محاولات الإطاحة بزيباري تهدّد التحالف "الكردي ـ الشيعي"

04 سبتمبر 2016
بدأ الأكراد دعوة لإعادة التصويت برلمانياً (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

لم تكن الاتهامات التي أُطلقت ضدّ وزير المالية العراقي هوشيار زيباري ومحاولات إقالته شيئاً عابراً، كما حصلت عند إقالة وزير الدفاع خالد العبيدي، إذ بدأ يأخذ الموضوع أبعاداً سياسية، ملقياً بظلاله سلباً على العلاقات الكردية ـ الشيعية، بعد تبنّي نواب من التحالف الوطني الحاكم مشروع إقالة الوزير، ما أجبر الكتل الكردية على الرضوخ إلى الحكومة العراقيّة والقبول بشروطها لتسوية الموضوع.

ودفع الخلاف بشأن أزمات الحدود والمناطق المتنازع عليها بين الحكومة والأكراد، التحالف الوطني إلى اتباع أسلوب "ليّ الذراع" ضدّ الجانب الكردي، لإجباره على تقديم بعض التنازلات لحلحلة الأزمات، بينما يفتح هذا الباب أزمة جديدة بين الجانبين على حساب تحالفهما المشترك، بحسب مراقبين. ويبذل النواب والسياسيون الأكراد جهوداً مضنية على مختلف الصعد لمنع إقالة وزيرهم، بعد تصويت البرلمان على عدم اقتناعه بأجوبته حول ملفات الفساد التي أثيرت ضدّه.

في هذا السياق، قال النائب عن التحالف الكردستاني محسن سعدون، لـ"العربي الجديد"، إنّ "جلسة التصويت رافقتها مخالفات قانونيّة كثيرة، وأنّ الجلسة شهدت حالة من الفوضى والخلاف والمشادّات الكلاميّة، ما دفع برئيس البرلمان الى رفع الجلسة ومن ثم التئامها من جديد"، مبيناً أنّ "كل ذلك أثّر قانونياً على موضوع التصويت".

وأضاف أنّ "أغلب الكتل السياسية غير مقتنعة بالتصويت، ولا بالأسئلة التي وُجّهت إلى الوزير، بالتالي ترغب تلك الكتل بإعادة التصويت على قناعة البرلمان بأجوبة زيباري". ولفت إلى أنّه "تمّ جمع أكثر من 80 توقيعاً من النواب الأكراد ومن نواب آخرين من كتل أخرى، سيتم تقديمها إلى رئاسة البرلمان لتحديد موعد جديد لإعادة التصويت".

وشدّد سعدون على أهمية "دراسة الأسئلة الموجّهة إلى الوزير وأجوبته من قبل أعضاء البرلمان، لتتم إعادة التصويت عليها"، لافتاً إلى "أهميّة أن يكون استجواب أي وزير وفقاً للأطر الدستورية، ولا يكون ضمن الاستهدافات السياسية".



في المقابل، اعتبر النائب عن التحالف الوطني، محمد الصيهود، أنّ "زيباري هو أحد الرموز التي تسببت بإفلاس العراق وهدر أمواله". وذكر الصيهود في بيان، أن "زيباري من أكبر الرموز الصنمية، الذي يصوّر نفسه فوق القانون والدستور، والذي عبث بمقدرات الأمة، ومّما يؤكّد فساده أنّه بدأ الآن بإظهار ملفات فساد على أشخاص آخرين كان متستراً عليهم". وطالب النائب البرلمان بأن "يثبت للشعب العراقي أنّه لا يتستر على الفاسدين، ولن يخضع لأي ضغط من شأنه أن يبدل قناعاته بأجوبة وبإقالة زيباري".

وأضاف الصيهود أنّ كتلته "ماضية في تحقيق الإصلاحات الجذرية والشاملة، ومتمسكة بتغيير رموز الفساد المالي والإداري في كافة مفاصل مؤسسات الدولة، وبالتالي فإنّ الجبهة ستفعّل الدور الرقابي والتشريعي للبرلمان، رغم التحديات الداخلية والخارجية التي يقودها أصحاب المصالح الشخصية والحزبية والكتلوية الضيقة".

من جهته، جزم النائب عن التحالف الوطني، هيثم الجبوري، بإقالة زيباري، داعياً رئيس الحكومة حيدر العبادي، إلى "مراعاة الخبرة والاختصاص في اختيار وزير جديد بدلاً من زيباري". وأفاد الجبوري، في بيان أنه "ننتظر من العبادي عند اختياره وزيراً جديداً للمالية، أن يراعي الاختصاص والخبرة في حل الأزمات المالية، وتعظيم إيرادات الدولة غير النفطية، وضغط النفقات الحكومية غير الضرورية؛ والتي كانت تنفق بسبب حماقات المتحاصصين". وأكد أنّ "اللجنة المالية ستكون عوناً للوزير الجديد، في حال كان بهذه المواصفات".

أما الخبير السياسي، حسن الشمّري، فاعتبر أنّ "الأكراد لم يأتوا للحوار مع العبادي، إلّا بعد أن أُجبروا على ذلك بعد استهداف وزيرهم". وأوضح، الشمّري خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أنّ "استهداف الوزير يعدّ بالنسبة للجانب الكردي ضربة بالصميم، وهم اليوم اتّحدوا إزاء هذا الموقف، وأُجبروا على الإتيان إلى بغداد وتقديم تنازلات للعبادي لم يقدّموها سابقاً، ما يعني أنّ استهداف زيباري يعدّ أقوى ضربة توجه من قبل التحالف الوطني للأكراد؛ وهو بمثابة لي الذراع". وتوقع أنّ "يؤزّم ذلك الموقف بين الطرفين ويضرب تحالفهما".

وتابع: "هذا التحالف أصبح اليوم مهدّداً بالتفكك، حتى في حال تراجع البرلمان عن إقالة الوزير، وذلك واضح من خلال بوادر الانتقام وردّة الفعل التي ظهرت من قبل النواب الأكراد، الذين كشفوا عن ملفات فساد بحق رئيس التحالف الوطني وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، وهم يحاولون إقالته ردّاً على موضوع زيباري". وأشار إلى أنّ "كل هذه التحديات وجدت طريقها أمام هذا التحالف، ما قد يعقد استمراره، وسينعكس ذلك على الانتخابات البرلمانية المقبلة".

المساهمون