حصار حلب: الكاستيلو هدف المعارضة مجدداً بانتظار الاتفاق الروسي-الأميركي

06 سبتمبر 2016
طفل أنقذه الدفاع المدني بعد قصف للنظام بحلب(إيبو ليز/الأناضول)
+ الخط -
سقطت مناطق سيطرة المعارضة السورية في مدينة حلب تحت حصار كامل من قوات النظام السوري مجدداً، بعد تمكن قوات النظام يوم الأحد من استعادة السيطرة على كلية التسليح والكلية الفنية الجوية ومدرسة المدفعية الواقعة جميعها على أطراف حي الراموسة جنوب غرب حلب. وبذلك تمكنت قوات النظام من السيطرة على طريق الراموسة خان طومان الذي تحول خلال الشهر الماضي إلى خط إمداد وحيد لقوات المعارضة في مدينة حلب، بعد خسارتها خلال شهر يوليو/تموز الماضي لطريق الكاستيلو شمال المدينة والذي كان يعد طريق إمدادها الوحيد إلى مناطق سيطرتها بمدينة حلب.

وانسحبت قوات "جيش الفتح" من كلية التسليح والكلية الفنية الجوية ومدرسة المدفعية جنوب غرب حلب بعد هجوم كبير شنته قوات النظام السوري والمليشيات المحلية والأجنبية الداعمة لها، مدعومةً بغطاء جوي كثيف. وتسبب الهجوم بقطع خطوط إمداد المعارضة المتمركزة في الكليات العسكرية وزاد الضغط الناري عليها ما أجبرها على الانسحاب من المنطقة، بحسب ما أكدت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد".

ولم يقتصر سبب الانسحاب من الكليات العسكرية على هجوم قوات النظام الكبير عليها يوم الأحد. بل سبق ذلك خوض قوات المعارضة المتمركزة في المناطق المحيطة بطريق الراموسة خان طومان، لمعركة استنزاف ضارية ضد قوات النظام في هذه المناطق خلال الأسبوعين الأخيرين، خصوصاً في مناطق القراصي وتلة الجمعيات التي خسرتها المعارضة منذ ثلاثة أيام فقط، وفي منطقة تلة أم القرع وتلة السيرياتيل. وقد سيطرت قوات النظام على تلة أم القرع التي تشرف على طريق الراموسة خان طومان، مما منحها إمكانية استهداف أي مركبة تتحرك على هذا الطريق الذي كان يوفر ممر إمداد وحيد للمعارضة إلى حلب. هكذا اضطرت فصائل المعارضة إلى الدفع بقواتها في هجمات انتحارية على التلة بهدف استرجاعها من دون أن تنجح بذلك، متكبدة خسائر كبيرة في صفوفها.

وتسبب هذا الاستنزاف الكبير، على طول يمتد لستين كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من حلب، بضعف إمكانية المناورة لدى فصائل المعارضة وإرسالها للتعزيزات. تجدر الإشارة إلى أن هذه الفصائل كانت انشغلت أثناء معركة الحفاظ على خط إمدادها الوحيد جنوب غرب حلب، بمعركتين كبيرتين بعيدتين عن هذه المعركة؛ الأولى معركة السيطرة على جرابلس والقرى الواقعة على الجانب السوري من الحدود السورية التركية المشتركة شمال حلب بعد طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) منها. والثانية هي المعركة التي تخوضها قوات المعارضة في ريف حماة الشمالي ضد قوات النظام والتي حقق فيها مقاتلو المعارضة تقدماً هاماً.


وساهم خوض قوات المعارضة المتمثلة بعدد من الفصائل المنضوية في جيش الفتح، كحركة أحرار الشام وفيلق الشام، لهاتين المعركتين بالتزامن مع معركة جنوب غرب حلب، بتشتيت تركيز هذه الفصائل وعدم قدرتها بالتالي على الدفاع عن نقاط تمركزها الاستراتيجية هناك، وهي النقاط التي كلفت المعارضة خسائر كبيرة حتى تمكنت من السيطرة عليها مطلع الشهر الماضي.

وتبدو قوات المعارضة في حلب في وضع لا تحسد عليه حالياً مع فشل عملية فك الحصار على المدنية والتي حشدت لها قوات عسكرية كبيرة من أكبر فصائل المعارضة في الشمال السوري. إلا أنها قد تعود لمحاولة فك الحصار مجدداً على المدينة من الجهة الشمالية هذه المرة وتحديداً من طريق الكاستيلو. احتمالات كهذه تبدو مطروحة، لأن غرفة عمليات فتح حلب التي تضم أكبر فصائل المعارضة السورية العاملة في مدينة حلب، أصدرت بياناً مساء السبت وأبلغت فيه المدنيين المقيمين في مناطق سيطرة النظام السوري الواقعة بمحيط طريق الكاستيلو الذي يسيطر عليه النظام حالياً، بضرورة مغادرة هذه المناطق خلال ثلاثة أيام من تاريخ البيان حفاظاً على سلامتهم. وأعلنت قوات المعارضة طريق الكاستيلو والمناطق المحيطة به منطقة عسكرية. أمر يشير بشكل واضح إلى نيتها مهاجمة هذا الطريق بهدف استعادة السيطرة عليه.

ومع استبعاد احتمال تمكن قوات النظام من التقدم على حساب قوات المعارضة داخل مدينة حلب بسبب تحصن الأخيرة بمناطق سيطرتها بالمدينة، وتمرسها الكبير في حرب الشوارع، يمكن عدم استبعاد أن تتمكن قوات المعارضة من فتح طريق الكاستيلو. وتطبيق هذا السيناريو يبدو محتملاً خصوصاً مع استمرار المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن هدنة طويلة الأمد في حلب، تتضمن فتح طريق إمداد لمناطق سيطرة المعارضة من طريق الكاستيلو بحلب بحسب ما أشار المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية، مايكل راتني، في رسالته التي وجهها للمعارضة السورية.

وعلى هذا الأساس، من المتوقع أن تستمر المفاوضات الأميركية الروسية بشأن الهدنة في حلب بالتوازي مع تواصل الصراع الميداني بين قوات المعارضة وقوات النظام في المدينة، حتى الوصول إلى وضع لا يكون فيه أي من الطرفين محاصراً في مناطق سيطرته فيها. ويستلزم ذلك بطبيعة الحال إحراز قوات النظام السوري مزيداً من التقدم في منطقة الراموسة لتؤمن هي الأخرى طريقاً لإمداد مناطق سيطرتها في حلب، بدلاً من طريق الكاستيلو، ليعود الوضع بذلك إلى ما كان عليه قبل شهرين، حين كان طريق الكاستيلو خطاً لإمداد مناطق سيطرة المعارضة بحلب، وطريق الراموسة خطاً لإمداد مناطق سيطرة النظام فيها.