التقارب الروسي التركي يقلق المليشيات السورية الكردية

16 سبتمبر 2016
اللقاء هو الأول من نوعه منذ 11 عاماً (الأناضول)
+ الخط -
اعتبرت الزيارة التي أجراها رئيس هيئة أركان الجيش الروسي، الجنرال فاليري غيراسيموف، للعاصمة التركية، أنقرة، أمس الخميس، ولقاؤه نظيره التركي الجنرال خلوصي أكار، الخطوة الأخيرة لاستكمال إعادة تطبيع العلاقات بين الجانبيين، على المستوى العسكري.

وأثار هذا التقارب قلق حزب "الاتحاد الديمقراطي"، الجناح السوري لـ"العمال الكردستاني"، من احتمال تنسيق الطرفين لعمل عسكري ضده في مدينة تل أبيض ذات الغالبية العربية، فعمد لرفع الأعلام الأميركية على عدد من المواقع في المدينة.

وتأتي هذه الزيارة، التي تعتبر الأولى من نوعها لمسؤول عسكري روسي على هذا المستوى منذ 11 عاماً، في الوقت الذي تتسارع فيه التطورات على المستوى السوري، بعد الاتفاق الأميركي الروسي، والذي لاقى ترحيباً تركياً، والذي يقضي بوقف الأعمال القتالية بين النظام والمعارضة، وإيصال المعونات الإنسانية إلى مدينة حلب، على أن يتم التعاون بين الجانبين لضرب جبهة "فتح الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، في حال نجاح الهدنة لمدة أسبوع، بعدما بدأت يوم الاثنين الماضي.

وأوضح المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، أخيراً، أنّ اللقاء يتناول التعاون العسكري بين الجانبين والوضع في سورية.  




ونقلت وكالة "الأناضول" التركية عن مصادر عسكرية محلية "تشديدها على الأهمية البالغة لزيارة المسؤول الروسي التي تمت بدعوة من نظيره التركي، كونها ستساهم في تشكيل وجهة نظر مشتركة بين البلدين فيما يخص منطقة الشرق الأوسط ومناطق الأزمات الأخرى في أنحاء العالم"، وتوقعت المصادر أنّ "تكون هناك انعكاسات إيجابية لهذا الأمر في المستقبل القريب"، واصفةً الزيارة بـ"المثمرة والإيجابية".

وتأتي زيارة غيراسيموف المفاجئة، بعدما تم تأجيلها في 26 أغسطس/ آب الماضي، في ظل الاتفاق الأميركي الروسي، وكذلك بينما تستمر المفاوضات الأميركية التركية لتوسيع عملية "درع الفرات"، التي لم تلقَ سوى انتقادات خجولة من قبل الخارجية الروسية، للتوجه نحو مدينة الباب وإجبار قوات "الاتحاد الديمقراطي" للانسحاب من مدينة منبج وتسليمها لقوات "الجيش السوري الحر" المدعومة من قبل تركيا.  

وأثار التقارب التركي الروسي مخاوف الاتحاد الديمقراطي من احتمال عقد الجانبين صفقة، تتيح لتركيا توجيه ضربه قاسمة له في مدينة تل أبيض، وكما رفع "الاتحاد الديمقراطي" علم الولايات المتحدة في مدينة منبج، خلال عملية "درع الفرات في محاولة" لردع القوات المدعومة تركياً عن التوغل باتجاه المدينة، عمد إلى رفع الأعلام الأميركية على عدد من المباني في مدينة تل أبيض.

ورغم إنكار المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، بيتر كوك، علمه بالأمر، قائلاً "طلبنا من شركائنا في السابق، عدم تعليق العلم الأميركي من تلقاء أنفسهم"، إلا أنّه لا يمكن فصل هذه التطورات عن المفاوضات الجارية بين أنقرة وواشنطن حول الدور التركي في الحرب على (داعش)، والذي تسعى أنقرة بشكل محموم لتوسيعه ليشمل الموصل والرقة، وكذلك في ظل توقف عمليات "درع الفرات" في منطقة جرابلس، منذ عدة أيام.

وحاولت واشنطن خلال زيارة نائب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، لكل من بغداد وإربيل، قبل أيام، إبعاد تركيا عن التدخل في معركة الموصل، حيث قدّم المسؤول الأميركي ضمانات، لرئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البارزاني، بعدم مشاركة "الحشد الشعبي" في المعركة.

وبالتزامن مع ذلك، ناقش الطرفان الزوسي والتركي عددا من المواضيع العسكرية التي تهم الطرفين كالتطورات في الصراع الأذري الأرميني في القوقاز، وكذلك لتليين التنافس القائم بينهما في البحر الأسود.

وفيما بدا إشارة لرؤية موسكو للصراع بينها وبين أنقرة (العضو في حلف شمال الأطلسي) على السيادة على البحر الأسود، أدلى رئيس هيئة الأركان الروسي، قبل يوم من توجهه لأنقرة بعدد من التصريحات، قيّم خلالها القدرات العسكرية الروسية في البحر الأسود، قائلاً "قبل عدة سنوات كانت القدرات القتالية للأسطول الروسي في تناقص صارخ مع البحرية التركية، حتى إن البعض كان يقول بأن تركيا تسيطر على البحر الأسود، ولكن الأمر اختلف الآن".

وأشار غيراسيموف إلى أنّ أسطول البحر الأسود الروسي تم تعزيزه بعدد من الغواصات التي تحمل صواريخ كاليبر، موضحاً أنّ "هناك ثلاث غواصات الآن في البحر الأسود، وسينضم لها غواصة رابعة قريبا، وكذلك ستصل غواصتان العام المقبل، ليصبح العدد ست غواصات".

وأضاف أنّ "الأسطول الروسي الآن في البحر الأسود قادر على تدمير قوى العدو البرمائية في موانئ مغادرتها"، معتبراً أنّ "هذا أمر مهم، لأنه يجب عدم السماح لقوى الإنزال التابعة للعدو بالوصول إلى سواحل شبه جزيرة القرم، من أي مكان ستأتي منه".