ملفات تونسية عالقة منذ الثورة...متى تنتهي أزمة "المطلوبين أمنيا"؟

23 يناير 2017
مطالبات ليوسف الشاهد للحسم في الملف (ياسين كايدي/الأناضول)
+ الخط -
أعلن وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان التونسي، مهدي بن غربية، أنّه سيتم عرض تقرير حول ملف "المطلوبين أمنيا" على رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، هذا الأسبوع لاتخاذ القرار النهائي.

وأوضح بن غربية أنه تقرّر تسوية ملف المطلوبين (الذين كتبت بشأنهم تقارير أمنية في عهد المخلوع زين العابدين بن علي، ما حرمهم من الحق في الوظيفة العمومية) بشكل تشاركي، نافيا وجود خلاف مع ممثلي المضربين في الاتحاد العام لطلبة تونس واتحاد المعطلين عن العمل حول مبدأ معالجة هذه القضيّة، مؤكدا أنّ "القضية بلغت مرحلتها الأخيرة إثر الاتفاق بين جميع الأطراف المعنية، الحكومة والبرلمان والمجتمع المدني"، وفق ما جاء في تدوينة على حسابه بفيسبوك.

ويدخل الإضراب عن الطعام الذي ينفذه المطلوبون بمقر الاتحاد العام لطلبة تونس يومه الثامن والعشرين، مسجلا تدهور الحالة الصحية لعدد من المضربين، مما دفع إلى نقلهم إلى المستشفى، وفق ما أكده مصدر منهم لـ"العربي الجديد".


من جانبه، دعا بن غربية المعتصمين لوقف إضرابهم عن الطعام، "لأن سلامتهم الصحيّة أولويّة لا تقبل المساومة"، مجدّدا التأكيد على أنه "سيتم قريبا رفع نتائج عمليات التدقيق والفرز على أنظار رئاسة الحكومة قصد تسوية هذا الملف وإعادة الحق في التشغيل إلى مستحقيه".

وأشار الوزير التونسي إلى أن "الأمر يتطلب التحرّي والتثبّت بكلّ الدقّة والشفافيّة اللازمتين"، مبينا أن "الملف في طريقه إلى الحلّ التدريجي وعلى أساس مقاييس موضوعيّة يجري تطبيقها وفرز الملفات على أساسها، بمساهمة ممثلي المضربين أنفسهم"

في سياق متصل، دعا أعضاء البرلمان أخيرا إلى مساءلة وزير الداخلية، الهادي مجدوب، حول تعطل وضعية "المطلوبين أمنيا"، معتبرين "ارتهان مصير أكثر من 1500 شاب تونسي بتوقيع الوزير أمرا لا يمكن السكوت عليه".

وحمل أعضاء البرلمان المنتمون إلى المعارضة حكومة الشاهد والحكومات المتعاقبة منذ الثورة مسؤولية الوضع المتردي لأكثر من 1500 شاب معطل من المطلوبين أمنيا، مطالبين بـ"تسوية وضعيتهم، بعد أن تجاوزهم قطار العمر وفاتتهم فرص التشغيل"، محملين المسؤولية السياسية بالخصوص إلى "حكومة الترويكا" السابقة التي أدمجت المتمتعين بالعفو العام فيما أغفلت ملف المطلوبين أمنيا.

وفي السياق نفسه، قال النائب الجيلاني الهمامي، القيادي بـ"الجبهة الشعبية"، إن 774 "مطلوبا أمنيا" موجودون ضمن الدفعة الثالثة، وغالبيتهم من الطلبة ومن المنضوين تحت راية الاتحاد العام لطلبة تونس، مؤكدا أن "هؤلاء لا يمثلون كل المفروزين أمنيا، إذ أن أعدادهم تتجاوز بكثير هذه الأرقام"، معتبرا أن "تعطيل هذا الملف وراءه غياب الإرادة السياسية"، كما استنكر "تجاهل وزارة الداخلية لملفاتهم وغياب تفاعلها حول هذا الموضوع"


وقدم وزير الوظيفة العمومية، عبيد البريكي، إحصائيات عن عدد الملفات التي وردت على الوزارة، والتي وقع إدماج أصحابها في الوظيفة العمومية، خصوصا في سلك التربية، وقد بلغ العدد 125 شخصا في إطار الدفعة الأولى للمطلوبين أمنيا، و52 في الدفعة الثانية.

وأوضح الوزير أن الدفعة الثالثة تتضمن أكثر من 770 شخصا، فيما تضم الدفعة الرابعة نحو 800 اسم، "لذا يجب، بحسب تقديره، اعتماد المعايير نفسها التي خضع لها زملاؤهم في تحديد أحقيتهم بالانتداب وتسوية الوضعية".

وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، قال البريكي إن "المعلومات حول المطلوبين أمنيا لا يمكن أخذها إلا من وزارة الداخلية، وهي الجهة الرسمية المخولة التي تمتلك الملفات الأمنية"، مضيفا أن "هناك اعتراضا على المقاييس والمعايير المعتمدة من قبل وزارة الداخلية"، مشيرا إلى أن "المرحلة الراهنة تقتضي تضافر كل الجهود للتفريق بين المطلوبين وغير المطلوبين أمنيا".

من جانبها، أبرزت النائبة عن حركة "النهضة" ومساعدة رئيس البرلمان المكلفة بالعلاقة مع المجتمع المدني والمواطن، جميلة دبش الكسيكسي، أن "تواصل معاناة المفروزين أمنيا لا يمكن إلا أن تسجل في خانة التعذيب الممنهج، حيث إن 8 حكومات توالت على تونس بعد الثورة ولم تجد حلا لمشكلتهم"، مطالبة حكومة الوحدة الوطنية الحالية بـ"تحمل مسؤولياتها كاملة في المسألة وإيجاد الحلول في أقرب وقت ممكن".

ويبقى مستقبل مئات المطلوبين أمنيا رهينا بتأشيرة وزير الداخلية، بينما الكلمة الفصل في الوضوع لرئيس الحكومة الذي سيقرر مصيرهم.

 

المساهمون