غموض انتحار شلبي في مصر... تكرار سيناريو عامر وخاطر؟

03 يناير 2017
تشابه قضية شلبي مع قضيتين سابقتين (العربي الجديد)
+ الخط -

انضمّت قضية وفاة الأمين العام لمجلس الدولة المصرية، المستشار وائل شلبي، داخل مقر احتجازه على خلفية التحقيق معه في قضية رشوة، أمس الإثنين، والادعاء بانتحاره، بحسب الروايات الأمنية الأولية، إلى قضايا أخرى مشابهة، كان البطل فيها "الغموض والجدل". في هذا الإطار، تشابهت قضية شلبي، مع واقعتين لا تزال أسرارهما غائبة، على الرغم من مرور سنوات طويلة عليهما، تحديداً بما يتعلق بالوفاة داخل مقار احتجاز مختلفة، والسائد في كل تلك الحالات هو أن السبب "الانتحار". كما حامت شكوك كبيرة في إقدامه على الانتحار، في ظل عدم الكشف عن الطريقة، مع بدء مصلحة الطب الشرعي تشريح الجثة لكتابة تقرير حول سبب الوفاة. مع العلم أن شلبي قدم استقالته من الهيئة القضائية، يوم السبت، بعدما أصدر النائب العام مذكرة تطلب رفع الحصانة عنه للتحقيق معه في علاقته بمدير توريدات مجلس الدولة المتهم بالرشوة جمال الدين اللبان، الذي قُبض عليه الثلاثاء 27 ديسمبر/كانون الثاني الماضي.

وكانت مصادر قضائية مصرية، قد أعلنت أن شلبي توفي داخل سجنه في مقر هيئة الرقابة الإدارية، في ظروف غير معلومة. وأفادت المصادر أنه "تمّ إبلاغ قيادات مجلس الدولة من قبل هيئة الرقابة الإدارية، بأنه عُثر على شلبي منتحراً داخل الغرفة التي قضى فيها ليلته، بعدما حضر جلسة تحقيق في نيابة أمن الدولة العليا امتدت لساعة مبكرة من فجر أمس، وانتهت بصدور قرار بسجنه أربعة أيام على ذمة اتهامه بالرشوة والفساد الإداري". وأضافت أن "بعض القضاة المقربين من شلبي طالبوا مجلس الدولة أن يطلب رسمياً التحقيق في ملابسات الوفاة، لتبيان ما إذا كان قد توفي منتحراً أم مقتولاً"، مؤكدين أن "السمات الشخصية لشلبي لا تنبئ بانتحاره". وما زاد من الغموض حول شلبي، ظهور روايات أخرى حول سبب الوفاة باعتبارها ليست "انتحاراً"، بل هبوطاً في الدورة الدموية أدت للوفاة.

وهذه المرة الأولى التي يتهم فيها قاض مصري على هذا المستوى الوظيفي، إذ كان شلبي معروفاً بأنه الرجل القوي بمجلس الدولة منذ نحو تسع سنوات، وتنقل بين وظائف إدارية بارزة تحت قيادة مختلف رؤساء مجلس الدولة، وكان معروفاً أيضاً بعلاقاته الواسعة بالوزراء والمحافظين وأجهزة الدولة المختلفة.

من جانبه، قال خبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية، إن "القضايا المشابهة دائماً ما تكون محل تشكيك كبير، خصوصاً في ظل عدم وجود شفافية كاملة من قبل أجهزة الدولة". وأضاف أن "عملية الانتحار غامضة، حتى الآن، في ظل عدم وجود مصدر معلومات إلا روايات متضاربة غير رسمية، ولم تخرج أي جهة رسمية بكشف ملابسات انتحار شلبي".

ولفت إلى أن "شلبي نفى كل الاتهامات بقوة خلال التحقيقات، حسبما نشر، فما الذي يدفعه للانتحار؟ خصوصاً أنه متأكد من البراءة، وربما يكون انتحر تحت الضغط النفسي الشديد بغض النظر عن فكرة أنه مدان أم لا".
وجاء خبر وفاة شلبي، في وقت باتت العلاقة بين النظام الحالي ومجلس الدولة متوترة، على خلفية حكم القضاء الإداري ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للأخيرة، ونظر المحكمة الإدارية العليا في طعن الحكومة في 16 يناير/كانون الثاني الحالي. وأعادت حادثة شلبي، إلى الأذهان، "انتحار" كل من وزير الحربية، القائد العام للقوات المسلحة المصرية، المشير عبدالحكيم عامر، والمجند سليمان خاطر.



في هذا السياق، تبقى قضية انتحار المشير عبدالحكيم عامر، أو "الرجل الثاني" كونه كان نائباً لرئيس الجمهورية الراحل جمال عبدالناصر، عصيّة على الحل، في ظلّ الاتهامات بدسّ السّم له، بعد اعتقاله بأوامر من عبدالناصر. ففي 14 سبتمبر/أيلول 1967، أعلنت مصر انتحار عامر، بدعوى تأثره بهزيمة 1967. تصدر "الانتحار" عناوين الصحف القومية، على الرغم من عدم تصديق كُثر، في ظل معرفة طبيعة الخلافات التي كانت بين عامر وعبدالناصر قبل اعتقاله. ودُفن عامر في مقابر الأسرة بقرية أسطال بمحافظة المنيا، مع أسرار فترة حافلة بالأحداث، من دون أن يتم الكشف عن غموض انتحاره.

وكان عامر، أحد رجال ثورة يوليو/تموز 1952، وصديقاً مقرّباً من عبدالناصر، وتولّى منصب القائد العام للقوات المسلحة ونائب القائد الأعلى منذ 1954 وحتى يونيو/ حزيران 1967. وذهب مؤرخون إلى حدّ القول إنه "تمّ التخلص منه لدفن كل أسرار المرحلة منذ 1952 وحتى هزيمة 1967".

في 7 يناير/كانون الثاني 1985، انتحر المجنّد سليمان خاطر، بحسب الرواية الرسمية داخل مستشفى السجن الحربي بمدينة نصر في محافظة القاهرة، بعد وقتٍ قليل على الحكم عليه بالسجن المؤبد، لقتله سبعة إسرائيليين اخترقوا الحدود المصرية ودنّسوا العلم المصري أمامه، في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 1985، وفقاً لرواية حمدي كسكين، أحد زملاء خاطر السابقين.

وأكد كسكين، في تصريحات تلفزيونية سابقة، أن "اسم سليمان خاطر سيبقى سطراً مضيئاً لكل من يريد استكمال مسيرة الكرامة"، مشيراً إلى آخر ما قاله أثناء محاكمته: "أنا لا أخشى الموت ولا أرهبه، إنه قضاء الله وقدره، لكنني أخشى أن يكون للحكم الذي سوف يصدر ضدي آثار سيئة على زملائي، تصيبهم بالخوف وتقتل فيهم وطنيتهم، إن هذا الحكم هو حكم ضد مصر، لأنني جندي مصري أدى واجبه، روحوا واحرسوا سينا، سليمان مش عايز حراسة".

وقد روّج نظام الرئيس المخلوع، حسني مبارك، في حينها أن خاطر كان يعاني من اختلال نفسي، دفعه إلى الانتحار. وجاءت الرواية الرسمية حول وفاة خاطر على الشكل التالي "الظلام كان يحوّل مخاوفه إلى أشكال أسطورية خرافية مرعبة تجعله يقفز من الفراش في فزع".

دلالات
المساهمون