حضور "المجلس الانتقالي" وغياب "الشرعية" في عدن: هل انتهى الجمود؟

12 أكتوبر 2017
تغيب الشرعية إلى حد كبير عن استعدادات المناسبة (الأناضول)
+ الخط -


يبدو أن مرحلة الجمود التي دخل فيها تصعيد ما يُسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، الذي يتبنى انفصال جنوب اليمن عن الشمال، في الأشهر الماضية، كانت نسبية أو مؤقتة، مع عودة نشاط المجلس بالتزامن مع احتفالات البلاد بثورة الـ14 من أكتوبر/تشرين الأول، بمدينة عدن، في الوقت الذي يبقى فيه الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، في مقر إقامته بالعاصمة السعودية الرياض، بوضعٍ يصفه البعض بـ"الإقامة الجبرية"، بعد ما يزيد عن عامين ونصف العام من بدء حرب التحالف في اليمن، بمبرر الاستجابة للشرعية. 

وأكدت مصادر محلية في عدن لـ"العربي الجديد أن أغلب قيادات "المجلس الانتقالي" تتواجد حالياً في المدينة، بعد أن كان العديد منهم، وفي مقدمتهم رئيس المجلس، عيدروس الزبيدي، في العاصمة الإماراتية أبوظبي، وعادوا أخيراً، بالتزامن مع شروع المجلس وكوادره على مستوى عدن والمحافظات بأنشطة وتحضيرات مكثفة، على نحو يسعى من خلاله المجلس لإبراز نفسه على أنه المعني الأول بالمناسبة الوطنية (ذكرى أكتوبر)، وبالتالي الظهور كسلطة أمر واقع، أو طرف يفرض وجوده على حساب الحكومة الشرعية.

في المقابل، تغيب الشرعية إلى حد كبير عن استعدادات المناسبة "الرسمية" التي من المفترض أن تكون الحكومة المعني الأول بإحيائها، إذ تغيب عن مشهد الاستعدادات، على الرغم من كونها تدعم، بشكل مباشر أو غير مباشر، فعالية جماهيرية لمعارضي المجلس الانتقالي، من المقرر أن تقام السبت القادم، في ساحة العروض، أكبر ميادين عدن، في مقابل مهرجان "المعلا"، الذي سيقيمه مناصرو المجلس. 

وإذا كان غياب الشرعية عن صنعاء نتيجة طبيعية لسيطرة من تسميهم بـ"الانقلابيين" على العاصمة، فإن الأمر يبدو مختلفاً في عدن، المدينة التي تسميها الشرعية بـ"العاصمة المؤقتة"، والجزءين الجنوبي والشرقي من البلاد، اللذين يُفترض أنهما باتا "محررين" من سيطرة مسلحي جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحلفائهم الموالين لعلي عبدالله صالح منذ أكثر من عامين.


 

ومن اللافت سماح أبوظبي، التي تتولى واجهة حضور ونفوذ التحالف، بقيادة السعودية، في جنوب اليمن، للقيادات الموالية لها أو المعروفة بالقرب منها بالعودة إلى عدن، وتصدّر واجهة الأنشطة السياسية المصاحبة لذكرى الثورة فيها، في حين أن الشرعية التي يقول التحالف إنه جاء لـ"إعادتها" لا تسيطر، أو لا يُسمح لها بالسيطرة، على أرض الواقع.

ويأتي التطور في الوقت الذي تتحدث فيه العديد من المصادر عن أن الرئيس عبدربه منصور هادي، المتواجد في السعودية أغلب الفترات منذ أكثر من عامين ونصف، يُمنع من قبل التحالف من العودة إلى عدن، فيما يسمح التحالف أو يدعم عودة قيادة المجلس، الذي يتبنى الانفصال وتأسس مقدماً نفسه كسلطة انقلابية - انفصالية، لإدارة وتمثيل الجنوب (كما أعلن عن نفسه). 

وفي هذا الصدد، تصدرت الناشطة السياسية الحائزة على نوبل للسلام، توكل كرمان، أخيراً، إثارة قضية أن هادي يتواجد في السعودية تحت الإقامة الجبرية، وطالبت مراراً وتكراراً بالسماح بعودته، وكتبت، الثلاثاء الماضي، على صفحتها الشخصية بموقع "تويتر": "الرئيس هادي لا يزال رهن الإقامة الجبرية وبحكم المعتقل في الرياض، التي تدعي أنها تدخلت لإعادة شرعيته"، وأضافت: "أدعوها (أي الرياض) إلى إيقاف قصف اليمن وإطلاق الرئيس". 

وكانت قد ترددت أنباء، الشهر الماضي، عن منع الرياض هادي من عودة كانت مقررة إلى عدن. 

ومن المفارقات أن التحالف كان يردد في الأشهر الأولى لتدخله العسكري في اليمن أنه يسعى إلى إعادة الشرعية إلى عدن، التي انفجرت الحرب بعد تقدم الحوثيين وحلفائهم نحوها. وبعد أكثر من عامين ونصف، تنطلق أصوات تنادي بالسماح للرئيس بالعودة، بعد أن اكتفى التحالف في الأشهر الأخيرة بدعم تواجد رئيس الحكومة، أحمد عبيد بن دغر، فيها، فيما يقيم الرئيس خارج البلاد. 

وفي المحصلة، تبدو عدن في ذكرى أكتوبر مصادرة من قبل "الانتقالي" - الانفصالي، المدعوم من دول في التحالف، وليس الشرعية التي تسميها "العاصمة المؤقتة"، على الرغم من تواجد رئيس الحكومة فيها، وممارسته العديد من الأنشطة، لكنه تواجد رمزي في الغالب، لا يعبر عن سيطرة "الشرعية" فعلياً على عدن، بقدر ما أن المجلس، الذي تأسس بدعم أبوظبي في مايو/أيار الماضي، ودخل بمرحلة جمود، عاد ليتصدر الحراك السياسي المرافق لاحتفال الثورة على الأقل.