نزل قرار السلطات المغربية بإغلاق جميع المؤسسات التعليمية التابعة لمجموعة محمد الفاتح، والتي تُنسب إلى فتح الله غولن، زعيم جماعة "الخدمة" التركية المقيم في الولايات المتحدة، كالصاعقة على أولياء أمور تلاميذ يتابعون دراستهم في هذه المدارس، لكنه قرار لم يفاجئ الكثير من المراقبين في البلاد الذين اعتبروا أنه يعكس دلالات سياسية وأمنية عدة. وتعود أول مؤسسة تعليمية تابعة لجماعة غولن في المغرب إلى عام 1994، من خلال افتتاح مدرسة ابتدائية في مدينة طنجة، بدعم من رجل أعمال مغربي، قبل أن تفتتح مدارس أخرى في مدن تطوان والجديدة والرباط والدار البيضاء ومراكش وأغادير، تضم أكثر من 2400 تلميذ.
وفي مقابل غضب أولياء الأمور، لم تتأخر السلطات التركية في الإعلان عن ارتياحها للقرار المغربي. وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في تغريدة نشرها أمس الجمعة على حسابه على موقع "تويتر": "نرحب بقرار وزارة الداخلية المغربية إغلاق مدارس منظمة فتح الله غولن الإرهابية في غضون شهر". ووصف القرار المغربي بأنه مؤشر على التعاون الوثيق بين البلدين. يذكر أن القائم بأعمال السفارة التركية في الرباط، إبراهيم خليل صاكلي، سبق له أن وجه طلباً إلى وزارة الخارجية المغربية من أجل "اتخاذ اللازم" تجاه المؤسسات التعليمية التابعة لجماعة "الخدمة"، التي يرأسها غولن، المتهم من قبل أنقرة بالوقوف خلف محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في 15 يوليو/ تموز الماضي.
اقــرأ أيضاً
وأرجعت وزارة الداخلية المغربية قرار إغلاق مدارس غولن، الموجودة في بعض مدن المملكة، إلى كون "هذه المؤسسات التعليمية تجعل من الحقل التعليمي مجالاً خصباً للترويج لأيديولوجية هذه الجماعة ومؤسسها، ونشر نمط من الأفكار يتنافى مع مقومات المنظومة التربوية والدينية المغربية"، على حد وصفها. من جهتها، أعلنت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني في المغرب أنها ستعمل على توزيع التلاميذ على مؤسسات تعليمية أخرى يتابعون دراستهم فيها، "آخذة بعين الاعتبار مصلحة التلاميذ وأولياء أمورهم".
وإذا كان فحوى البلاغ الرسمي يشير إلى مسوغات تربوية وتعليمية، مفادها ترويج هذه المؤسسات التعليمية لأيديولوجية جماعة غولن، فإن مراقبين مغاربة اعتبروا أن خلفيات القرار سياسية وأمنية. ووفقاً للخبير في الشأن الأمني والاستراتيجي، محمد عصام لعروسي، فإن قرار إغلاق مدارس غولن في المغرب يحمل دلالات عدة، أولها تكريس سياسة تشديد الإجراءات الأمنية، بما فيها تضخيم حماية ما وصفه بـ"الأمن الروحي من كل الاختراقات الأيديولوجية من قبل التيارات الدينية المتعصبة التي تحاول تعبئة التلاميذ وفق منظورها الديني". ولفت لعروسي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن مجموعة من المدارس التابعة لغولن، مثل مدارس "الفاتح"، تعمل وفق المناهج التعليمية المقررة من طرف وزارة التربية الوطنية، ولا يبدو أنها تخالف القوانين والتشريعات المغربية المعمول بها، ويمكن في حالة حصول أي مخالفة سحب الرخص الإدارية من هذه المدارس. الدلالة الثانية، وفق الخبير، تتعلق بخلفيات "التأخر في الإعلان عن إغلاق هذه المدارس مباشرة بعد الانقلاب الأخير في تركيا، ما يعني أن المغرب اختار في البداية المقاربة العقلانية القانونية التي تقتضي التحقق من جدية انتماء هذه المدارس لتيار غولن، وذلك على الرغم من مطالبة أردوغان الدول الصديقة بإغلاق هذه المدارس، لخطورتها على الناشئة على المدى المتوسط والبعيد". واعتبر لعروسي أن الاعتداءات الإرهابية في تركيا ومختلف أنحاء العالم أخيراً، هي التي عجلت باتخاذ هذا القرار "لقطع الطريق على كل المحاولات لاختراق المجتمع المغربي من الناحية الدينية". أما الدلالة الثالثة، بحسب لعروسي، فتتجلى في البعد السياسي للقرار، "إذ كان يفترض وجود قرائن واضحة، ليس على انتماء هذه المؤسسات التعليمية إلى غولن فقط، وإنما الكشف عن مدى تورطها في نشر الفكر المتطرف، وهذا هو بيت القصيد، خصوصاً أن الكثير من مدارس البعثات الأجنبية تتفلت من رقابة ومتابعة الوزارة الوصية".
من جهته، قال الخبير في الشأن الديني والسياسي، إدريس الكنبوري، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن قرار السلطات المغربية إغلاق مدارس "الخدمة"، التابعة لغولن، في البلاد، له علاقة بالسياسة التركية الجديدة ما بعد انقلاب يوليو الماضي. وأشار إلى أن الحكومة التركية تتعقب هذه المؤسسات التعليمية التابعة للمعارض التركي في مختلف أنحاء العالم عبر آلتها الدبلوماسية، وأحياناً عبر الضغط، كما حصل مع بعض البلدان الأفريقية التي رفضت إغلاق تلك المدارس بدعوى أنها لم تسجل ضدها تحركات منافية للقانون. واعتبر أن المفاجئ بالنسبة للمغرب، أن وزارة التعليم، وهي الجهة الوصية على القطاع والتي تخضع لها تلك المدارس، لم تصدر بلاغاً في الموضوع، لكي تتبين أوجه المخالفات للمناهج المغربية لدى مدارس مجموعة محمد الفاتح، وانفردت وزارة الداخلية بإصدار البلاغ، ما يعطي للقرار بعداً سياسياً.
وفي مقابل غضب أولياء الأمور، لم تتأخر السلطات التركية في الإعلان عن ارتياحها للقرار المغربي. وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في تغريدة نشرها أمس الجمعة على حسابه على موقع "تويتر": "نرحب بقرار وزارة الداخلية المغربية إغلاق مدارس منظمة فتح الله غولن الإرهابية في غضون شهر". ووصف القرار المغربي بأنه مؤشر على التعاون الوثيق بين البلدين. يذكر أن القائم بأعمال السفارة التركية في الرباط، إبراهيم خليل صاكلي، سبق له أن وجه طلباً إلى وزارة الخارجية المغربية من أجل "اتخاذ اللازم" تجاه المؤسسات التعليمية التابعة لجماعة "الخدمة"، التي يرأسها غولن، المتهم من قبل أنقرة بالوقوف خلف محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في 15 يوليو/ تموز الماضي.
وأرجعت وزارة الداخلية المغربية قرار إغلاق مدارس غولن، الموجودة في بعض مدن المملكة، إلى كون "هذه المؤسسات التعليمية تجعل من الحقل التعليمي مجالاً خصباً للترويج لأيديولوجية هذه الجماعة ومؤسسها، ونشر نمط من الأفكار يتنافى مع مقومات المنظومة التربوية والدينية المغربية"، على حد وصفها. من جهتها، أعلنت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني في المغرب أنها ستعمل على توزيع التلاميذ على مؤسسات تعليمية أخرى يتابعون دراستهم فيها، "آخذة بعين الاعتبار مصلحة التلاميذ وأولياء أمورهم".