إذ تم رميهم خارج البلد بتهمة تدنيس أرض الإسلام، لمجرد ممارسة طقوسهم المسيحية في حياتهم الخاصة"، متسائلة "ماذا لو فكرنا بملايين العمال من المسيحيين الذين يمنعون من ممارسة أية طقوس؟"، غامزة بذلك إلى مدى ارتباط ذلك بادعاء اللبرلة.

وتطرقت الصحيفة أيضا إلى "ذهاب السعودية بشكل إيجابي لإلغاء الشرطة الدينية الذين كان يحق لأفرادها توقيف أي شخص بتقديرات تعود لهم، هذا بالإضافة إلى التنويه بمنح السعوديات رخص قيادة وموافقات سفر مع شهر مارس/آذار القادم".


"لكن ذلك كله لن يقرب المسافة البعيدة جداً جداً بين رغبة ولي العهد جذب المستثمرين والحقائق على الأرض". وتعدد إنفارمشيون بعض ما يواجهه السعوديون من تحديات في طمأنة الناس بجذب أموالهم نحو "ادعاء الليبرالية"، تزامناً مع حقيقة أن موازنة الجيش السعودي تقضم 10 في المائة من الدخل القومي، في حين أن المتوسط العالمي ليس أكثر من 2 في المائة، و"هذا ليس اقتصاداً جاذباً".

وفي تناول الصرف العسكري، ترى الصحيفة أنه جزء من "قيادة ولي العهد للتحالف الخليجي بالسلاح الأميركي في حرب اليمن، التي يستهدف فيها المدنيين قصفا نيابة عن الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي وجد نفسه مشردا بسبب الحرب الأهلية مع جماعة الحوثي المدعومة من إيران".

وتشير الصحيفة إلى أن المملكة تنفذ بشكل عملي حصاراً على دولة قطر، بعد أن اتهمتها بتمويل "الإرهاب الدولي".

وعلى الصعيد الداخلي ذهبت إنفارمشيون إلى القول: "على الجبهة الداخلية، فإن الأمر ليس مشرقاً على الإطلاق بالنسبة لولي العهد بن سلمان، بخصوص إعادة المجتمع إلى إسلام متسامح، فمنذ بداية سبتمبر/أيلول تجري ملاحقة واعتقال منتقدين ليبراليين، ومن بين هؤلاء تبرز شخصية الداعية الأكثر قربا من الدعوات للمشاركة والديمقراطية سلمان العودة، وفي الوقت نفسه تجري عملية تطهير للجامعات من الأكاديميين الذين ينتهجون الخط ذاته المتهم بأنه متعاطف مع حركة الإخوان المسلمين".

وتطرقت الصحيفة إلى الجانب الإعلامي والصحافي ووضع الكتاب، "يبدو أن الهدف أيضا فرض سيطرة مطلقة على وسائل الإعلام وما يكتب. وفي هذا الاتجاه فإن الكاتب والصحافي المعروف وكاتب عمود في صحيفة الحياة، جمال خاشقجي، جرى وضعه في الإقامة الجبرية وملاحقته بعد أن كتب كثيرا عن نفس ما يطرحه اليوم ولي العهد بن سلمان، من أن السعودية تحتاج لانفتاح". إن "دعوة خاشقجي إلى الديمقراطية السياسية لا يراها بن سلمان سوى لدواعي انفتاح اقتصادي، قد لا يؤدي إلى النتيجة نفسها".

وأيضا على صعيد أزمات بن سلمان في الداخل، تتابع الصحيفة الدنماركية: "إن كرة ثلج تتدحرج أمام ولي العهد في شكل صراع مع جناح في الأسرة الملكية التي تمثل ولي العهد المُزاح في يونيو/ حزيران الماضي، محمد بن نايف، حيث جرد في يوم وليلة من مكانته وكل وظائفه، ونحن لم نر بعد نهاية هذا النزاع".