أميركا وأحداث كركوك... وسيناريو 2008

22 أكتوبر 2017
عنصر أميركي يدرّب آخر من البشمركة (يونس كيليس/الأناضول)
+ الخط -
الموقف الأميركي "المحايد" إزاء التطورات الأخيرة في كركوك العراقية، حمل مراقبين على استحضار ما جرى في العراق عام 2008، عندما تخلّت واشنطن عن "الصحوات" التي شاركت في تنظيف الأنبار من تنظيم "القاعدة". واعتبر هؤلاء بأن "واشنطن تتخلّى عن الأكراد الذين ساهموا في دحر تنظيم داعش من الموصل وغيرها".

في عام 2008، تقدّم الاعتبار الأمني وجرى إهمال الاعتبار السياسي قبل عملية التصدي لـ"القاعدة" وبعدها. السيناريو نفسه بات حاضراً بحسب هذه المقارنة، بالتالي من المرجح عبر اعتماد نهج عام 2008، الوصول إلى النتيجة نفسها لجهة اشتعال الخصومات والنعرات من جديد في الساحة العراقية مساهمة في تعقيد الوضع وتمزيقه.

وجه الشبه بين الحالتين في محله شكلاً، لكن الفارق أن واشنطن ليست في وارد ترك الورقة الكردية بالكامل. في هذا الصدد، برز تحذير وجهه السيناتور جون ماكين لبغداد لجهة عدم التمادي في ضرب الأكراد، بما أثار التساؤل حول حقيقة موقف واشنطن ومراميه، وما إذا كانت فعلاً حيادية بين حليفين لحماية علاقاتها معهما بالتساوي، أم أن هناك حسابات أخرى أوسع حكمت العملية.

وطرح البعض تساؤلاً تمحور حول عدم منع واشنطن أربيل من المضي باستفتاء انفصال إقليم كردستان عن العراق في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، خصوصاً أنها قادرة على ذلك. وذكر مراقبون أنه "إذا كانت واشنطن توقعت أن يؤدي الاستفتاء إلى زعزعة الوضع وإثارة الحساسيات فضلاً عن التخريب على المعركة ضد داعش فلماذا لم تمنعه؟ خصوصاً أن اعتراضها على الاستفتاء تدرّج من التحذير الخجول إلى النهي الليّن ثم إلى التلويح بعدم الاعتراف به، وذلك عندما اقترب موعده وصار بحكم تحصيل الحاصل وبات التنبيه بشأنه أقرب إلى رفع العتب".



وأضاف هؤلاء أن "علاقة واشنطن بالإقليم قوية بما يسمح لها بإقناع رئيس الإقليم مسعود البارزاني بالإحجام عن خطوته، خصوصاً أن وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) دأبت على القول إن البشمركة شريك حاسم في عمليات داعش. فكيف يُترك هذا الحليف ليخرّب على هذه العمليات؟".

وما زاد من تحوّل الحياد إلى لغز هو أن بغداد تحركت بسرعة تجاه كركوك وربما بناء على طلب إيران، وفقاً لمعلومات بعض الأوساط. مع الإشارة في هذا السياق، إلى زيارة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، إلى أربيل واجتماعه بالبارزاني ثم الانتقال إلى السليمانية، عشية العملية العسكرية في كركوك.

كما أن البعض تساءل ما إذا كانت واشنطن على علم بدور طهران في حمل بغداد على اللجوء إلى القوة السريعة، وانعكاسها على التوفيق بين تصويب الرئيس الأميركي دونالد ترامب على نشاطات طهران "المزعزعة للاستقرار في المنطقة"، بحسب قوله، ورفع شعار رفض الاتفاق النووي معها، وبين تسهيل ترجمة مشيئتها في العراق.

"حياد واشنطن في قضية كركوك ملغوم. فكل نصر عسكري في الشرق الأوسط يحمل معه مخاطر مختلفة"، وفقاً لقول أحد المراقبين، مضيفاً "تحديداً في العراق، فهكذا حصل في عام 2008، فاستمرت الأزمة السياسية على حالها، وتجددت الصراعات والتفسخات. بالتالي يُخشى من تكرار التدهور بعد الموصل وكركوك، طالما بقيت النزاعات الحدودية والحكومية والمذهبية على حالها".


المساهمون